بغداد - نجلاء الطائي
حققت المؤلفة العراقية زينب سلبي، أخيرًا إنجازًا غير مسبوق، إذ أصبحت نظيرة "أوبرا وينفري" في الوطن العربي، بعد موافقة الإعلامية الشهيرة على إنشاء نسخة عربية من برنامجها المشهور The Oprah Winfrey Show تحت اسم "نداء" من تقديم زينب سلبي.
ويهدف البرنامج إلى إعطاء صوت للمرأة وعرض جوانب المشاهير الإنسانية، وكذلك القصص الواقعية المؤثرة للناس العاديين والاحتفال بإنجازات النساء العربيات حول العالم، إلا إنه يبحث أعمق من ذلك، إذ يستكشف الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية في الوطن العربي ويعرض مشاكلها ما يجعله مميزًا ومختلفًا بعرضه لتجارب نراها أو نختبرها.
وصفتها أنجلينا جولي بأنها "غير اعتيادية"، والرئيس الأميركي بيل كلينتون رشحها كواحدة من أبطال القرن الواحد والعشرين في عام 2010. إنها زينب سلبي، التي اختارتها مدونة "هافنغتون بوست" الأميركية العالمية، لتكون من ضمن قائمة السوبر لدفع الشباب والفتيات إلى العمل في مجتمعاتهنّ المحلية، وتقديمهنّ صورة حسنة عن تلك المجتمعات.
وكُرّمت المؤلفة العراقية زينب سلبي عدة مرات ونالت العديد من الجوائز وهي المؤسسة والمديرة التنفيذية لمنظمة Women For Women International التي تعني برعاية حقوق النساء ومساعدتهن في البلاد التي تعاني من الحروب المستمرة. وهي تعد ناشطة في حقوق المرأة ورائدة في الشؤون الاجتماعية والإعلام.
وهي ابنة الطيّار الخاص بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، زوّجها أهلها، وهي في التاسعة عشرة، زواجًا تقليديًا لرجل في أميركا أثناء إقامتهم هناك، ثم عادوا إلى العراق، فاستضعفها زوجها وبدأ يسئ معاملتها، خاصة أنها أصبحت وحيدة تمامًا بعد حرب الكويت، فأخذت قرار الانفصال عن زوجها بعد ثلاثة أشهر ولم يكن معها إلا 400 دولار ولا تعرف شيئًا عن الإجراءات القانونية.
واقترن اسمها بتأمين حقوق المرأة ونبذ التمييز ضدها، إضافة إلى الأعمال الخيرية والمجتمعية العديدة التي وضعت لها بصمة إنسانية تُميزها فيها، ومَقرها الرئيسي في واشنطن، وأسستها وهي فتاة في الثالثة والعشرين من عمرها، ودفعتها قوة شخصيتها ودفاعها عن قضايا المرأة الدؤوب منذ نعومة أظفارها، وحتى هذه اللحظة التي تحيا لها، كان الدافع الأبرز إلى جانب دوافع أخرى، ليندرجَ اسمها بين أسماء السيدات العربيات المؤثرات والقويات.
وتعمل زينب سلبي حاليًا مُحررة في مجلة "المرأة في عالم الإعلام"، التي تُصدر بالتعاون مع صحيفة نيويورك تايمز، وتستضاف على موقعها الإلكتروني؛ لاستعراض قصص بعض السيدات المؤثرات والرجال المدافعين والمناصرين لَهن على طول المسار. وأسست منظمة "نساء من أجل نساء العالم" بدأ البعض يثبط معنوياتها، خاصة من حولها من العرب، وتلقت كثيرا من الانتقادات من الأصدقاء والأقارب في كفاحها المتمثل بنبذ الظلم الذي يُلامس حياة كل امرأة.
واستطاعت من خلالها مساعدة أكثر من 400.000 امرأة في 8 مناطق تسودها النزاعات، كما قدمت أكثر من 100 مليون دولار أميركي كمساعدات مباشرة وقروض صغيرة وتقديم العون لأكثر من 1.7 مليون فرد عائلة. وبكلماتها روت زينب قصتها وقصص العديد من النساء فألّفت العديد من الكتب أشهرها كتابها الذي احتل مرتبة ضمن الكتب الأكثر مبيعاً وهو بعنوان " بين عالمين: الهروب من الطغيان: العيش في ظل صدام حسين " (بالتعاون مع الكاتبة لوري بيكلاند).
ومن مؤلفاتها أيضًا " للحرب وجوه أخرى: قصص عن نساء في الحرب بين معاناة وأمل " وكتاب ثالث بعنوان " لو عرفتني، لهمّك أمري". وحصلت كتبها على دعم من كاتبات ذات مكانة عريقة مثل آليس والكر ومن عدة مشاهير مثل أنجلينا جولي وميريل ستريب وآني لينوكس.
وذكرت زينب، أكثر المواقف الإنسانية تأثيرًا عليها عندما غطت قصة الأب العراقي الذي لجأ إلى الهروب من "داعش" مع أولاده، فحملهم على متن سيارة نقل كبيرة، واصطحب زوجته وأمه معه، وفي طريقه وقعت طفلته ذات الأربع سنوات من السيارة، وكان أمامه خياران، أن يكمل طريقه وينقذ كل العائلة، أو يوقف المركبة ويرجع إلى النار التي اجتازها بشق الأنفس ليأخذ طفلته، لكنه في نهاية المطاف أكمل طريقه، والآن يعيش طريح هذه اللحظة لا يستطيع إكمال حياته بشكل طبيعي من دون طفلته.
وأبرزت سلبي في تصريح إعلامي، أن النساء العربيات عبرن حد الخوف، ولن يتقهقرن عن خطه الأحمر مرة ثانية، خاصة الشابات ومهما تعرضن لضغوط وكبح سيواصلن المسير قُدمًا.