رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

شهدت الجنازات التي انطلقت في إسرائيل لتشييع ضحايا حادث التدافع الضخم الذي وقع خلال احتفال "عيد الشعلة" بجبل ميرون، مشاركة شعبية حاشدة.وراح ضحية الحادث، الذي وصف بأنه بين الأكثر مأساوية في تاريخ إسرائيل، 45 شخصا، من بينهم أطفال. وأظهرت لقطات من الجنازات وجود أعداد كبيرة حرصت على توديع الضحايا، وسط مشاعر عارمة من الصدمة والألم.وكان عشرات آلاف اليهود قد احتشدوا عند قبر الحاخام شمعون بار يوحاي في الجليل، للمشاركة في احتفال لاغ بعومر "عيد الشعلة" السنوي، الذي يشمل الصلاة طوال الليل وترديد الأغاني الدينية.

وأوقع حادث التدافع 45 قتيلا على الأقل، من بينهم أطفال، و150 جريحا. وقال رئيس خدمات الإنقاذ، إيلي بير: "للأسف، وجدنا أطفالا صغارا تم سحقهم. حاولنا إنعاشهم وتمكنا في حالات قليلة من إنقاذهم". والجمعة، عكفت فرق طبية وأهالي الضحايا على تحديد هويات الذين قضوا في هذا الحادث، فيما بدأت أولى الجنازات لتشييع القتلى بمشاركة شعبية حاشدة.

ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية قائمة جزئية بالضحايا، من بينهم صبي يبلغ من العمر تسع سنوات، وشقيقه البالغ من العمر 14 عاما.كما فقد شقيقان آخران حياتهما، كانا في الـ12 والـ18 من عمرهما، بحسب "سكاي نيوز".

وتحدث أفيغدور هايوت، الذي نجا من التدافع ولا يزال يرقد بالمستشفى، لمحطة "كان" الإسرائيلية، موضحا أنه علق على منحدر خلال التدافع برفقة ولديه، اللذين يبلغان من العمر 10 و13 عاما.وأضاف: ""صرخ ابني (أنا أموت).. حاول شرطي إخراجي أنا وابني الأصغر من الحشد لكنه لم يستطع تحريكنا".

وتابع هايوت (36 عاما)، والذي أصيب بكسر في الكاحل والأضلاع: "تقيأ الشرطي وبدأ في البكاء. فهمت ما كان ينظر إليه ولم أتمكن أنا من رؤيته".واستطرد: "اعتقدت أن هذه هي النهاية.. بدأت بالصلاة وببساطة الانتظار". وبعد ساعات، في المستشفى مع ابنه الأصغر، تلقى هايوت نبأ وفاة ابنه الآخر.

 وقالت وزارة الصحة الإسرائيلية في بيان مساء الجمعة: «تم التعرّف على جثث 32 من ضحايا كارثة ميرون»، مضيفة أنه تمّ نقل 22 جثة من معهد الطب الشرعي لدفنها.وأضافت: «بسبب الدخول في يوم السبت (الراحة الأسبوعية اليهودية) وبأمر من الحاخام الأكبر لإسرائيل، لا يمكن مواصلة عملية» تحديد الهوية، وكذلك الدفن المحظور في يوم السبت.

وأوضحت أنه سيتم استئناف ذلك «بعد نهاية يوم السبت»، أي في المساء.وتتم عملية التعرّف على الجثث على مراحل عدة، وتشمل بصمات الأصابع وتحليل الحمض النووي والأسنان.

وقال مدير معهد أبو كبير للطب الشرعي في تل أبيب الدكتور تشين كوغل: «نعمل بجد، ولكن يتوجب فهم أنها عملية معقدة وحساسة»، مضيفاً في البيان الصحافي لوزارة الصحة، أنه من الضروري التصرف «بمسؤولية» لتجنب الأخطاء.

ووقعت المأساة أثناء زيارة الحجّ السنوية إلى قبر الحاخام شمعون بار يوحاي على جبل ميرون (الجرمق) الواقع على مقربة من مدينة صفد.ويؤمّ اليهود هذا المقام سنوياً لمناسبة عيد «لاغ بعومر» الذي يحتفلون فيه بذكرى انتهاء وباء فتّاك تفشّى بين طلاب مدرسة تلمودية في زمن الحاخام الذي عاش في القرن الثاني الميلادي والذي يُنسب إليه كتاب الزوهار.

وكان أفراد بين حشد ضخم يرقصون قبل المأساة ويغنون في الذكرى الاحتفالية.وقال شاهد في الثامنة عشرة من عمره كان موجوداً في المكان: «هناك ممر حديدي ينزل من موقع إشعال النار... كان مزدحماً للغاية... وكان على الناس السير فيه من أجل الخروج».وأضاف شموئيل: «قامت الشرطة بإغلاق الممر. ثم وصل المزيد والمزيد (من الناس)... المزيد والمزيد... ولم تسمح لهم الشرطة بالخروج، لذلك بدأ الناس في السقوط بعضهم فوق بعض».

وقال نتنياهو أثناء تفقده المكان: «وقعت هنا مشاهد مفجعة، أناس قتلوا في التدافع، بما فيهم أطفال»، مضيفاً في وقت لاحق: «سنجري تحقيقاً شاملاً وجاداً ومعمقاً».وشارك بعد ظهر أمس (الجمعة)، آلاف الأشخاص في مراسم تشييع ضحايا في أحياء من القدس وبني براك قرب تل أبيب.

ومن بين الضحايا «عدد من المواطنين الأميركيين»، وفق متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية.وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان: «تقف الولايات المتّحدة إلى جانب شعب إسرائيل والمجتمعات اليهودية في العالم بأسره وتبكي المأساة الرهيبة التي حدثت في جبل ميرون».وأرسل الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس برقية تعزية إلى نظيره الإسرائيلي أعرب فيها عن حزنه «للمأساة»، وقال إنّه يصلّي «من أجل الضحايا».