القاهرة - إسلام خيري
حقق الألبوم الجديد للهضبة عمرو دياب نجاحًا كبيرًا في غضون ساعات قليلة، وتصدر قوائم أفضل الألبومات مبيعًا في عدد كبير من الدول العربية، وسواء اتفقنا أو اختلفنا على الألبوم الجديد " معدي الناس " إلا أنه يؤكد أن حفاظ عمرو على قمة النجاح أمر يحتاج للدراسة، فهناك الكثير من أبناء جيله استطاعوا الوصول إلى القمة لكنهم سرعان ما اختفوا ولم يتعلموا من مقولة "الوصول إلى القمة أمر سهلًا .. لكن الحفاظ عليه صعب " ، الهضبة يواصل العطاء ومحاولة التطوير والتنوع في كل ألبوم جديد يقدمه وقبل طرحه ينتظره جمهوره بشغف رغم أنه في أخر أربع ألبومات لم يكن جيدًا فنيًا ومع ذلك لم يبعد الجمهور عنه، بل يسانده ويدعمه ويجعل ألبوماته الأعلى مبيعًا، حتى أن حفلته الأخيرة في مارينا التي أقيمت خلال الأيام الماضية تم نفاذ التذاكر قبل الحفلة بأكثر من أسبوع، والتي يحصل فيها الهضبة على أجر مليون ونصف جنيه، ربما دياب لم يملك صوتًا قويًا مثل مدحت صالح أو علي الحجار وهم من جيله لكنه يملك قدرة كبيرة على التسويق والنجاح وتحقيق أرقام مبيعات جيدة والوصول إلى جميع الأجيال سواء الشباب أو الكبار لأنه متجدد ومتطور ويواكب العصر، وهو ما جعل الكثير يشبهونه بذكاء عبد الحليم حافظ الذي لم يتمتع بصوت قوي أيضًا.
دياب الذي خرج من عباءة شركات الإنتاج سواء التي حقق معها نجاحًا أو التي لم يحقق معها مثل روتانا التي لم يشهد معها نجاحات سوى في ألبومين فقط، قرر الاعتماد على نفسه والإنتاج الخاص من خلال شركته، وبعد فشل ألبومه السابق أحلى وأحلى" الذي مر مرور الكرام بدأ يعالج أخطائه في ألبومه الجديد " معدي الناس " وذلك من الناحية التسويقية وليست الفنية حيث أكد الكثير من النقاد أن الألبوم الجديد لا يعد الأقوى في مسيرته الفنية، ومع ذلك حرص فيه على التنوع وتقديم أغاني مختلفة وعدم الاعتماد على اللون الغربي فقط بل قام بتقديم أغاني شرقية نالت استحسان الكثيرين في ظل رغبة عمرو للعودة مرة أخرى لأحضان الجمهور وإثبات أنه مطرب قادر على التنوع، والدليل على ذلك أن الألبوم شهد تصالحه مع عدد من الشعراء والملحنين الذي حدث بينهم أزمات ومشاكل خلال السنوات الماضية ولم يتعاون معهم قرابة الأربع أعوام.
وشهد الألبوم الجديد عودة الملحن عمرو مصطفى بعد اعتذاره للهضبة على مواقع التواصل الاجتماعي ويتردد أن من تسبب في الصلح هو الشاعر تركي آل الشيخ واستطاع أن يقدم معه أغنيتين في الألبوم وهم " أجمل عيون " و " قلبي اتمناه "، وشهد أيضا عودة أيمن بهجت قمر الذي اعتذر للهضبة أيضا بنفس الطريقة وتحدث معه وبارك له على الألبوم الجديد ثم اقترح عليه عمرو البحث عن أغنية جديدة فقدم له " نغمة الحرمان " والتي نالت إعجابه وقرر أن يقدمها ويلحنها محمد يحيي الذي اعتذر أيضا وعاد ليتعاون مع الهضبة.
الأزمة بين الثلاثي والهضبة كانت بسبب عدم وقوف دياب معهم من قبل في مشكلتهم مع روتانا والتي لم تعطيهم مقابلًا لحقوق توزيع أغانيهم حسبما أشاروا في السنوات السابقة، لكن الخطأ بينهم وبين روتانا استطاع عمرو في الألبوم الجديد أن يداويه حيث أعطاهم كل حقوقهم الأدبية والمادية في بنود التعاقد، لكن عودة الثلاثي لم تأت بما تشتهيه سفن الشاعر بهاء الدين محمد حيث أن دخول أغانيهم كانت بمثابة خروج لأغاني بهاء، حيث استبدل الهضبة أغاني " قال فاكرينك .. ولسه خيالي .. وأنا وهي .. وياللي حكايتي معاك حكايات " من الألبوم بما قدمه بهجت ومصطفى، وهو الأمر الذي أغضب بهاء ووعد عمرو بأنه سيظل ناجحًا ومستمرًا " ولم تشأ أقدار الصلح بينهم أن تجمعهم بعد أزمة استمرت عدة سنوات.
لم تكن الأزمات والصلح هي ما أثارت الجدل في الألبوم الجديد فقط، لكن قصص الحب والغرام كان لها حيزًا كبيرًا عند الجمهور وبدأت مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد على تقديم الهضبة أغاني إلى الفنانة دينا الشربيني خاصة أن كثيرًا من المواقع الإعلامية كانت تردد الخبر، وبالتحديد في أغنية "يا أجمل عيون" ورغم أنها لم تكن الأفضل في ألبومه إلا أنها أثارت الجدل وفور تأكيد البعض أنها إلى دينا الشربيني ظهر عمرو مصطفى يؤكد أنه قام بتلحينها لزوجته وأخبار أخرى تؤكد أن الشاعر تركي قدمها للفنانة أمال ماهر، ولكن لا نعلم إن كانت كل هذه الأمور حقيقة أم محاولات من الهضبة لإبعاد الأعين وإثارة الجدل حول دينا مرة أخرى، خاصة أن هناك من أكد أن اختياره للأغنية مقصود من أجل رغبته في تقديم أغنية جريئة تثير الجدل، لكن في نفس الوقت اعتاد عمرو أن يضم أغاني للشخصيات التي يحبها في ألبوماته والتي لا تعد الأولى من نوعها مثلما فعل ذلك مع زوجته شيرين في " متخافيش " و" حبيبي يانور العين" لابنته نور، وأغنية لابنته كنزي ثم لابنته جنى، فهل من الممكن أن يقوم عمرو بغناء أغنية لحبيبة وزوجة ملحن أو شاعر وليس لحبيبته ؟!
وحول تقييم الألبوم ونجاحه، أكد الناقد أشرف عبد الرحمن في تصريحات لـ " اليمن اليوم " أن ألبوم عمرو دياب الجديد " معدي الناس " به تنوع من خلال الأغاني المقدمة لكنها رغم ذلك لم تضف إلى رصيد عمرو كثيرًا ولا تمثل محطة رئيسية في حياته مثل " تملي معاك " و " ميال ميال " أو علامة بارزة في حياته الفنية ولا نقلة في الموسيقى التي يقدمها، لكن الألبوم يعد إعادة لتواجده على الساحة الغنائية وأنه مازال متواجدًا في ظل أنه أفضل من الألبوم السابق " أحلى وأحلى" الذي طرحه العام الماضي والذي لم يحقق النجاح المطلوب ولم نشعر بأغانيه، مشيرًا إلى أن عمرو من خلال هذا الألبوم يثبت أنه قادر على تقديم ألوان مختلفة منها اللون الشرقي الأصيل مثل أغاني " أحلى حاجة " و " أه يا حبيبي " وهما من أغاني الطابع الشرقي الجميل والتي اعتبرها الأكثر جاذبية في الألبوم بجانب أغنية " نغمة الحرمان " ، وهو عكس ما اعتاد عمرو على تقديمه من أغاني بتوزيعات غربية والتي استطاع من خلالها أن يصل إلى العالمية، حيث استطاع أن يوفر ويقدم تنوعًا عامًا وإرضاء لجميع الأذواق المختلفة.
وأوضح أشرف، أن الألبوم أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال أغنية " يا أجمل عيون " والتي أثارت كلماتها تساؤلات الجمهور حول من صاحبة برج الحوت التي يتحدث عنها في الأغنية وحديث حول ارتباطه بإحدى الفنانات، وهنا ابتعد الجمهور عن قيمة العمل الفني بدون الحديث عن الألبوم وأغانيه، ودخل في الأمور الشخصية، مشيرًا إلى أن الأغنية المثيرة للجدل استطاع الملحن عمرو مصطفى أن يقدم بها لحن مختلف عما قدمه من قبل من خلال وجود الطابع الشرقي فيه، وهي من الأغاني التي ستحقق نسب مشاهدة عالية رغم أنها ليست أقوى أغاني الألبوم، وبالرغم من تفوق عمرو مصطفى في هذه الأغنية إلا أنه في " قلبي أتمناه " يقدم نفس النمطية السابقة بعكس " أجمل عيون " .
وأشار إلى أن الألبوم يتميز بوجود تنوع على مستوى الكلمات مثل التي قدمها أيمن بهجت قمر وهي " نغمة الحرمان"، موضحًا أن عودة عمرو مصطفى وأيمن بهجت مع عمرو دياب هي إعادة لإعلان التواجد من الثلاثي مرة أخرى لأن كلا منهم عندما ابتعد عن الأخر لم يكن إنتاجهم مثل السابق مع الآخرين لكن عودة العمالقة استرجاع للتاريخ وذكاء من عمرو للتواجد مع كل الأجيال رغم أن الألبوم ليس أقوى ألبومات دياب، والأمر نفسه في اختياره المناسب لوقت الطرح.
وأضاف أن الألبوم يثبت ايضا أن دياب لديه خواطر لحنية جيدة حيث أنه قام باللحن لأغنيتين في الألبوم، ورغم أنه لا يقصد خوض تجربة التلحين والتي اعتبرها خواطر إلا أن الألحان التي يقدمها دائما تحقق نجاحًا وتجد بها طابعًا مختلفًا عن باقي الملحنين حيث أنه قدمها بشكل شرقي ايضا حيث أنه يتميز بامتلاكه للناحية الشرقية بأسلوب عصري حديث وهو ما جعله يتفوق على أبناء جيله ويستمر حتى الآن، ورغم أن هناك أصوات أقوى منه مثل مدحت صالح لكن عمرو أكثر تطورًا في ظل تطلعه على الموسيقى العالمية، فهو أضاف للموسيقى بشكل حديث وعصري وأمتع جيله والأجيال المختلفة.
وتابع انفصاله عن روتانا لم يؤثر على عمرو لأنه نجم كبير، كما أن شركة ناي للإنتاج الفني والشركات الدعائية قامت بدعاية كبيرة وضخمة أكثر من التي تقدمها له روتانا وكان لها عامل مهم في انتظار الجمهور للألبوم وسماعه قبل طرحه رسميًا في الأسواق، وتعاون هذه الشركات الدعائية تؤكد أن عمرو متربع على الساحة الفنية.
وتعجب أشرف من اختيار الهضبة لأغنية "معدي الناس" لتكون الأغنية الرئيسية للألبوم رغم أنها ليست الأفضل، واعتبر أن اختياره لها هي دلالة للرد على الهجوم الذي تعرض له في الأيام الماضية فهو يتمتع بطريقة خاصة في الرد على مهاجميه.
واتفقت معه أستاذة النقد سامية حبيب في أن الألبوم لا يعد مميزًا مقارنة بما قدمه عمرو من قبل بل وصفته بأنه ألبوم " عادي" وأن الألبومات السابقة أهم بكثير ولا يوجد به جديد بل نجد نفس الموسيقى والكلمات والألحان البسيطة التي يقدمها عمرو، فهنا لا يوجد أي إضافة فهو يواصل تقديم الكلمات اللطيفة التي تمس القلوب بدون افتعال، مشيرة إلى أن الظاهرة الإعلانية التي سبقت الألبوم هي من ساهمت في حدوث صدى له، خاصة أغنية " أجمل عيون " التي حققت نسب استماع عالية وأحدثت جدلًا وتأثيرًا في الجمهور نظرًا لارتباطه وعلاقته بإحدى الشخصيات والتحدث عن قصة حب وإعلان أنها موجه لمن يحبها عمرو، فهي نجاح للخطة الإعلانية التي قدمت، بالإضافة إلى أننا نعيش في وقت نحتاج إلى الحب ونفتقده، ووصفت الأغنية بأنها أقل قيمة من الأغاني التي دائما ما تكون بارزة في ألبوماته، لكن ليس من الضروري ان يرتبط النجاح بأسباب فنية، ورغم أن ملحن الأغنية عمرو مصطفى لديه ملامح مهمة في تاريخ عمرو دياب ودائما ما تكون ألحانه بها حالة من الإبداع الممزوج بالشجن إلا أنني أعتبر أغنيته مع أمال ماهر وراشد ماجد الأخيرة لحنها أهم من لحن " أجمل عيون " ، وأشعر أنه قدم اللحن وفقًا للمطلوب ولا أعتبرها لحنًا مهمًا في مسيرة عمرو دياب وعمرو مصطفى، ومع ذلك أعتبر ألحانه مميزة في الألبوم.
وأكدت سامية أن ذكاء عمرو الفني وذكاءه في الدعاية لهذا الألبوم ساهمت بشكل كبير في نجاحه وسط الشباب وهو دليل على قدرته على التواصل مع جميع الأجيال خاصة جيل الشباب حيث يستطيع توظيف الإعلام والإعلان لخدمة الألبوم والتزاوج بين العمل الفني والدعاية، مشيرة إلى أن الظاهرة الحالية إعلانية أكثر منها فنية، كما أن انفصاله عن روتانا لم يؤثر عليه لأن عمرو نجم ولا يوجد شركة إنتاج قامت بصناعة نجم في كل التاريخ بل النجم هو من يصنع النجاح وشركة الإنتاج تساعده وليس العكس، مشيرة إلى أن دياب يستحق ما هو فيه وأكثر لأنه مكافح وطموح منذ أن كان طالبًا.
وأشارت إلى أن الألبوم به أغنيتين مميزتين بالنسبة لها وهم " نغمة الحرمان " و" أول كل حاجة "، وأكدت أن عودة عمرو مصطفى وأيمن بهجت قمر إلى عمرو دياب مكسب للجمهور لأن كلا منهم يرغب في إرضاء جمهوره بأغاني مميزة، وبينهم كيمياء تحقق هذا النجاح وعليهم استغلاله حيث أننا كنا نفتقدهم في الألبومات السابقة وأن الانقطاع أمر طبيعي مثلما حدث بين أم كلثوم والشيخ زكريا الذين انقطعا لسنوات وعادا للتعاون سويا مرة أخرى واعتبر الانقطاع والبعد أحيانا يأتي في صالح الجميع وإضافة لكافة الأفراد من أجل خدمة العمل الفني.
وأوضحت أن قيام عمرو بالتلحين لنفسه أمر ليس عيبًا مثلما كان يفعل فريد الأطرش ومحمد فوزي وعبد الوهاب وكان لحنهم مواز لأغانيهم فهم مطربون وملحنون كبار، لكن عمرو عندما يلحن لنفسه فهو يتذوق الكلمات ويلحنها لكنه لم يصل لدرجة ملحن كبير لنفسه مثل الأسماء التي ذكرتها، ومع ذلك المحاولة ليست ممنوعة خاصة أن تلحينه لأغنية " أول كل حاجة " هي الأكثر توفيقا بين اللحن والغناء عما قدمه سابقا.
ويشير الناقد محمد عدلي إلى أن عمرو دياب في ألبومه " معدي الناس " أجاد في اختيار الطابع الشرقي في بعض أغاني الألبوم، لكنه لم يكن موفقا في تقديم أغنية " أجمل عيون " التي تحمل كلمات لا تناسبه مثل " والله لاحبك موت واحب برج الحوت " والتي أعتقد أنها الأقل في تاريخه وكلماتها رقيقة وكان هناك بدائل كثيرة مثل التي قدمها له الشاعر بهاء الدين محمد وأعتقد أنهم أفضل منها، أما عودة العمل مع الشاعر أيمن بهجت قمر والملحن محمد يحيى الذي يملك تاريخًا كبيرًا كانت موفقة في أغنية " نغمة الحرمان " حيث قدم قبل ذلك نفس الاتجاه في أغاني " كان طيب ومعاك بجد"، مؤكدًا أن عمرو دياب يعلم قدراته جيدًا ويعلم خطواته.
وأوضح الناقد طارق الشناوي أن عمرو دياب هو أذكى مطرب بعد عبد الحليم حافظ جاء في مصر والعالم العربي، حيث أنه يجيد تسويق نفسه بشكل جيد ويجيد أيضا اختيار المعارك التي يخوضها، والدليل على ذلك أنه وقت الخلاف ومهاجمة عمرو مصطفى وأيمن بهجت قمر له ووصفه بالاستغلالي وأعلنا عدم التعاون معه لم يرد عليهما بل جعلهما يكتبا له اعتذارًا قبل العمل في الألبوم الجديد، مشيرًا إلى أنه يعلم جيدًا ماذا يفعل وأين يذهب ولا أحد يعرف متى يصبح الرد.
وتابع أن عمرو على المستوى الإعلامي يعلم متى يطرح أغانيه، كما أنه مطلع بكثرة على الموسيقى العالمية ويحافظ على نجوميته منذ 30 عامًا بالإضافة إلى بنيانه الجسدي فهو يقدم صورة أخرى للمطرب قوي البنية وشاب الملامح حيث يعد الوحيد الذي تختصر السنوات من عمره ولا تزيدها، فهو ظاهرة فنية استطاعت أن تحطم حاجز الزمن، في ظل عصر الفضائيات والتغير الشديد في الذوق واستطاع أنه يكسر ذلك ولا يلجأ لصناعة أكاذيب مثل الآخرين حتى لا تختصر الحقيقة من مصداقيته.
واستطرد الشناوي أن ألبوم " معدي الناس " متنوع وبه رهان جديد، ويأخذ من القدامى الذي يتعاون معهم كل ما هو جديد حتى وإن تعاون معهم من قبل، لذلك يخاطب كل الأذواق، موضحا أن عمرو جاء ليعبر عن جيله ولا يغني مثل من سبقه، ويعلم جيدًا أن مساحات صوته محدودة لكنه يوظفها جيدًا ولا يدخل في مناطق تخصم من رصيده، واصفًا إياه بأنه "عقل يدير موهبة".