القاهرة-سهام أبوزينة
حذرت كسينيا يودايفا، نائبة مديرة البنك المركزي الروسي، من التأثير السلبي لتزايد عبء الديون، وقالت: «عبء الديون المفرط (عن القروض للأفراد والمؤسسات)، يمثل دون شك عامل كبح للنمو الاقتصادي، وأحياناً على المدى البعيد كما قد يؤدي بما في ذلك إلى مشكلات اجتماعية»، مؤكدة أن «المركزي» يتخذ تدابير لتهدئة الوضع في مجال القروض الاستهلاكية، بعد إقبال كبير عليها من جانب المواطنين خلال الفترة الماضية.
جاءت تصريحات يودايفا خلال كلمة ألقتها أمام المنتدى العلمي الدولي لمشكلات «النمو الاقتصادي والمجتمع»، في الوقت الذي تتحدث فيه تقارير رسمية عن تراجع قياسي في حجم الاستثمارات الخارجية في رأسمال الشركات الروسية من القطاعات غير المالية، وذلك بعد «هروب» كبير لتلك الاستثمارات، مقابل تدفق ضعيف للاستثمارات الجديدة. فيما أجمع محللون وخبراء روس على أن العقوبات الأميركية سبب رئيسي لهذا الوضع.
وقالت نائبة مديرة البنك المركزي الروسي إن «النتائج الحالية تُظهر تأثيراً لضغط التضخم أدنى من التوقعات، ونحن نقيم الوضع الاقتصادي بأنه قريب من التوازن»، مشيرة إلى «توازن»، لكن في الوقت ذاته «مع وتيرة نمو اقتصادي ضعيفة نسبياً»، محذرة من "دولرة القروض" (أي سحب قروض بالدولار الأميركي)، قائلة إن هذه الظاهرة تحمل في طياتها مخاطر على استقرار الاقتصاد الروسي، على المديين القريب والمتوسط، لكنها عادت وقللت من شأن تلك المخاطر، حين أشارت إلى «نزعة إيجابية نلاحظها في الآونة الأخيرة، حيث نرى تراجعاً ملموساً على دولرة القروض».
على صعيد متصل، قال البنك المركزي الروسي، في تقرير، أمس، إنه سجل «هروباً» قياسياً للاستثمارات الخارجية في رأسمال الشركات الروسية. وحسب التقرير، فإن الاستثمارات الأجنبية في رأسمال الشركات المحلية، من خارج القطاع المالي، انخفضت العام الماضي حتى 6.5 مليار دولار، وهو أدنى حجم لهذه الاستثمارات منذ عام 1997، إذ قام المستثمرون الأجانب العام الماضي بسحب 22.4 مليار دولار من استثماراتهم في شركات روسية، بينما لم يتجاوز حجم الاستثمارات الجديدة في رؤوس أموال الشركات 15.9 مليار دولار، وهذا مستوى أقل بمرتين عن المتوسط السنوي لحجم الاستثمارات الخارجية في رأس مال الشركات الروسية، خلال السنوات العشر الماضية.
ويوضح التقرير أن رصيد تلك الاستثمارات عام 2018 (قيمتها بعد حسم الاستثمارات الهاربة من قيمة الاستثمارات الجديدة خلال العام) كان سلبياً لأول مرة منذ 2015. وللمقارنة تدفقت خلال عام 2016 استثمارات خارجية على رؤوس أموال شركات القطاعات غير المالية بقيمة 18.2 مليار دولار، وبقيمة 9.7 مليار دولار عام 2017، ومع نهاية عام 2018 تراجع حجم استثمارات غير المقيمين، بما في ذلك إعادة استثمار الدخل والاستثمار في أدوات الدين، حتى مستويات منخفضة قريبة من أدنى مستويات سُجلت للاستثمارات الخارجية خلال سنوات 1994 - 2002.
وقال سيرغي بوخوف، كبير الخبراء من المدرسة الروسية العليا للاقتصاد، إن «المستثمرين اضطروا للتخلص من أسهم وسندات دين شركات تضررت نتيجة العقوبات الأميركية، مثل شركة (روسال) وشركات أخرى يسيطر عليها أوليغ ديريباسكا». وتتفق معه ناتاليا أورلوفا، كبيرة الاقتصاديين في «ألفا بنك»، التي قالت إن «تراجع الاستثمارات الخارجية في رأس مال الشركات الروسية من القطاعات غير المالية، بدأ منذ عام 2017، لكنه ظهر بشكل قوي العام الماضي»، وأحالت ذلك إلى تأثر سلوك الشركات بالعقوبات الأميركية ضد روسيا، وقالت: «بعد أن كانت الشركات تنظر سابقاً إلى ضعف الروبل وأزمة الاقتصاد الروسي باعتبارهما فرصة لتعزيز وجودها في السوق الروسية، وتحسين الشروط التنافسية لمنتجاتها، فإن الوضع بات خاضعاً الآن لضغط العقوبات».
قد يهمك ايضا
المصرف المركزي الاماراتي ونظيره بروسيا البيضاء يوقّعان مذكرة تفاهم