بغداد - نهال قباني
تعيش المدن العراقية يومًا جديدًا من الاحتجاجات تحت عنوان "جمعة الصمود" بعد ليلة قُتل فيها متظاهر وأصيب 40 آخرين، خلال اشتباكات في وسط بغداد، حسبما أفادت
مصادر عراقية.وفي خطبة الجمعة، أكد المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني أن الاحتجاجات التي تشهدها البلاد ستشكل انعطافة كبيرة، بعد أكثر من شهر
ونصف على انطلاق تظاهرات مطالبة بـ"إسقاط" النظام في بغداد ومدن جنوبية عدة.وقال السيستاني في الخطبة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء، والتي تعد الأعلى
نبرة منذ بدء الاحتجاجات: "إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أن بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون، إذ لن يكون ما بعد هذه
الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك".وأشار إلى أن "التدخلات الخارجية تنذر بتحويل العراق إلى ساحة للصراع وتصفية الحسابات بين قوى دولية
وإقليمية".وتابع: "لا يجوز السماح لأي طرف خارجي بالتدخل في معركة الإصلاح الداخلية التي يخوضها الشعب العراقي".ودعا لمحاسبة الفاسدين بالقول: "عدم وجود إجراءات
جدية لملاحقة الفاسدين يثير شكوكا حول قدرة القوى السياسية العراقية على تنفيذ مطالب المتظاهرين".وأدان "الاعتداء على المتظاهرين العراقيين بالقتل أو الخطف أو الترويع،
كما ندين الاعتداء على قوات الأمن والممتلكات العامة والخاصة".من ناحية أخرى أفادت مصادر عراقية، بمقتل 3 متظاهرين وجرح 40 آخرين، وذلك خلال تفريق قوات الأمن
للمحتجين في ساحة الخلاني وسط بغداد، الجمعة.واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع، وأطلقت الرصاص الحي في الهواء لإبعاد المتظاهرين عن ساحة الخلاني، وعلى
الرغم من ذلك تمكن المتظاهرين من دخول الساحة بعد إسقاط الحواجز الإسمنتية المحيطة بها.وقد شهدت بغداد والعديد من المناطق العراقية تظاهرات احتجاجية تحت عنوان
"جمعة الصمود"، حيث توافد الآلاف من المتظاهرين العراقيين إلى ساحة التحرير، وسط هتافات منددة بقائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.كذلك تجمع
الآلاف في ساحة الحبوبي في محافظة ذي قار، جنوبي البلاد، للمشاركة في تظاهرات الجمعة ضد الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد وموالاة إيران.وفي محافظة الديوانية،
انتشرت القوات الأمنية، بشكل كثيف، حول المؤسسات والمقار الحزبية لحمايتها، عقب امتلاء شوارع المحافظة بالمتظاهرين.أما في محافظة البصرة، فقد فرضت القوات الأمنية
طوقا حول ساحة البحرية التي يتوافد إليها المتظاهرون بأعداد كبيرة، للتنديد بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الكارثي في البلاد.ومنذ الأول من أكتوبر الماضي، أسفرت
الاحتجاجات الدامية المطالبة بـ"إسقاط النظام" عن مقتل 319 شخصا، بحسب أرقام رسمية.ويأتي ذلك في ظل مطالبة متظاهرين ومنظمات من المجتمع المدني بالتحقيق الفوري
عن الجهة التي استوردت أو زودت القوات الأمنية العراقية بقنابل الغاز المسيل للدموع، بعد تصريح وزير الدفاع العراقي بأن الحكومة لم تكن الطرف المستورد لهذا النوع القاتل
من القنابل.وكانت منظمة العفو الدولية قالت، في تقرير موسع لها، إن قوات الأمن تستخدم عبوات غاز مسيل للدموع "لم تعرف من قبل" من طراز عسكري أقوى بعشرة أمثال
من القنابل العادية.
عمليات بغداد تنفي
ونفت قيادة عمليات بغداد إطلاق الرصاص أو قنابل صوتية وغاز مسيل للدموع في ساحة التحرير تحديداً، الجمعة، مؤكدة أن ما يشاع غير دقيق.ويشارك الشبان العراقيون
بالآلاف منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، في العاصمة وامتدادها سريعا إلى جنوب البلاد.وعلى الرغم من مقتل الكثيرين حتى الآن
في تصدي قوات أمنية للمظاهرات السلمية في أغلبها بإطلاق الذخيرة الحية أحياناً والرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع مباشرة باتجاه المتظاهرين، يتمسك هؤلاء
بالبقاء في الساحات.ويحتج الغاضبون في العراق ضد تدهور الخدمات وارتفاع البطالة والفقر، رغم الموارد النفطية الهائلة للبلاد، والتي يقولون إن نخبة تستولي عليها منذ غزو
العراق في 2003.ويعتبر المتظاهرون، إيران سببا من أسباب الأزمة العراقية، نظرا إلى تحكمها في النخبة الحاكمة ببغداد، وعدم إفساحها المجال لإحداث أي تغيير حقيقي.وفي
هذا السياق، لم يتوان المرشد الإيراني، علي خامنئي، في وقت سابق، عن مهاجمة متظاهرخامنئي، في وقت سابق، عن مهاجمة متظاهري العراق ولبنان، ممن خرجوا ضد قوى
سياسية موالية لطهران.وحاول خامنئي، أن يشيطن الحركات الاحتجاجية في البلدان، متهما الولايات المتحدة وإسرائيل بتأجيج الوضع، ودعا إلى عدم التدخل في شؤون
العراق.وتسعى الأمم المتحدة لأن تكون عرابة الحل للأزمة العراقية، من خلال وضع خريطة طريق واجتماع عقدته مع السيستاني الاثنين الماضي، بعد توصل الأحزاب السياسية
في البلاد، من خلال تدخل الجارة إيران، إلى اتفاق على بقاء النظام.وتحوم شكوك في الشارع العراقي حول إمكانية التوصل إلى حل فعلي للأزمة، ما لم يجر اقتلاع "الأدوات
الإيرانية" من إدارة البلاد.وتواجه إيران اتهامات بالمشاركة في نهب ثروات الشعب العراقي، لا سيما في ظل الضغوط الاقتصادية الكبرى التي تعرضت لها عقب انسحاب
واشنطن من الاتفاق النووي في مايو/آيار 2018.
قد يهمك ايضا
غضب شعبي من ترشيح محمد الصفدي لرئاسة الحكومة اللبنانية
كواليس اللحظات الحرجة التي تعرض لها أردوغان في البيت الأبيض