طهران - اليمن اليوم
كشف صحيفة أميركية بارزة أن القوات الأميركية التي نفذت عملية أودت بحياة قائد فيلق القدس قاسم سليماني ومن معه قد حققت هدفها المعروف للجميع، فشلت في عملية سرية أخرى في اليوم ذاته، حيث نقلت عن مسؤولون أميركيون تأكيدهم أن تلك القوات نفذت مهمة سرية أخرى ضد مسؤول عسكري إيراني كبير في اليمن، ويأتي هذا بينما تجد الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في سورية نفسها وحيدة أمام نيران طائرات مجهولة، بعد أن استهدفت ليل الخميس الجمعة مستودعات ذخيرة وآليات في منطقة البوكمال، ما أدى إلى مقتل 8 من كتائب حزب الله العراقي التابعة للحشد الشعبي، حيث تكثفت تلك الضربات في الأشهر الأخيرة، مستهدفة فصائل إيران في المنطقة، من قبل طائرات مجهولة.
مهمة سريِّة للقوات الأميركية
وأوضح تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الجمعة، أن ضربة أميركية استهدفت عبد الرضا شهلاي، وهو ممول وقائد رئيسي لمليشيا القدس الإيرانية التي كانت ناشطة في اليمن، في يوم مقتل سليماني، إلا أنها لم تؤد إلى وفاته، وفقًا لما ذكره 4 مسؤولين أميركيين.
وقال المسؤولون الأميركيون إن العملية ضد شهلاي مازالت سرية للغاية، حيث رفض كثيرون تقديم تفاصيل عنها، واكتفوا بالقول: "لم تكن ناجحة"، كما أوضحت مصادر أخرى أن المسؤولين في البنتاغون كانوا يراقبون الضربتين، وناقشوا الإعلان عنهما معا وذلك إن سارت الأمور على ما يرام، كذلك كشف مسؤول كبير آخر أن الهجومين حصلا على ضوء أخضر في نفس الوقت تقريبا، وأن الولايات المتحدة لم تكشف عن ضربة شهلاي لأنها لم تكن وفقا للخطة. إلا أنه أكد أن شهلاي قد يكون مستهدفًا في المستقبل.
15 مليون دولار لمعلومات عن رجل طهران في اليمن
وكان للخارجية الأميركية، دور آخر، حيث عرض حساب "مكافأة من أجل العدالة" على "تويتر" التابع للوزارة الأميركية، في ديسمبر / كانون الأول الماضي، صورة حديثة للمطلوب من الحرس الثوري الإيراني عبد الرضا شهلاي والمتهم بارتكاب جرائم إرهابية، منها تهريب أسلحة متطورة إلى الميليشيات الحوثية الإرهابية في اليمن، وتتهم واشنطن الشهلائي أيضاً بالتخطيط وتمويل محاولة اغتيال السفير السعودي بواشنطن في 2011، عادل الجبير.
ويقول مسؤولون أميركيون، "إن شهلاي، المولود عام 1957، مرتبط بالهجمات ضد القوات الأميركية في العراق، بما في ذلك غارة متطورة عام ،2007 حيث قام رجال الميليشيا المدعومة من إيران باختطاف وقتل 5 جنود أميركان في مدينة كربلاء، وفي مؤتمر صحافي العام الماضي، قال براين هوك الممثل الخاص لإيران، "إن الولايات المتحدة لا تزال "تشعر بقلق بالغ إزاء وجود شهلاي في اليمن ودوره المحتمل في توفير أسلحة متطورة لميليشيا الحوثي".
دور عبد الرضا شهلاي في الحرس الثوري
لا يوجد الكثير من الصور ولا التقارير حول هذا العضو النشط ورفيع المستوى في ذراع التدخل الخارجي للحرس الثوري الإيراني أي فيلق القدس الذي ينفذ خطط ومشاريع إيران للتوسع الإقليمي من خلال دعم الميليشيات الطائفية في المنطقة من العراق إلى سوريا إلى لبنان وصولا إلى اليمن تحت مظلة واحدة وإن اختلفت الأسماء وهي مظلة "فيلق القدس".
وذكر تقرير لمنظمة "مجاهدي خلق" عام 2014 أسماء لضباط في فيلق القدس ضالعين في المعارك بسوريا والعراق، ومن ضمنهم عميد الحرس شهلاي، الملقب، (حاج يوسف) هو قائد المجموعات "الجهادية" و"كتائب حزب الله في العراق"، وعمل لأكثر من عقدين كقائد في فيلق القدس، وكان خلال فترة تواجد القوات الأميركية في العراق العقل المدبر لاستهداف قوات الائتلاف وخاصة الأميركية منها، في العراق. وكان ضمن مسؤولياته تنظيم دورات تدريب للميليشيات العراقية وإرسالها إلى إيران لتقي الدعم والتدريب هناك.
شهلاي في العراق
وتفيد تقارير صحافية أن العميد شهلاي كان خلال فترة تواجده في العراق على صلة مع أبو مهدي المهندس نائب رئيس الشعبي، والقتيل مع سليماني، والمتهم أيضا بالتورط في تفجير السفارة الأميركية في الكويت عام 1983، ومع هادي العامري خريج قائد فيلق بدر من 2003، ومصطفى عبدالحميد العتابي المعروف باسم "أبو مصطفى الشيباني"، كما كان شهلاي على تنسيق مع عميد الحرس الثوري وسفير إيران حاليا في العراق، مسجدي، والعميد في الحرس الثوري أحمد فروزنده.
وفي أيام الحرب العراقية الإيرانية انضم شهلاي إلى فرقة ما تعرف بـ "41 ثار الله"، وبعد إسقاط حكم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، انتقل رويدا رويدا إلى العراق إلى أن استلم ملف الميليشيات العراقية الموالية لإيران هناك لغاية عام 2017، وفي 2018 كُلف بملف اليمن واستقر لهذا الغرض في قاعدة كنارك العسكرية على بحر عمان، ثم انتقل إلى منطقة سرية بالقرب من صعدة.
الميليشيات الإيرانية في سورية
وبات وضع الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في سوريا صعبًا أمام نيران طائرات مجهولة، بعد أن استهدفت ليل الخميس الجمعة مستودعات ذخيرة وآليات في منطقة البوكمال، ما أدى إلى مقتل 8 من كتائب حزب الله العراقي التابعة للحشد الشعبي، وتكثفت تلك الضربات في الأشهر الأخيرة، مستهدفة فصائل إيران في المنطقة، من قبل طائرات مجهولة، وصار الوضع أصعب مع خسارة "قائدها" أو موجهها. فقد شكل مقتل قائد فليق القدس في الحرس الإيراني، قاسم سليماني في الثالث من يناير بطائرة مسيرة أميركية ضربة مزعزعة لعمليات التنسيق العليا والتخطيط لتلك الميليشيات.
وكشف محللون سياسيون، أن مقتل سليماني، الّذي أشرف على تأسيس تلك الميليشيات المسلّحة الموالية لإيران في سوريا، سيؤثر على سير المعارك التي تخوضها قوات النظام خاصة مع مشاركة هذه الميليشيات في عموم المعارك التي تشهدها البلاد.
تصاعد نفوذ روسيا على حساب إيران
وقال المحلل السياسي السوري عهد الهندي والمقيم في العاصمة الأميركية إن "اغتيال الجنرال الإيراني برفقة نائب رئيس هيئة الحشد العراقي، أبو مهدي المهندس، سيساهم في زيادة نفوذ روسيا في سوريا على حساب التواجد الإيراني خاصة وأن الأخيرة مع ميليشياتها مستهدفة أميركياً وإسرائيلياً"، وأضاف في حديث صحافي أن "العامل الرمزي والمنحى النفسي سيؤثران أيضاً على هيكل تلك الجماعات المسلّحة، لذلك فإن تمكّن واشنطن من اغتيال سليماني والمهندس اللذين يُعدان من أهم كوادر إيران العسكرية والأمنية في المنطقة، سيُضعف ميليشياتها بشدّة في سوريا وربما في دولٍ أخرى أيضاً".
كما أوضح المحلل في مقابلة مع "العربية.نت" أن "طهران عيّنت سليماني والمهندس في هذه المناصب لامتلاكهما مهاراتٍ مكّنتهما من تأسيس ميليشيات عسكرية في المنطقة العربية، لذلك اغتيالهما، سيترك فراغاً وتأثيراً كبيراً من الناحيتين التقنية والعملية لدى تلك الميليشيات، بالإضافة لفقدانها جانباً رمزياً ونفسياً في آنٍ واحد".
ويذكر أنه بعد ساعات من الغارة الأميركية، سارع علي خامنئي المرشد الأعلى بإيران إلى تعيين اللواء إسماعيل قاآني خلفاً لسليماني، الّذي كان مقرّباً من الأخير ورافقه لسنوات في "فيلق القدس"، وتزامن ذلك مع إعلان الجيش العراقي عن قرارٍ يقضي بترشيح هادي العامري خلفاً للمهندس الّذي كان يشغل منصب نائب رئيس ميليشيا "الحشد الشعبي" حتى لحظة اغتياله مع سليماني.
البديل والأصيل
وعلّق المحلل السياسي السوري على تعيينهما، قائلاً إنه "من السهل إيجاد بديل لسليماني ليشغل منصبه الرفيع في فيلق القدس ولكن هذا البديل لن يتمتع بصفات الأصيل، خاصة وأن الميليشيات الّتي كان يشكّلها، هي كغيرها من ميليشيات المنطقة تعتمد على الأفراد سيما وأن طبيعة نشاطها غير مؤسساتي، لذلك يؤدي الأفراد فيها دوراً كبيراً في عملها العسكري والأمني، لذا فغياب أي شخصية كبيرة منها، سيؤثر ويضعف عملها رغم وجود البديل وتعيينه على الفور".
ورأى أن "الميليشيات الإيرانية في سوريا ستفتقد سليماني ومهاراته سيما وأنه كان يتمتع بكاريزما ملفتة رغم وحشيته، وكانت تعتمد عليه قوات الأسد بتنظيم المناطق التي أعادت سيطرتها عليها من خلال تشكيل مجموعاتٍ موالية لإيران فيها".
وكان سليماني يقود حتى اغتياله "فيلق القدس" الّذي يعد فرعاً لقوات الأمن الإيرانية المسؤولة بشكلٍ مباشر عن عملياتها العسكرية في الخارج، وكان لسنوات العقل المُدبر لانتشار النفوذ الإيراني في عدّة بلدانٍ عربيّة أبرزها العراق ولبنان وسوريا ودولٌ أخرى، أما المهندس، فقد كان الرجل الثاني بميليشيا "الحشد الشعبي" واسمه الحقيقي جمال جعفر وهو عراقي حاصل على الجنسية الإيرانية ولقب بالمهندس لأنه كان المسؤول عن كافة العمليات وحمل 19 اسما حركيًا، يعد واحداً من مؤسسي عدد من الميليشيات العراقية، بعد أن شارك في الحرب العراقية مع إيران .
قد يهمك أيضًا:
حركة حماس تنعى قاسم سليماني وتصفه بـ"الشهيد"
دفن جثمان قاسم سليماني في مسقط رأسه وطهران تؤكد أنها لا تسعى إلى الحرب