بيونغ يانغ-اليمن اليوم
سمحت بيونغ يانغ لإعلاميين كوريين جنوبيين بحضور تدمير الموقع الذي أجرت فيه كوريا الشمالية جميع تجاربها النووية، وأكّد مُتحدّث باسم وزير التوحيد الجنوبي، على أن الجارة الشمالية قررت في اللحظة الأخيرة منحهم الإذن للوجود في المكان مع زملائهم الذين غادروا من بكين لحضور عملية التدمير، وقامت سيول بإجراءات سريعة للصحافيين مثل منح الموافقات لزيارة كوريا الشمالية وتأمين المواصلات لهم، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية.
وتزامن عدول بيونغ يانغ عن موقفها السابق مع التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو، الذي هدد بأن واشنطن مستعدة للانسحاب من المفاوضات إذا لم تكن هناك جدية واضحة من قبل كوريا الشمالية بشأن برنامجها النووي، وقال بومبيو إن الولايات المتحدة مستعدة للانسحاب من المفاوضات إذا مضت المحادثات المقبلة في الاتجاه الخاطئ، وقال في تصريحاته الافتتاحية خلال جلسة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إن إبرام "اتفاق سيئ ليس خيارا.. الشعب الأميركي يعول علينا للقيام بذلك بشكل صائب. إذا لم يكن الاتفاق السليم مطروحا على الطاولة فسننسحب بكل احترام".
وقال المتحدث الجنوبي بايك تاي - هيون خلال إفادة صحافية: "نأمل في تحقق النزع الكامل للسلاح النووي مبكرا في شبه الجزيرة الكورية من خلال القمة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة والحوار على عدة مستويات بدءا بتفكيك موقع التجارب النووية".
وتوجه عشرات الصحافيين من الصين والولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا إلى مدينة وونسان الشمالية على متن طائرة مستأجرة، إذ سينتقلون من هناك إلى موقع التجارب النائي في رحلة تستغرق 20 ساعة بواسطة القطار ثم الحافلات، لكنّ الصحافيين الجنوبيين لم يرافقوا بقية زملائهم على متن الطائرة لعدم تبلغ سيول أي كلمة من بيونغ يانغ بشأن السماح لهم بالحضور.
كانت بيونغ يانغ قالت في وقت سابق من هذا الشهر إنها أعدت لتدمير "كامل" لمنشأة بونغي - ري للتجارب النووية في المنطقة الجبلية شمال شرقي البلاد.
ولم يكن واضحا كيفية انتقال الإعلاميين الكوريين الجنوبيين إلى الشمال للحاق بزملائهم، لكن تحدّث الناطق باسم وزير التوحيد عن إمكان تخصيص رحلة مباشرة إلى كوريا الشمالية في خطوة نادرة، فشبه الجزيرة الكورية منقسمة منذ انتهاء الحرب الكورية عام 1953 ولا توجد رحلات جوية بين الشطرين.
وأجرت كوريا الشمالية جميع تجاربها النووية الست في موقع بونغي - ري، بما في ذلك التجربة الأخيرة الأقوى على الإطلاق في سبتمبر/ أيلول العام الماضي، وكانت حسب بيونغ يانغ قنبلة هيدروجينية.
واعتبرت كوريا الشمالية تدمير الموقع بادرة حسن نية قبل القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في 12 يونيو/ حزيران في سنغافورة. والأسبوع الماضي هدّدت كوريا الشمالية بالانسحاب من القمة إن استمرت الولايات المتحدة بالضغط عليها لنزع سلاحها النووي قبل التفاوض، كما ألقى ترامب الثلاثاء بظلال من الشك على القمة حين أعلن بعد لقائه رئيس كوريا الجنوبية مون جاي أن بأن القمة المرتقبة التي تجمعه بالزعيم الكوري الشمالي قد لا تعقد الشهر المقبل وفق ما هو مقرر.
وحلّت الشكوك مكان الارتياح الذي ساد في الأسابيع التي تلت الإعلان عن اللقاء، فالأسبوع الماضي، هددت كوريا الشمالية بعدم المشاركة في القمة وألغت محادثات مع الجنوب، متهمة واشنطن بأنها تريد إجبارها على التخلي عن ترسانتها العسكرية من جانب واحد.
وتطالب واشنطن بنزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية "بصورة تامة ويمكن التحقق منها ولا رجعة فيها"، لكن بيونغ يانغ أكدت باستمرار أنها لن تتخلى عن أسلحتها الذرية مقابل تأكيدات فقط وتعرب عن خشيتها من تهديدات أميركية بغزوها. وقال كو كاب - وو الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، لوكالة الصحافة الفرنسية: "إنها مغامرة غير محسومة النتائج". وأضاف أن "ترامب يريد نزعا سريعا للنووي يتم خلال ولايته الأولى، لكن في هذه الحالة يجب أن يقدم لكوريا الشمالية بسرعة ضمانات تتوافق مع أمنها".
وفي هذا الإطار، قد تشكل مراسم تدمير الموقع النووي فرصة لمعرفة وضع القادة الكوريين الشماليين. بعض الخبراء يشيرون إلى أن إعلان بيونغ يانغ عن تفكيك الموقع دون مقابل أمر لافت، ويرى غو ميونغ هيون الخبير في معهد أسان للدراسات السياسية، أن كلا من الطرفين يسعى إلى الوصول إلى القمة في أقوى موقع ممكن، وسيسمح تفكيك الموقع أمام عدسات وسائل الإعلام الأجنبية لبيونغ يانغ بكسب نقاط على الصعيد الدولي حتى إذا فشلت القمة، وقال غو إن "كوريا الشمالية ستتمكن من أن تقول للأسرة الدولية إنها فعلت ما بوسعها للتوصل إلى نزع السلاح النووي عبر التفاوض لكنها لم تتوصل إلى ذلك بسبب الضغوط الأميركية".