لندن ـ كاتيا حداد
قد لا يعرف كثيرون أن شهر يناير/ كانون الثاني يعد من أرخص فترات العام للسفر والسياحة والطيران في فترة تعتبرها الصناعة موسمًا خاملًا بعد عطلات نهاية العام، ويستمر هذا الخمول في الأسواق حتى منتصف شهر فبراير/ شباط، ولمن يتمتع بمرونة في ساعات عمله بحيث يؤجل عطلته من ديسمبر/ كانون الأول إلى يناير، فإنه سوف يحصل على خدمات أفضل ويتجنب الزحام ويدفع تكاليف أقل.
وربما كان الاستثناء من هذه القاعدة بعض وجهات السفر المرغوبة في الشتاء، مثل منطقة البحر الكاريبي، لكن هناك وجهات متعددة أخرى توفر الطقس المعتدل والأسعار المنخفضة في الشتاء، منها مدن أميركية وبعض أنحاء أميركا اللاتينية.
ولمن يبحث عن صفقات جيدة، فإن أفضل أوقات السفر الجوي هي أيام منتصف الأسبوع من الاثنين إلى الجمعة. وفي حين ينصح الخبراء بالسفر الخفيف بحقيبة يد تكفي محتوياتها لأيام عدة، فإن بعض شركات الطيران تقدم حوافز خلال فصل الشتاء لتشجيع السفر منها السماح بحقيبة شحن مجانًا.
من الأسرار التي يؤكدها خبراء السفر، أن البحث على الإنترنت مرات عدة عن وجهة سفر واحدة يرفع ثمنها تلقائيًا. والحل في هذه الحالة هو الاستعداد المبكر للحجز فور وجود فرصة سفر مناسبة أو مسح تاريخ البحث على محرك بحث «غوغل» قبل استئناف البحث مرة أخرى.
وإذا كان المسافر يرغب في الحصول على أفضل عروض شركات الطيران، فهي تتوفر يوم الثلاثاء قبل 50 يومًا من السفر. كما أن رحلات الطيران المسائية تكون أرخص في العادة من الرحلات الصباحية. أما أغلى الرحلات فهي تكون قبل السفر بثلاثة أيام، وخصوصًا إذا كان السفر يوم الجمعة.
ويقول نائب رئيس شركة «لاست مينيت دوت كوم» ماثيو كراماك: "إن هناك بعض الأساليب التي تستخدمها الشركة للحصول على أفضل العروض من شركات الطيران، منها الحجز في ساعات الصباح الباكر، والطيران غير المباشر بين وجهتين، مثل الطيران إلى صوفيا في بلغاريا الذي توفر فيها شركة «ويز اير» رحلات إلى دبي بسعر لا يتعدى 200 دولار. وفي معظم الأحوال يكون الطيران غير المباشر في الرحلات الطويلة أرخص من الطيران المباشر".
ويجب على المسافر أن يتابع العروض الخاصة وافتتاح وجهات سفر جديدة؛ فهي تقدم حسومات كبيرة في بدايات التشغيل. ويجب أن يكون لدى المسافر بعض المرونة في تواريخ السفر من أجل الحصول على أفضل العروض، ويمكن الاستعانة ببعض مواقع السياحة مثل «تريب أدفايزر» الذي يوفر خيارات متعددة بين أفضل العروض، ويعرض الأسعار في التواريخ المختلفة وبدائل الفنادق والمطارات. ويمكن تحديد السعر المطلوب للسفر إلى وجهة معينة وانتظار وصول السعر إلى الحد المطلوب عبر تنبيه من شركات السياحة.
وتؤكد مسؤولة السفر في شركة «تريفاغو دوت كوم» دينيس بارتليت: أن "أبحاث شركتها عن حجز غرف الفنادق تشير إلى أن الوقت المثالي لحجز غرفة في فندق هو شهر قبل الوصول، فالحجز على فترات أبعد لا يجعل الثمن رخيصًا، بل العكس هو الصحيح، حيث أغلى ثمن لغرف الفنادق يكون من شهرين إلى ثلاثة أشهر قبل موعد السفر. وحتى إذا ارتفعت الأسعار قبيل موعد السفر، فإنها لا تصل إلى المستويات التي كانت عليها قبل أشهر من السفر.
وهناك أيضًا فروق بين الدول للحصول على أفضل الأسعار وفقًا لإحصاءات شركة «تريفاغو»؛ فالفنادق في إسبانيا تقدم أفضل أسعارها قبل سبعة أسابيع من السفر، وتأتي بعدها إيطاليا، ثم بريطانيا وألمانيا. أما في فرنسا، فإن أفضل الأسعار تكون متاحة قبل السفر بأسبوعين.
من النصائح الأخرى التي تقدمها شركة «لاست مينيت»، زيارة المدن الشهيرة بالأعمال، مثل لندن وبروكسل وزيوريخ خلال عطلات نهاية الأسبوع، حيث تقدم فنادق هذه المدن أسعارًا رخيصة فور مغادرة رجال الأعمال. وأحيانًا يكون موعد الوصول إلى الفندق حيويًا، فالوصول المتأخر قد يمنح الضيف غرفة ممتازة بعد نفاد رصيد الغرف العادية خلال ساعات النهار.
ويجب أن يحاول المسافر الحجز المباشر في الفنادق متجنبًا محركات البحث على الإنترنت أو شركات المقارنة السعرية؛ فالفنادق تمنح الضيوف بالحجز المباشر حوافز إضافية تتراوح بين مشروبات مجانية أو ترقية لدرجة الغرفة.
الفنادق الجديدة تقدم حسومات أعلى من الفنادق القديمة بشكل عام، وبنسب تصل إلى 50 في المئة في عام التشغيل الأول. كما تقدم بعض الفنادق حسومات على الحجز المبكر بشرط دفع مقدم لا يرد. ويمكن الاشتراك في نشرات الفنادق التي توفر العروض الخاصة والحسومات، وتحذر شركات السياحة من السفر خلال الأسابيع الأولى من عطلات المدارس الصيفية لأنها تكون في العادة الأكثر ازدحامًا والأغلى ثمنًا.
وفي الحالات التي تقدم فيها شركات السفر عروضًا خاصة، فهي تشترط الحجز خلال فترة معينة ودفع مقدم، ويعتبر مراقبون أن هذا الأسلوب يوفر نحو 250 دولارًا من ثمن الرحلة.
من ناحية أخرى، توفر بعض الدول فرصًا للسفر الرخيص بفضل انخفاض عملاتها إزاء الدولار، ومنها بعض الدول اللاتينية، مثل الأرجنتين، والبرازيل، وكولومبيا، إضافة إلى جنوب أفريقيا، وروسيا، وتركيا، ومصر.
أما وجهات السفر خلال بداية العام، فهي تراوح بين الذهاب إلى الشواطئ الدافئة، والتوجه إلى منتجعات التزلج على الجليد، وزيارة المدن العالمية. وهذه نماذج لبعض العروض التي تقدمها الشركات لرحلات خلال هذا الشتاء أثناء «الموسم الخامل«:
> ساحل البرازيل وهو من الوجهات الشائعة في عام 2018، حيث السواحل المنتشرة لمئات الأميال على الجانب الشرقي للبلاد ومدن سياحية متميزة مثل ريو دي جانيرو وساو باولو. وهناك الكثير من المهرجانات والاحتفالات التي تجري خلال هذه الفترة من العام، حيث يناير وفبراير هما من أشهر الصيف في البلاد. ويمكن الطيران المباشر إلى ريو من الشرق الأوسط أو من أوروبا بحيث يجد المسافر نفسه على الشاطئ وسط الرمال وأشجار النخيل الاستوائية في أقل من 24 ساعة.
> الشاطئ الذهبي في أستراليا: بعد الوصول إلى سيدني وقضاء يوم فيها يمكن التوجه إلى الشاطئ الذهبي، أو الحاجز المرجاني العظيم. وتعد بداية العام من أفضل أوقات الزيارة، حيث المناخ معتدل وليس شديد الحرارة، كما أن ازدحام شهر ديسمبر يكون قد انتهى. وعطلة من هذا النوع على الشواطئ، حيث وجبات الباربيكيو وزيارات إلى الجزر الخاصة والمدن الأسترالية بعد أفضل بداية للعام الجديد. ويمكن السفر المباشر من منطقة الخليج إلى أستراليا بأسعار منخفضة خلال بداية العام.
> تايلاند: على رغم أن فصل الشتاء يعد هو فصل الذروة في تايلاند، فإن شهر يناير يتميز بالهدوء بعد انتهاء صخب احتفالات نهاية العام. وأفضل مواقع الزيارة العاصمة بانكوك وجزر الجانب الشرقي للبلاد ومنها بوكيت وكوفيفي وكولانتا. وتتخلل الطقس الصحو في تايلاند خلال هذه الفترة أمطار مونسون موسمية، لكنها تستمر ساعات عدة خلال اليوم، يعود بعدها السياح إلى الشواطئ. وتتوجه الكثير من رحلات الطيران المباشر إلى تايلاند من أوروبا ومن الشرق الأوسط.
> جنوب أفريقيا: هناك الكثير من الأسباب التي ترشح جنوب أفريقيا لرحلات شتوية بجانب الأسعار المنخفضة؛ فهي تحتوي على مناظر خلابة وشواطئ ممتدة ومدن ديناميكية وأحراش طبيعية. ويمكن القيام برحلات سفاري أو الاسترخاء على الشواطئ. وهي قريبة نسبيًا من منطقة الخليج، وتتوجه إليها رحلات الطيران المباشر وتوفر قيمة جيدة في الصرف لانخفاض العملة المحلية "الراند" إزاء الدولار. وأفضل مواقع الزيارة مدينة كيب تاون على الطرف الجنوبي الغربي ومحمية كروغر. وبعد اكتشاف آثار لبقايا إنسان عاش منذ ملايين السنين في كهف بالقرب من مدينة جوهانسبيرغ تتطلع جنوب أفريقيا لكي تكون مهد الحضارة الإنسانية في العالم، وبالتالي من أكثر الدول الأفريقية جذبًا للسياحة.
لماذا تعد بداية العام فرصة للسفر الرخيص؟
> تطلق شركات الطيران على الفترة من 6 يناير إلى نهاية فبراير «الموسم الخامل»؛ فهي فترة لا يقبِل فيها رجال الأعمال على السفر بسبب انشغالهم بالتخطيط للعام الجديد، ووضع الميزانيات، كما أن التلاميذ يعودون إلى المدارس وتتوجه العائلات إلى استئناف نشاطها المعيشي العادي بعد فترة الأعياد في نهاية العام، والتي يحصل فيها الجميع على عطلات تصل إلى أسبوع.
ويوفر هذا الوضع فرصة ذهبية لأقلية محظوظة ليس لها ارتباطات مدارس أو أعمال من أجل الحصول على سفر رخيص بتخفيضات تصل إلى 60 في المئة مقارنة بأسعار السفر خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر. ونظرًا لقلة الإقبال على السفر في هذه الفترة؛ غالبًا ما يجد المسافرون أن رحلات الطيران والفنادق والمطاعم والمواصلات الأرضية ليست مزدحمة. كما أن استئجار السيارات في المواقع السياحية يكون أرخص من فترات العام الأخرى.