بيروت :غنوة دريان
تعتبر شيرين عبد الوهاب، من النجوم التي انطلقت من القاع لتصل إلى القمة، وذلك بفضل الحنجرة الذهبية التي تمتلكها، تنحدر من عائلة بسيطة، في حي شعبي وهذا شيء لا يعيب أي فنان، اكتشفها المنتج نصر محروس هي وزميل الكفاح الفنان تامر حسني منذ بداية حياتها الفنية وهي في صراع مستمر مع المحيطين بها ولكن كل تلك المشاكل، لم تقف حاجزًا في تنامي شعبيتها يومًا بعد يوم، فالجمهور العربي يعشق شيرين، وهي مطربة صاحبة إحساس خاص وتعرف بذكاء شديد إرضاء جمهورها حيث تقدم له أعمالا غنائية تقدم من خلالها جرعة فنية أصيلة في ظل زمن الفن المتردي الحالي.
وتعيش شيرين، منذ أن وطأت قدمها أرض الشهرة، حياة مضطربة، تزوّجت من الموزّع مدحت خميس ولم يعرف عن هذا الزواج سوى أنه أتى بالصدفة البحتة بعد أغنية "آه يا ليل" التي سجّلت نجاحًا مدويًا، وفتحت أبواب الشهرة لها، وأقبلت شيرين على الحياة بقوة وطموح ولكن الطريق كان شائكًا، سواء على المستوى العاطفي أو المستوى العملي.
تزوجت شيرين من الموزع الموسيقي محمد مصطفى وأنجبت مريم وهنا، ولم تكن هذه العلاقة الأولى والأخيرة في حياتها التي باءت بالفشل، فبعد مدحت خميس، ارتبطت بشاب مصري يعيش في الولايات المتحدة الأميركية في علاقة أثّرت بشكل كبير عليها، بعد انفصالها عن والد بناتها، خاصة وأن تغييرًا كبيرًا طرأ على تركيبتها الشخصية، أصبحت أكثر هدوءًا وأكثر شعورًا بالمسؤولية بعد أن أصبحت أما، وبعد الطلاق حصلت عدة محاولات من أصدقاء مشتركين لإعادة المياه إلى مجاريها، وعقب فشل محاولات الصلح بينها وبين زوجها ارتبطت شيرين برجل من خارج الوسط الفني وأقامت في أحد الفنادق المطلة على النيل مع زوجها وكانت بدل الإقامة فيه 70 ألف جنيه في الشهر الواحد، ويقال على لسان العاملين في الفندق أن شيرين كانت سخية للغاية مع العاملين، ولكن هذه الزيجة لم تدم طويلا في ظل حياة عملية اكثر اضطرابًا
وتعدّدت مشكلات الفنانة شيرين، مع نقابة الموسيقيين، ومع الراحل حسن أبو السعود، ومع صانع نجوميتها نصر محروس، وجارها الفنان شريف منير التي وصلت إلى أروقة المحاكم، وخلافها مع إدارة دار الأوبرا المصرية ومنذ ذلك الحين وحتى الآن شيرين ممنوعة من الغناء في دار الأوبرا بالإضافة إلى صراعها الذي تحطمت فيها جميع الخطوط الحمراء، حيث تم نعتها بأبشع الصفات حينما كانت في برنامج "ذا فويس" وخلعت حذائها وضغطت على الباز، بعد أن فشلت في الضغط بيدها.
"ذا فويس" مسلسل "طريقي" برنامج "شيري استديو"، بالإضافة إلى المال و الشهرة وحب الناس هذه العوامل جعلت شيرين صاحبة ردود فعل عفوية وغير محسوبة، حتى قررت اعتزال الفن في قرار جاء بشكل عشوائي وتم التراجع عنه بعد تدخل العديد من أصدقائها وعلى رأسهم المنتج علي المولى، قالت شيرين يومها أنها قررت الاعتزال بناء على طلب ابنتيها ولكن ذلك كان بعيدا كل البعد عن الحقيقة فالسبب كان عاطفيا بامتياز ولكن شيرين تستطيع من خلال تركيبتها الشخصية بعد كل انكسار أن تنطلق من جديد.
ووصلت شيرين إلى مرحلة بدأت تشعر فيها أنها أصبحت رقمًا صعبًا في المعادلة الفنية من الصعب إلغائها فكان الهجوم على عمرو دياب أو الهضبة، حيث قالت آنذاك "إذا كان هو الهضبة فانا الهرم"، وأضافت أنها امرأة حرة وهو تعبير غريب أتى خارج سياق الهجوم ولكن شيرين ومن خلال هذا الهجوم أرادت أن تؤكد بأنها نجمة صف أول مثل عمرو دياب ولا تقل أهمية عنه في الساحة الغنائية وعندما حاول إيهاب توفيق الدفاع عنه أسكتته وأسكتت عمرو مصطفى وكأنها لديها رغبة عارمة في الإطاحة بكل من يحاول الوقوف بوجهها لدرجة أنها تهكمت على تونس وهي تحي مهرجانات قرطاج، وقالت إن ابنتها لا تعرف لفظ كلمة تونس فتقول "بقدونس معليش الاثنين خضر"، أمام مئات الآلاف من محبيها، وتصدت لطيفة لشيرين على "تويتر"، ولكن شيرين لم تعرها أي اهتمام.
وحلّب الدكتور جمال حافظ، الشخصية المبدعة من جانب والمتهورة من جهة أخرى لشيرين عبد الوهاب، منذ أغنية "أه يا ليل " وصولاً إلى عبارة "أنا الهرم"، حيث أكّد أنّها "فنانة موهوبة ومحبوبة، والشهرة والمال غالبًا ما يخلقان اهتزازًا في حياة الفنان ولكن هذا يحصل في بداياته وشيرين ليست ابنة أمس في عالم الغناء، ولكن يبدو أنها في البدايات وحتى سنين خلت لم تكن قادرة على مواجهة الآخرين بالشكل الذي تتمناه، أو يشبع الأنا الذي في بداخلها، وعندما وصلت إلى مرحلة شعرت معها بالأمان المادي، وأنها قادرة على المواجهة، فهاجمت من تعتبر لأنها أصبحت ندا له في عالم الغناء فهو هضبة الغناء الرجالي وهي هرم الغناء النسائي، ربما تعرضت شيرين للكثير من الإساءات التي لم تكن قادرة على مواجهتها سواء من عمرو دياب أو من غيره والسنوات الأخيرة منحتها هذه القوة متسلحة بالمال و بالزواج ولكن بعد الطلاق وكأي فنان حساس بدأت تشعر بالوحدة وعندما ذكرت تعبير أنا امرأة حرة الذي كما تقولون أتى خارج السياق فقد أقدمت على ذلك من أجل أن تؤكد لنفسها قبل أن تؤكده للآخرين بأنها سيدة قرارها ولا يوجد أحد يمكنه التأثير عليها وهذا شيء طبيعي يبدر من إنسانة صنعت نفسها بنفسها، فهي في حالة قتال مستمر كل يوم لمواجهة صعاب الحياة، وكونها وصلت إلى هذه المرتبة وأصبحت مطربة صف أول متسلحة بالمعجبين و النجاح و المال و الشهرة، تشعر بأنها تملك القوة لمواجهة كل من كانوا يومًا ما أكثر منها قوة وشهرة، والشعبية الكبيرة التي تتمتع بها جعلتها تعتقد بأن جميع هفواتها ومواقفها حتى تجاه البلدان مثل تونس، سوف يغفرها الجمهور لها بمجرد أن تعتذر وحتى إذا لم تقم بخطوة الاعتذار، وكل من يحاول مواجهتها من زملائها لن تسكت له لأنها تريد أن تثبت لهم بانها إنسانة قوية فهي تدافع عن الإنسانة الضعيفة الموجودة في داخلها وحالة التخبط الذي تعيش فيها ناتج عن التمزق في شخصيتها ما بين الإنسانة القوية التي تحاول تصديرها و الأخرى الهشة التي تكمن في داخلها".