دار "كارتييه"

أطلق دار "كارتييه" حملة ترويجية بعنوان "البحث عن سحر الشرق"، خلال شهر رمضان، لتخص منطقة الشرق الأوسط، أو بالأحرى تذكرها بالعلاقة التي تربطها به عقود طويلة من الزمن. ففي عام 1912، توجه جاك كارتييه برفقة بعض مساعديه إلى المنطقة بحثاً عن اللآلئ الثمينة والرائعة التي تشتهر بها منطقة الخليج، حسب ما كتبه بيير راينيرو، رئيس قسم الصورة والتصميم والتراث.

وحسب ما كتبه جاك كارتييه في مذكراته أنه عند وصوله إلى مسقط رأسه في 9 من شهر مارس/آذار عام 1912 حصل على ما لم يكن يتوقعه. فقد رأى طبيعة عُذرية وثقافة غنية بالجمال يحكمها اللؤلؤ، بحكم أن الكثير من السكان كانوا يعملون في مجاله ويعتبرونه مصدر رزقهم. ويقول في مذكراته "رأيت البحر بلمعانه الآسر. من غرفة القبطان، بدت الأمواج المتلاطمة على أطراف السفينة زرقاء كما لو أنّ نورها يشع من أعماق البحر". حينها أحاطت الهالة المضيئة بالسفينة كاملة، وأينما صوبت نظرك، يتراءى لك تدافع الأسماك من خطوط مسيرتها المتعرّجة إلى سطح الماء، لتبدو كالألعاب النارية على سطح البحر.

وتمكنا وبوضوح من رؤية مدينة المحرق، تليها قريتي ساثين ودير، التي تبدو كالجزر الصغيرة بينما تبعد في الواقع عن المحرق بضعة كثبان رملية لا غير. وإذا كان الهدف الأساسي من إطلاق هذه الحملة هي الاحتفال والاحتفاء بأبرز محطات ومعالم الحياة في الشرق الأوسط في بداية القرن الماضي، فإن الهدف الثاني هو ترسيخ علاقة "كارتييه" بالمنطقة، لا سيما في شهر رمضان المبارك، حيث تتجمع العائلات والأحباب للسهر والسمر، وحيث يجد الكل وقتاً للاستمتاع للحكايا وتتبع العبر من الماضي إلى الحاضر.

والحكايات التي سجلها الفيلم مأخوذة من مذكرات جاك كارتييه، الذي نجح في تدوين الكثير من تفاصيل رحلته فيها، وبأسلوب يشير إلى أنه لم يكن مغامرا وعاشقا للاستكشاف فحسب بل أيضا متفتحاً على ثقافات الغير. ولا يختلف اثنان أنه من الرواد الأوروبيين الذين اكتشفوا ثروات الخليج العربي وروائعها ووظفوها بشكل رائع فيما بعد. على الأقل يُحسب له أنه أبدى احتراما عميقا لعادات المنطقة وتقاليدها، ولم يحاول التدخل فيها بقدر ما عمل على ترويض روح "كارتييه" لتتماشى معها في كل التصاميم التي ظهرت فيما بعد.

ولا تزال دار "كارتييه" توظف اللؤلؤ بطريقة عصرية وراقية في مجوهراتها بمزجه أحياناً بأحجار كريمة أخرى راقت للمرأة من كل أنحاء العالم وليس العربية فحسب. فضلاً عن تصاميم تستحضر أشكالاً مأخوذة من الفنون الإسلامية وغيرها. وقد أتى الفيلم، ويتميز بفن السرد القصصي، نتيجة للتعاون بين كارتييه الشرق الأوسط والاستوديو المتخصّص بالتصميم والرسوم المتحركة وإنشاء المحتوى "ميل+". وهو فيلم يتناول الزيارة واللقاء الأول بين جاك وسكان الخليج كما يتناول، وبتفصيل ساحر، العملية الإبداعية التي يتمّ بها إنتاج كل قطعة مجوهرات من الدار، ويتحوّل فيها الذهب السائل بشكل تدريجي ليُشكّل تحفة رفيعة المستوى.

ويتألّف الفيلم من ثلاثة فصول، الأول يُخصّص "للجزيرة"، ويتزامن مع شهر رمضان مبارك، ويروي واقعة وصول جاك كارتييه إلى الخليج على متن مركب شراعي، بينما تظهر في استقباله أهم معالم المنطقة، على أن يتبعه فيلمان آخران في شهري يونيو/حزيران، بمناسبة عيد الفطر، وسبتمبر/أيلول بمناسبة عيد الأضحى.