معاناة أطفال سورية بسبب البرد

طالب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسن بـ"وقف النار فورًا" في محافظة إدلب، محذرًا من تدهور أوسع إذا أخفقت روسيا وتركيا في إعادة خفض التصعيد في المنطقة، التي شهدت نزوح نحو 900 ألف شخص خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث بلغت الحرارة دون درجات التجمد، أدت إلى "موت أطفال بسبب البرد". بينما أعلنت الدول الغربية أنها لم تعد تثق بقدرة عملية "آستانة" والدول الضامنة لها على وقف أعمال العنف الجارية في سورية، مطالبة بالعودة إلى دور الأمم المتحدة وتطبيق قرار مجلس الأمن الرقمي 2254.

وفي مستهل جلسة عقدها مجلس الأمن حول الوضع في سورية، قدم المبعوث الدولي إحاطة من جنيف عبر دائرة تلفزيونية مغلقة لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك، فذكّر أولًا بما عبّر عنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من "قلق بالغ" من "التردي السريع" في الوضع الإنساني بشمال غربي سورية، مضيفًا أن "الحملة العسكرية المتواصلة تسببت في نزوح نحو 900 ألف مدني منذ الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2019". وإذ أكد أن "المئات قُتلوا"، لاحظ أن "الأطفال يموتون بسبب البرد"، موضحًا أن "الناس يتنقلون في درجات الحرارة المتجمدة بحثًا عن الأمان الذي أصبح أمرًا صعبًا". وكرر المطالبة بـ"وقف النار فورًا"، معتبرًا أن "الحل العسكري غير ممكن". وقال: "تقترب الأعمال العدائية الآن من المناطق المكتظة بالسكان، مثل مدينة إدلب وباب الهوا، المعبر الحدودي الذي يضم أعلى تجمع للمدنيين النازحين في شمال غربي سورية، ويعد أيضًا بمثابة شريان الحياة الإنسانية".

وأشار إلى أن القوات الحكومية السورية وحلفاءها استعادوا السيطرة على المنطقة الواقعة شرق طريق "إم 5" السريعة بكاملها، والكثير من المناطق غرب الطريق السريعة، بما في ذلك الريف الغربي لحلب. وتطرق إلى "المواجهات الضارية بين قوات الحكومتين التركية والسورية"، لافتًا إلى "الانخراط الناشط لروسيا في دعم العمليات العسكرية للحكومة السورية". ولفت أيضًا إلى أنه شدد خلال اللقاءات التي عقدها أخيرًا مع مسؤولين رفيعي المستوى من روسيا وتركيا في مؤتمر ميونيخ الأمني، وكذلك مع مسؤولين إيرانيين في طهران، على أن "تركيا وروسيا، باعتبارهما راعيتين لترتيبات خفض التصعيد في إدلب، يمكنهما ويجب عليهما أن تضطلعا بدور رئيسي لخفض التصعيد الآن". ولاحظ أن الاجتماعات الروسية - التركية المكثفة "لم تتوصل إلى تفاهم حتى الآن"، بل إن التصريحات "تشير إلى خطر وشيك بتصعيد أكبر". ودعا إلى "تعاون دولي جاد، بناءً على الاتفاقيات السابقة وقرارات مجلس الأمن واحترام القانون الدولي وسيادة سورية" من أجل "إيجاد حل لإدلب" يتضمن "التصدي للتهديد الخطير والمستمر الذي تمثله الجماعات الإرهابية المحظورة، من دون التسبب في معاناة إنسانية غير مقبولة". ونبّه إلى "تطورات مقلقة في أماكن أخرى"، موضحًا أن "الوضع في جنوب سورية لا تزال مصدر قلق". وأضاف، أن ريف حلب الشمالي شهدت تجددًا للعمليات العدائية، داخل عفرين وحولها وتل رفعت، ونبل، والزهراء، مشيرًا إلى "تقارير عن سقوط ضحايا من المدنيين". وأكد أن "ظهور (داعش) أمر مقلق للغاية"، لافتًا إلى هجمات متكررة في شمال شرقي البلاد، ومنطقة الصحراء في محيط حمص وغيرها. وقال بيدرسن، إنه "كان يأمل" في أن يكون إطلاق اللجنة الدستورية بين الحكومة والمعارضة "بمثابة مفتاح باب لبناء الثقة"، معترفًا بأنه "حتى الآن، ليست هذه هي الحال". لكنه شدد على أن "لا يزال منخرطًا بشكل كامل في جهوده لمحاولة فتح آفاق التقدم على المسار السياسي".

وتبعه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، مارك لوكوك، الذي أشار إلى أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي "جرى تسجيل 160 ألف شخص فر معظمهم من منطقتي الأتارب ودارة عزة، بعيدًا عن الجبهات الأمامية"، مضيفًا أن نحو 900 ألف شخص نزحوا منذ 1 ديسمبر (كانون الأول)، أكثر من 500 ألف بينهم من الأطفال". وأشار إلى أن "الناس يفرون في ظل ظروف مروعة، بينهم كثيرون مشيًا أو على متن شاحنات في حرارة تحت درجة التجمد وفي المطر والثلوج". وأكد أن قرابة 50 ألف شخص يحتمون بالأشجار أو في أماكن مفتوحة أخرى"، كاشفًا عن أنه يتلقى "تقارير يومية عن رضع وأطفال يموتون من البرد".

وأعلنت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، أن "ما يحصل في سورية الآن غير مقبول"، وطالبت روسيا وتركيا بالعودة إلى خفض التصعيد في إدلب. وقالت: إنه "لفترة طويلة، جرت الاستعانة بروسيا ونموذج (آستانة) للتوصل إلى وقف النار"، مضيفة أنه "لم يكن الأمر واضحًا في السابق، لكن الآن من المؤكد أنه لم يعد من المناسب الوثوق بمجموعة (آستانة) لإنهاء العنف". واعتبرت أن "أوضح طريق لوضع حد فوري للعنف في شمال غربي سورية، هي أن تتحمل الأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن مبادرة جديدة لوقف النار".

وردد نظيرها الألماني كريستوف هيوسيغن ما قالته كرافت، واصفًا الوضع بأنه "كابوس". وقال: "لم تعد صيغة (آستانة) صالحة بعد الآن، ويتعين على الأمم المتحدة أن تتدخل"، مضيفًا أن "الوقت حان لكي يتقدم الأمين العام أيضًا"؛ لأن "علينا مسؤولية هائلة نواجهها هنا كأمم متحدة، كمجلس أمن لوقف ما يحصل".

واتفقت المندوبة البريطانية، كارين بيرس، مع ممثلي ألمانيا والولايات المتحدة على أن "(آستانة) لا تعمل. لقد منحناها جميعًا فرصة". وأضافت: "نحتاج إلى الخروج من (آستانة) ونحتاج إلى العمل مع الأمم المتحدة لبدء العملية السياسية ولدعم تنفيذ القرار 2254".

أما المندوب الفرنسي نيكولا دو ريفير، فاعتبر أن "الأزمة الراهنة في إدلب هي الأسوأ منذ بدء الحرب السورية"، مضيفًا أن عملية (آستانة) انته

"المرصد": القوات التركية تستقدم رتلًا عسكريًا جديدًا إلى سورية

ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم (الخميس)، أنه رصد دخول رتل عسكري تركي من معبر كفرلوسين شمال إدلب في سورية، مشيرًا إلى أن الرتل يتألف من 80 شاحنة وعربة مصفحة ودبابات.

وأوضح المرصد عبر حسابه على "تويتر"، أن القوات التركية أنشأت نقطة عسكرية جديدة في قرية بزابور بجبل الزاوية، مؤكدًا أنه رصد، قبل ساعات، تمركزًا للقوات التركية في أعلى قمة "النبي أيوب" الاستراتيجية التي تشرف على مناطق جبل الزاوية وسهل الغاب، إضافة إلى أجزاء من طريق حلب-اللاذقية الدولي، بجانب رصده إنشاء نقطة عسكرية بالقرب من بلدة بسنقول الواقعة على الطريق ذاته.

وأوضح المرصد، أن عدد النقاط التركية في منطقة "خفض التصعيد" يرتفع بذلك إلى 39 نقطة.

ويرتفع أيضًا عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت المنطقة ذاتها، حسب المرصد، خلال الفترة الممتدة من الثاني من فبراير (شباط) الحالي وحتى الآن، إلى أكثر من 2535 شاحنة وآلية عسكرية تركية إلى الأراضي السورية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية، بينما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة إلى أكثر 7300 جندي تركي.

قد يهمك ايضاً :

اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري وقوات تركية في قرية أم شعيفة بريف رأس العين شمال شرق سورية

القوات التركية تسيّر دورية رابعة مع نظيرتها الروسية في الحسكة السورية