بنك السودان المركزي

يعلن المصرف المركزي السوداني اليوم الأحد، تفاصيل آلية جديدة لتحديد سعر الصرف، أطلق عليها (صنّاع السوق)، وذلك بعد زهاء العامين من التدهور، الذي لازم العملة السودانية أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وبلوغها أدنى مستوياتها أمس السبت، في السوق الموازية إلى 46 جنيهًا للدولار من 20 جنيهًا خلال تلك الفترة.

وتعد آلية (صنّاع السوق)، التي سيلزم بسعرها المعلن، البنوك والصرافات والمصدّرين والمغتربين، إحدى الوسائل التي اختارتها الحكومة ضمن حزمتها الجديدة للإصلاح الاقتصادي، التي أعلنتها الخميس الماضي. وشملت تلك الحزمة، إعادة النظر في سياسات الاستيراد والتصدير وشراء الذهب، وتعتبر الآلية، بديلا للجنة التي تجتمع كل صباح في بنك السودان المركزي في الخرطوم، لتحديد سعر صرف للعملات الأجنبية مقابل الجنيه، والسعر التأشيري للدولار.

ووفقًا لمصادر في مصرف السودان المركزي، فإن الآلية التي سيعلنها اليوم الأحد محافظ بنك السودان المركزي الدكتور محمد خير الزبير، تضم ثلاثة بنوك رئيسية تتعامل في النقد الأجنبي هي (الخرطوم، وفيصل الإسلامي، والتضامن الإسلامي)، وصرافتين وخبيرين اثنين محايدين، أحدهما من كبار تجار العملة في البلاد.

ووفقا للمصدر الذي رفض نشر اسمه "ستعمل آلية (صنّاع السوق) للتوصل يوميا، إلى سعر معقول يردم الفجوة بين السعر التأشيري غير الواقعي، وبين سعر السوق الموازية"، وأضاف أن "آلية (صنّاع السوق) ستعمل بناءً على معلومات تقدمها الحكومة والصرافات والبنوك، وبناءً على التدفقات النقدية من العملات الحرة القادمة من الصادرات والمغتربين، أو أي موارد أخرى".

ويشير المصدر إلى أن (صنّاع السوق) سيقدرون سعر الدولار في الصرافات والبنوك من صباح كل يوم، وسيكون هو السعر الذي ستشتري به البنوك حصائل الصادر من المصدرين، وستبيع به إلى المستوردين وتغطى به الاحتياجات الأخرى من سفر وعلاج وخلافه.

ويبلغ السعر التأشيري للدولار حاليا في بنك السودان المركزي نحو 28.5 جنيه وسعره الرسمي في المصرف المركزي 18 جنيهًا، وسعره في السوق الموازية 46 جنيهًا، علمًا الجنيه السوداني أن هوى إلى مستويات قياسية منخفضة في السوق السوداء بداية هذا العام، بعدما جرى تخفيض قيمته إلى 18 جنيهًا للدولار من 6.7 جنيه عقب دعوة صندوق النقد الدولي إلى تحرير العملة في ميزانية العام الجاري التي رفعت أيضا الدولار الجمركي من 6.9 إلى 18 جنيهًا.

وفي فبراير (شباط) الماضي أعلن مصرف السودان المركزي سعرًا تأشيريًا جديدًا للدولار، عند 30 جنيهًا سودانيا، لكنه خفضه إلى 28.5 جنيهًا في الشهر نفسه، لتحسن سعر الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية في السوق الموازية.

ويرى خبراء اقتصاد ورجال أعمال ومحللون أن قيام آلية صنّاع السوق باستقلالها وحيدتها، ستعمل على تضييق الفجوة بين سعر السوق الموازية وسعر "صنّاع السوق"، وذلك سيشجع المصدرين الأمر الذي قد ينهض الصادرات، وقال الدكتور سعود البرير رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني، إن السياسات النقدية والمالية التي تم الإعلان عنها، ستعمل على جذب التعامل للنقد الأجنبي إلى داخل السودان.

وقال عادل الباز المحلل الاقتصادي المقرب من بنك السودان المركزي، إن الحكومة بهذه الخطوة ستُشرك آخرين في تحديد سعر الدولار، وهي فكرة رائعة، يتوقع منها أن تضيق الفجوة بين السوق الموازية، التي ستظل موجودة، لكنها يمكن أن تتراجع تدريجيًا، على غرار تجارب كثيرة، كما أضاف أن المشكلة الأساسية هي حصائل الصادر، فالسعر التأشيري الذي كان يعلنه بنك السودان ليس عادلًا مع المصدرين، ما أدى إلى خسائر كبيرة للمصدرين، وتراجعت الصادرات.

إلى ذلك حذّر وزير المال السوداني، البنوك، من مغبة التحايل والتلاعب بآلية صنّاع السوق، التي أقرت مؤخرا ضمن السياسات الجديدة لإعادة توازن الاقتصاد. وأكد أن الآلية ستكون مستقلة استقلالا تاما، وهي التي ستعلن فقط السعر المعقول للدولار، وعلى ضوئه ستعمل الحكومة بالسعر المقترح في عملياتها التصديرية والاستيرادية وتحويلات المغتربين.

واتسعت الفجوة بين سعر الدولار في السوق الموازية للصرف بالسودان والسوق الرسمية، في أبريل (نيسان) الماضي، وهو ما زاد من الضغوط التضخمية على المواطنين. وكان التضخم في السودان ارتفع إلى 67 في المائة الشهر الماضي، بينما كان بنك السودان المركزي نفّذ في يناير (كانون الثاني) الماضي حملة كبرى ضد الاتجار بالدولار، عندما بلغ سعره 38 جنيهًا، ونفذ عقوبات رادعة ضد عدد كبير، لكن كثيرين من التجار ظلوا قابعين في منازلهم ومكاتبهم يستخدمون وسائل تقنية في إدارة أعمالهم.

ويعول السودان على الموسم الزراعي الحالي، الذي زُرعت فيه البلاد أكثر من 50 مليون فدان لتحقيق نمو في محاصيل الصادر. وتعطي آلية صنّاع السوق مرونة للمصدرين وتمنحهم حوافز تؤمن لهم الحصول على عوائد صادرات بالسعر المجزي للعملة الأجنبية