عدن - حسام الخرباش
شهد الريال اليمني هبوطًا حادًا أمام الدولار الأميركي في اسعار الصرف باليمن ،حيث تهاوى الريال إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، عند 386 ريالا أمام الدولار الواحد في محلات الصرافة، فيما بدأ تجار شراء الدولار بـ390 ريالا. وعلق البنك المركزي اليمني على هذا التهاوي للريال باتهام المضاربين بالتسبب في هبوط سعر صرف العملة المحلية، مطالبا بالتصدي لمن وصفهم بـ"العابثين والمتلاعبين بالعملة المحلية".
واجتمع رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر مع القائم بأعمال محافظ البنك المركزي أحمد أبوبكر حسين في العاصمة المؤقتة عدن لمناقشة وضع الريال اليمني. ودعا القائم بأعمال البنك المركزي أحمد أبوبكر حسين إلى "ضرورة اتخاذ ما يلزم لمجابهة كل العابثين والمتلاعبين بالعملة المحلية، خاصة من يتجاوزون أحكام قوانين البنك المركزي وقانون البنك وقانون الصرافة". ووجه رئيس الحكومة بإنفاذ أحكام القوانين النافذة فيما يتعلق بإصدار تراخيص مزاولة المهنة لدى البنك المركزي اليمني من مكتبه الرئيسي في العاصمة المؤقتة عدن"، داعياً المخالفين إلى تصحيح أوضاعهم حتى نهاية الشهر المقبل.
وكان البنك المركزي اليمني أقر منتصف أغسطس/آب الماضي تحرير سعر الريال اليمني، وتحديد سعر الصرف الأجنبي وفقا لآليات العرض والطلب.وبعد يوم من قرار التعويم، اعتمد البنك المركزي سعر الصرف بـ250 ريالا للدولار الواحد، الذي ظل ثابتا حتى مطلع الشهر الجاري، قبل أن يتراجع إلى أكثر من 386 ريالا.
وقال المحلل الاقتصادي اليمني رامي الاغبري إن البنك المركزي اليمني تبنَّى منذ العام 1996م سياسة صرف قائمة على التعويم في اطار برنامج التصحيح الإقتصادي والمالي وفقا لذلك ترتيبات تثبيت سعر الصرف للدولار الاميركي وتعدد اسعار الصرف في السوق النقدية ، ومن المتعارف عليه في مجال سياسات إدارة سعر الصرف إن التعويم يقوم أساسا على تحديد سعر الصرف وفقا لمؤشرات سعر الصرف في السوق وعوامل العرض والطلب من النقد الاجنبي ، مشيرًا الى أن نهجًا كهذا يتطلب بطبيعة الحال توفر احتياطات خارجية وادوات أخرى بالإضافة الى مقدرة السيطرة على الائتمان المحلي خاصة الموجه لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة تمكن البنك المركزي اليمني من التدخل في حالة رغبته في الحد من تحرك سعر الصرف وهو ما يطلق عليه التعويم المدار ، وبالتالي كانت منشورات البنك المركزي السابقة عن سعر الصرف الرسمي تعكس سعر السوق ولم يكن هناك فارق كبير بين السعر الرسمي وسعر السوق لإمتلاك البنك المركزي احتياطات خارجية مناسبة .
وأضاف الاغبري: "عندما ادرك البنك المركزي اليمني في مارس/آذار 2016 م أن الاحتياطات على وشك النفاذ أتخذ قرارا بالحد من مثل هذا التدخل وأكتفى بدعم سعر صرف سلعتين من السلع الأساسية وهي القمح والارز وتخلى عن بقية أنواع الدعم وقرر بموجب ذلك أن يكون مؤشر الدعم يستند على سعر ثابت يتم التعامل به مع البنوك لأغراض تقييم مراكزها المالية وتسوية الالتزامات الناشئة عن دعم سعر صرف بعض واردات السلع الاساسية وهو (250) ريال يمني للدولار الأمريكي ، أما سعر الصرف فقد في السوق أستمر على نفس السياسة القائمة على التعويم وبالتالي استمر في الانحراف بعيدا عن هذا السعر المعلن ، وفي مايو 2016م عجز البنك المركزي تماما عن الوفاء بالتزاماته تجاه البنوك في تغطية الإعتمادات المستندية لهذه الواردات السلعية بسعر صرف (250) ريال للدولار الأمريكي ولا تزال الالتزامات التي نشأت عن ذلك قائمة حتى اليوم .
وتابع الاغبري: "ظل سعر الصرف الرسمي الذي تحدد اداريا بـ (250 ) ريال يمني للدولار الاميركي سعرا دفتريا في البنوك ليس الا ، ولم يكن له أثر فاعل في عملية العرض والطلب للنقد الاجنبي واستغل من بعض البنوك لتعظيم منفعتها الخاصة للإستحواذ على فارق سعر الصرف الناتج عن ذلك لصالح حساب المتاجرة والكسب السهل كما نتج عن ذلك بعض الممارسات المخله ، وبهذا يمكننا ان نطلق على ذلك بأنه كان سعرا وهمية في الإقتصاد اليمني إن جاز التعبير ، وبالتالي قرار البنك المركزي اليمني هو تصحيح لوضع قائم وليس انتقال لسياسة سعر صرف جديدة ، فسياسة سعر الصرف في الجمهورية اليمنية أساسا قائم على التعويم منذ 1996م وليس على ترتيبات التثبيت بعمله واحدة او سله من العملات الحرة .
من ناحية أخرى ، سيساهم هذا التصحيح في جذب المنح وغيرها من موارد للنقد الأجنبي المتأتية من الخارج، خاصة المنح التي سيطلقها البنك الدولي والمانحون الاخرون قريبا مثل برنامج التحويلات النقدية الخاص بصندوق الرعاية الاجتماعية ، ومحفظة دعم الواردات السلعية وجهود الإغاثة الإنسانية ودعم بعض المشروعات في مجال خدمات التعليم والصحة العامة. ويمهد هذا القرار اوضاع مناسبة لإطلاق ومباشرة برنامج إعادة الإعمار في الجمهورية اليمنية المدعوم من قبل المانحين الرئيسين وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ".