باريس - اليمن اليوم
يرتبط "عالم والت ديزني" في أورلاندو في فلوريدا ، بشخصيات ديزني المحببة، وقصور أميرات الأحلام، وألعاب تعيد الزائر مهما كان عمره للحظات طفولة سعيدة, الحدائق الترفيهية الممتدة في عالم والت ديزني من "ماجيك كينغدوم" التي تعتمد على شخصيات ديزني الأثيرة و"هوليوود ستوديوز".
وتمنح الزائر الفرصة للمشي والاستمتاع بألعاب وديكورات مستوحاة من أفلام هوليوود، هناك أيضًا "تايفوون لاغوون" للألعاب المائية، و"أنيمال كينغدوم" التي تجول بنا في عالم الحيوان والسفاري والجبال والأنهار, ولكن هناك دائمًا الجديد في جعبة "خالقي الخيال" في ديزني، وآخر الإبداعات تجلت في عالم مختلف تمامًا عن كل ما تقدمه ديزني في مختلف متنزهاتها، هو "باندورا عالم أفاتار"، المتنزه الترفيهي الجديد الذي أطلق في أواخر الشهر الماضي، الذي اتخذ من العالم السحري والخيال المبدع في فيلم المخرج العالمي جيمس كاميرون أساسًا له.
وتفوق في أنه جسد العالم الذي خلقه كاميرون في الفيلم معتمدًا على آخر الحيل التقنية والكمبيوتر، وهو ما قاله المخرج الشهير لدى زيارته لـ"باندورا" يوم التدشين: "كانت لحظة أريد فيها من يقرص يدي، لأتأكد من أنني متيقظًا، وأنني أمشي في هذا العالم الذي خلقناه في الفيلم, "الفيلم الذي حقق أعلى إيرادات في السينما العالمية عند عرضه في 2009، يدور بشأن كوكب "باندورا" الغني بالمعادن الطبيعية، تسكنه كائنات مسالمة زرقاء اللون تسمى "نافيي" يبلغ طولها نحو 3 أمتار، وكانت تعيش بأمن واستقرار قبل وصول البشر في صورة شركة للتنقيب عن معدن ثمين جدًا في هذا الكويكب.
وترسل الشركة علماء ومرافقين لهم لدراسة معادن الكوكب، ولكن بما أن مناخ الكوكب لا يناسب الإنسان، يلجأ مسؤولو الشركة إلى صنع كائنات زرقاء مشابهة لكائنات "باندورا"، يستطيع الإنسان أن يتقمصها بحيث يستطيع دخول الكوكب والتجول فيه مثل سكانه، هذه الكائنات تعرف باسم "الأفاتار" الذي جاء منها اسم الفيلم.
وتريد الشركة تدمير شجرة عريقة في الكوكب للحصول على المعدن الثمين وتستعين إلى جانب عملائها بمجند أميركي مقعد لدخول عالم "باندورا" وجمع المعلومات, ولكن المجند "جايك" يقع في حب ابنة رئيس الـ "نافي" وتدريجيًا يتبنى حياته ككائن أزرق من شعب "نافي"، ويقود حربًا ضد الشركة ومنسوبيها تنتهي بطردها.
ونأتي لـ"باندورا" كما بناها "صانعو الخيال" في ديزني, لكي تدخل الكوكب يجب أن تمر من "مملكة الحيوان "أنيمال كينغدوم"، ويمكننا رؤية قمم جبال كوكب "باندورا" من خارج الحديقة وهو ما سيكون أول عنصر جذب, نتبع علامات السير ونمر بالطرق البسيطة التي تمثل الصحاري الأفريقية والآسيوية، وهي بالطبع مجسدة بدقة متناهية، كل التفاصيل تحملك إلى هناك.
ونقترب أكثر من "باندورا" ونمر عبر جسر خشبي من عالم الحيوان والأرض لنصل لكوكب آخر بعيد جدًا, أما كيف يمكننا أن نتخيل تلك النقلة، فهذا جزء مهم من التجربة, بداية نلحظ خفوت أصوات الحيوانات والطبول والموسيقى القبلية، قليلًا ندخل في جو مختلف تمامًا، نستبدل أصوات حيوانات البراري بأصوات لحيوانات أخرى لا نتعرف عليها فهي كائنات خيالية.
وتحمل الأرض التي نمشي عليها آثار أقدام كائنات غير بشرية، سكان كوكب "باندورا" عمالقة، وبالتالي فآثار الأقدام لا تماثل أي قدم بشرية, نلاحظ نباتات ملونة، بعضها يلمع بألوان فسفورية، نسمع خرير المياه ونمضي قدما, سرعان ما نجد أنفسنا أمام، أو بالأحرى، أسفل جبال معلقة في الهواء تكسوها النباتات, في هذا الجو الأسطوري ننظر لأعلى ونرى شلالات مياه تنحدر بين الجبال، ونباتات غريبة الشكل لا نعرفها, لا نحمل التساؤلات كثيرًا فهناك من يجيب على الأسئلة، هم ممثلون يرتدون ملابس تحمل شعار شركة سياحة بيئية، في قصة كوكب "باندورا"، وحلت شركة "آ سي أ" التي تهتم بالبيئة محل شركة التنقيب الراحلة.
ويحمل كل موظف من هؤلاء معلومات غزيرة بشأن كل نبتة وكل شجرة أمامنا، رغم أن النباتات متخيلة وتنتمي لعالم قصصي بارع كتب تفاصيله المخرج جيمس كاميرون, ولكن الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة لكل نبتة متخيلة وكل شجرة مذهل جدًا، وهو ما عبر عنه جيمس كاميرون لدى زيارته لـ"باندورا" وكذلك بطلة الفيلم زوي سالدانا التي التقيت بها في افتتاح الحديقة، قالت: إنها لا تكاد تصدق أنها داخل عالم "أفاتار": "كنا نحاول أن نتخيل هذا العالم بينما نحن نصور الفيلم، ولكن ما أراه الآن يتفوق على كل ما تخيلناه".
وحرص بطل الفيلم سام وورثنغتون أيضًا على التمتع بباندورا، وأحضر معه زوجته وابنه الصغير، أما الممثلة سيغورني ويفر والمخرج جيمس كاميرون فقد انطلقا في رحلة لاكتشاف الكوكب كما تجسد على الطبيعة, التحليق على ظهر طائر خياليم حديقة "باندورا عالم أفاتار" ليست كغيرها من الحدائق الترفيهية في "عالم والت ديزني"، فهي حالة خاصة جدًا، ولعل الاهتمام بخلق عالم الكوكب الخيالي والشخصيات والنباتات والطبيعة فيه هي أهم ما سيراه الزائر هناك، ولكن بما أننا في "ديزني" فلا بد من وجود الألعاب الجذابة، وهو ما نجده هنا في لعبتين، الأولى هي "رايت أوف باسيج" "طقوس العبور" وهي تصور الرحلة الأولى لأفراد شعب "نافي" على ظهر طيور أسطورية عملاقة يطلق عليها "إكران".
ونبدأ في اللعبة بممر ملتوٍ يمثل جذور شجرملاقة، نصعد فيها حتى نصل لحجرة ممتلئة بمعدات وأجهزة تحلل بيانات تتعلق بالنباتات وبالمناخ على الكوكب، إلى جانب آخر نرى الأسطوانة الشفافة الضخمة التي يسبح فيها مجسم لأحد أفراد شعب "نافي", لمن شاهد الفيلم، فإن البطل يتمكن من دخول "باندورا" عبر تقمصه الجسد الأزرق.
و يجب هنا أن نتخيل أننا سنكون هذا الشخص، وأننا نستعد للتحليق في سماء "باندورا" على ظهر طير "إكران", ونصل أخيرًا لحجرة بها ما يشبه الدراجات، نتخذ موقعنا على متن الدراجة وتبدأ الرحلة, عبر شاشة ضخمة أمامنا وبنظارات ثلاثية الإبعاد 3D نحس بأننا بالفعل نمتطي الطائر العملاق، نحلق فوق الجبال الطائرة ونهبط نحو الشلالات وتمطرنا برذاذها لنصعد مرة أخرى، ثم ننطلق داخل الغابات الساحرة، نشم روائح النباتات والزهور ونحس بنفس الطائر.
التجربة أكثر من رائعة، ممتعة لحد بعيد, أخرج من اللعبة لأعود مرة أخرى، وبعد ثلاث مرات توقفت رغم رغبتي في العودة, رحلة نهرية ثاني المحطات في الحديقة هي رحلة بالقارب في نهر "نافي"، وتحت الأضواء الخافتة وبريق بعض النباتات وظهور سحري لحيوانات خيالية يرافقنا في الرحلة بعض أفراد شعب "نافي", الرحلة تأخذنا لداخل غابات "باندورا"، نكاد نلمس النباتات على حافة النهر، ونتابع ظهور واختفاء الحيوانات حولنا.
وتلعب الرحلة على جميع الحواس، فهناك أصوات للطيور والحيوانات وخرير المياه، إضافة إلى موسيقى وأصوات تراتيل خافتة تزداد مع تقدم المركب في النهر كما نشم روائح مختلفة ونحس برذاذ المياه أيضًا, الأكل على طريقة شعب "نافي" من الممكن جدًا أن تقضي غالبية اليوم في "باندورا" وفي هذه الحالة يلزمك الطعام والشراب، ولكن بما أننا في كوكب خيالي يبعد عن الأرض مئات الأميال الضوئية، فمن المتوقع أن يحاول الطهاة تقديم أطباق مختلفة في شكلها وفي مذاقها.
ويدعى المطعم الوحيد في "باندورا" "ساتو لي كانتين" الذي استوحي تصميمه من المباني التي شيدتها شركة التعدين "آر دي إيه" في الفيلم، ليشبه "الكانتين" الذي يوجد في الشركات وفي الوحدات العسكرية، بالنسبة للطعام، يقدم الكانتين عددًا من الأطباق التي تتميز بأشكال وألوان متنوعة، تعتمد على النباتات.
ويضم "المنيو" ما يطلق عليه "بودز" وهي عجينة تضم بداخلها شطيرة من البرغر مع الجبن أو خضار بالكاري, أما الحلويات فتعتمد على الفواكه الاستوائية، وتزين بالألوان الصاخبة, من المشروبات يمكن تجربة مزيج مع العصائر الاستوائية، ويمكنك الاحتفاظ بالكوب أيضًا كذكرى من كوكب بعيد.