القاهرة/ سارة رفعت
رحل الفنان محمود عبد العزيز عن عالمنا، تاركًا وراه الحزن والذهول يخيم على الفنانين، فهو من أعظم فناني جيله، فله تاريخ فني يشهد له الجميع، ولكننا سنتعرف على الوجه الآخر له وعن حياته وزواجاته وهواياته، محمود عبد العزيز الإنسان وليس الفنان.
ولد الراحل محمود عبد العزيز في الرابع من حزيران/يونيو عام 1946 في حي الورديان في الإسكندرية، وحصل على بكالوريوس الزراعة من جامعة الإسكندرية، ثم حصل على درجة الماجستير في تربية النحل.
طفولته والجامعة:
كان يعشق تقليد الأطفال خاصة أطفال الأسرة، واشتهر في المدرسة بالتقليد والسخرية. وكان الأساتذة يضحكون من أسلوبه وذكر ذات مرة موقف، هو أن مدرس الموسيقى أعلن عن قيام المدرسة بإعداد مسرحية، وأسند له دور الشيطان وقلده بطريقة ساخرة، فأصبح نجم الحفلات المدرسية، وزادت شهرته في المدرسة.
واعترف في أحد حواراته القديمة، أن والده كان حازمًا جدًا، ويعامله بشدة خوفًا على مستقبله، ولم يكن يملك أن يعصي له أمرًا ومن هنا حينما أصر على إلحاقه بكلية الزراعة (تخصص نحل) عقب حصوله على الثانوية العامة، لم يستطع عصيانه رغم أنه كان يتمنى دخول معهد السينما. وفور دخوله الجامعة التي اختارها له أبيه، توجه ليسأل عن فريق التمثيل في الجامعة والتحق به وأصبح نجم الفريق.
وبعد أن عصى أوامر والده وصمم على العمل في الفن، حدثت مشاكل وأزمات شديدة في البداية ولم يكن يجرؤ على مواجهته وترك المنزل أيامًا عديدة، وكان ينام في الفنادق البسيطة ومنازل الزملاء، ولم يجرؤ على العودة إلى أبيه في الإسكندرية إلا بعد نجاحه وبداية شهرته، التي بدأ الجيران يتحدثون لأمه وأخوته عنها، وسعوا لتذليل المشاكل والعقبات مع أبيه، كما قال.
أول لقاء أبوي بعد شهرته:
وفي أول لقاء جمعه بوالده بعد نجاحه، قال إنه كان لقاء مؤثرًا جدًا فقد احتضنني بقوة وتساقطت الدموع من عيني ولا أنسى ما قاله لي "ربنا يوفقك يا بني في الطريق الصعب الذي اخترته لنفسك وراح يسدي لي الكثير من النصائح، أذكر منها مراعاة الله في كل تصرف والابتعاد عن كل ما يسيء لي ولأسمي وللعائلة التي أنتمي لها وألا أسقط في دائرة الغرور، وحذرني أبي من النساء أيضاً والحرص على أداء فروض الله وفي مقدمتها الصلاة في مواعيدها وان أحصن نفسي من الشهوات بالزواج سريعًا.
زواجاته:
تزوج عبد العزيز من السيدة جيجي زويد، التي أنجب منها "كريم ومحمد وشريف" الأول يعمل في التمثيل والثاني يعمل في الإنتاج الفني. وذكر عبد العزيز في إحدى لقاءاته الصحافية أن جيجي تحمل صفات الفتاه المصرية والعربية بكل جمالها، فكانت إنسانة محترمة تنتمي لعائلة طيبة، مستعدة للوقوف إلى جانب زوجها والدفع به للأمام، ولا أستطيع أن أنكر أنها عبر رحلة زواجنا التي تجاوزت الـ20 عامًا كانت خلالها مثالًا طيبًا ورائعًا للزوجة".
وتابع "ولكن في آخر عامين من حياتنا تضاعفت المشاكل والخلافات، وسعينا كثيرًا للسيطرة على الموقف واستمرار الحياة، إلا أن الأمر أصبح من الصعب التحكم فيه ولم يكن هناك بديل عن الانفصال". وبعد ثلاثة شهور فقط، من انفصالهم، وتحديدًا في منتصف عام 1998، أعلن عبد العزيز زواجه من الإعلامية بوسي شلبي، ولكن بعد شهر ونصف فقط من الزواج، أعلن انفصاله عنها أمام دهشة الجميع، مؤكدًا أن أي رجل يتزوج من أي فتاة لابد وأن تحدث صدمات في بداية زواجهما بسبب الاختلاف في الطباع، ولابد وأن تمضي فترة حتى يتكيف الاثنان على طباع بعضهما البعض. وبعد فترة قصيرة من الطلاق، أعلن عبد العزيز مرة ثانية، عن عودته لها، وعاشا معا في هدوء واستقرار حتى وافته المنية.
علاقته بأولاده
أكد محمود عبدالعزيز في تصريحات تليفزيونية، أنه يشفق على أبنائه محمد وكريم من العمل في الوسط الفني، لأنه يعرف جيدًا أن هذه المهنة مرهقة ولا ينجح فيها أحد بسهولة، وقال إنه لم يفرض أبنائه على أحد، ولو فعل ذلك مرة لن يستطيع أن يستمر في ذلك، مشيرًا إلى أن ابنه محمد عاشقًا للتمثيل من صغره والتحق بمعهد السينما، ورفض أن يكون معيدًا فيه ليأخذ فرصته لممارسة المهنة".
هواياته
كان محمود عبد العزيز يحب ممارسة الرياضة باستمرار، حيث يمارس المشي لمدة ساعة بشكل يومي حتى يتخلص من التوتر ومن ضغوط الحياة، لأن المشي يُحدث في داخله صفاءً كبيرًا، وتمنى أن يواظب على هذه العادة دائمًا، وأيضا هواية الرسم والتلوين اللذان كان لا يستغنى عنهما.
أحب المدن إلى قلبه
وأعلن الساحر أن الإسكندرية أحب المدن إلى قلبه وأقربها، وقال "أعشق الإسكندرية، وأحس فيها براحة ودفء شديدين، لأن فيها سحرًا كبيرًا لا يعرفه إلا من يحبها. سافرت إلى دول كثيرة، لكن الإسكندرية ببحرها لها مكانة خاصة عندي، ولا تنسوا أنني إسكندراني".
أطرف شائعة تعرض لها
انطلقت شائعة بعد قيامه ببطولة فيلمي "الكيف" و"جري الوحوش" بأنه مدمن للمخدرات، وهو ما أضحكه بشدة، لأنها كانت نتيجة نجاحه في أداء دوره.
أصعب المواقف التي تعرض لها
موقف المرض، وحينها شعر أن الحياة لا تساوي أي شيء، وتمنى ألا يعيش أي إنسان مثل هذه المحنة العصيبة التي عشتها، ففي مطلع كانون الأول/ديسمبر عام 1997 شعر أثناء وجوده في سورية لتكريمه هناك، بآلام شديدة وقام الأطباء بتشخيص حالته على أنها التهاب في القولون وتضاعفت الآلام بعد عودته للقاهرة، فأجرى فحوصات طبية وتبين وجود كيس مائي على البنكرياس، وهي حالة نادرة الحدوث كما قال الأطباء، وسافر إلى فرنسا لإجراء جراحة استغرقت خمس ساعات.
وعن العظة التي خرج بها من محنة المرض، هي اقترابه بشدة من الله، وقال في إحدى تصريحاته، "إنه في كثير من الأحيان تأخذنا الحياة ولكن في وقت الشدة يتقرب الإنسان من ربه ولهذا فور عودتي لمصر تبنيت مشروعات خيرية عديدة، والغريب أنه انطلق في نفس الوقت شائعة اعتزالي، خاصة أن مفيد فوزي أجرى الحوار معي في فترة النقاهة، وأنا أرتدي الروب وأمسك بالسبحة بين يدي لكوني كنت انتهيت قبل اللقاء مباشرة من أداء صلاة العصر مع مجموعة من الأخوة".
"عبد العزيز" المطرب
لم يتمنى محمود عبد العزيز أن يكون مطرب، ولكنه مستمعًا جيدًا وقد يكون مؤديًا جيدًا، كما قال في بعض تصريحاته، أعشق الغناء الأصيل، وفوجئت بصدور ألبوم غنائي لي، متضمنًا أغاني فيلم بعنوان "الكيمي كا"، وأندهش الجميع لأدائي مجموعة الأغنيات الهابطة التي أذيعت في الفيلم مثل "ياحلو بانت لبتك، والكيمي كيمي كا، وأه ياقفا، وغيرها"، كما أن العبارات التي رددتها مثل "بحبك ياسكموني مهما الناس لاموني"، لازال الكثيرون يرددونها حتى اليوم.
واتخذ عبد العزيز الإجراءات القانونية ضد الشركة المنتجة لهذا الألبوم، لكونهم فعلوا هذا دون الحصول على موافقته.
أول أجر
عندما سأل عبد العزيز في إحدى لقاءاته عن أول أجر حصل عليه مقابل بطولة فيلم، قال أول أجر عن بطولة كان 400 جنيه، حصلت عليها من المنتج رمسيس نجيب في الفيلم الوطني "حتى آخر العمر"، وأذكر أنه حينما راح ينظر لي بتفحص ووضع العقد أمامي لكي أوقعه ظللت مذهولًا فوجدت أحد الجالسين يقول لي "امضي امضي رمسيس حايوصلك للقمة والنجومية"، وعرفت أن هذا الرجل هو الحاج وحيد فريد بكل اسمه وعظمته وتاريخه.
وكشف عبد العزيز أن أكثر ما يسعده هو أن يجد كل الأشخاص القريبين منه سعداء في حياتهم، معبرًا وقتها أن هذا ليس مجرد كلام وإنما هي حقيقة، فكان يفرح عندما يقدم عملًا فنيًا ممتعًا يسعد به الكثيرون، كما أن أكثر الأشخاص الذين يكرههم في حياته هم "الكاذبون"، والذين يتصورون أن تعامله الحسن معهم ضعف منه وهذا غير حقيقي. ومن المعروف عن الساحر أنه يؤمن بالمثل القائل "جنة من غير ناس ما تنداس"، لذلك لديه أصدقاء كثيرون داخل الوسط الفني وخارجه. وما لا يعرفه جمهور الساحر أنه ليس من الفنانين الذين يهوون الظهور والتحدث في البرامج، طالما لا يوجد شيء يتحدث عنه في الأساس، أو عمل فني جديد يقدمه للجمهور.