القاهرة –أكرم علي
بدأت الحكومة المصرية في هدم العشوائيات في عدة مناطق وأبرزها مثلث ماسبيرو والذي يقع في قلب العاصمة المصرية القاهرة والقريبة من كورنيش النيل، وتحويلها لمنطقة استثمارية سياحية، وتحقق "بي بي سي عربي" في أكبر عملية إعادة تخطيط تشهدها منذ عقود مدينة القاهرة، أكثر المدن اكتظاظًا بالسكان في أفريقيا.
ويعد مثلث ماسبيرو من أغلى مناطق القاهرة، حيث يطل على نهر النيل، وتحيط به مبانٍ مهمة مثل وزارة الخارجية، ومبنى الإذاعة والتلفزيون، والقنصلية الإيطالية، وعدد من الفنادق، وبسبب انتشار العشوائيات تحول إلى واحد من الأحياء الأكثر فقراً في العاصمة المصرية، وعلى مدار السنوات الماضية وضعت الحكومات المصرية المتعاقبة خططاً عديدة لإعادة استغلال المنطقة، لكنها كانت تصطدم برفض سكانها الخروج منها، حتى إن بعض رجال الأعمال المصريين تدخلوا من قبل وعرضوا تعويضات على الأهالي، لكن كل جهودهم باءت بالفشل.
ووضعت الحكومة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام السكان الأصليين مجموعة من الخيارات للخروج منها. وتتولى وزارة الإسكان تنفيذ المشروع بالتعاون مع محافظة القاهرة ليتم تنفيذ المخطط المطلوب، وتستكشف "بي بي سي" "الأحياء العشوائية" وتدخل المنتجعات السكنية الفاخرة وتقوم بجولة فريدة في "مدن الأشباح" في مصر عبر استخدام مجموعة من التقنيات الرقمية المبتكرة مثل مقاطع الفيديو بنطاق 360 درجة والخرائط التفاعلية وصور الأقمار الاصطناعية، حيث ينظر التحقيق في حجم الأموال المرصودة لعملية إعادة التطوير، ويتساءل عن المستفيد منها، وعن مدى مصداقية المزاعم بأن الغرض وراء هذه الخطط مرتبط بالحيلولة دون اندلاع انتفاضة شعبية جديدة في البلاد.
وأطلقت الحكومة المصرية منذ الأحداث التي شهدتها مصر في العام 2011 ، سلسلة من الخطط العمرانية لتطوير الأحياء العشوائية، يعتمد الكثير منها على إعادة تسكين الناس في مناطق تقع خارج نطاق المدينة. الدافع وراء هذه التغييرات هو أن تلك الأحياء تضر بواجهة العاصمة وأنها مصدر تهديد اجتماعي للقاهرة، فضلاً عن التوقعات المقلقة التي تفيد أنه بحلول العام 2050 سيتضاعف عدد سكان القاهرة إلى أكثر من 40 مليون شخص.
وتشمل استراتيجية الحكومة إجراءات متنوعة، منها إعادة تسكين الناس في مناطقهم الأصلية بعد تطويرها، أو نقل أعداد كبيرة منهم إلى مجمعات سكنية تقع غالبًا في مناطق صحراوية، وإزالة المناطق التي تعرّف بأنها "غير آمنة"، بعضها يقع بالقرب من أراض تم تسليمها إلى شركات تطوير عقاري دولية.
وللتعرف على العقلية التخطيطية وراء المجتمعات الجديدة التقى فريق "بي بي سي عربي" بأحد رواد البناء في مصر الذي تحدث عن الهندسة الاجتماعية للسكان في المدن الجديدة كما استمع إلى سياسيين كشفوا عن خططهم للتعامل مع السكان الذين تعرضت أحياؤهم للهدم، اقترب تحقيق "بي بي سي" من روح مجتمع الحي العشوائي، حيث يبني الناس حياتهم بالطريقة التي تناسبهم ، وتعرف على ثقافتهم الموسيقية النابضة بالحيوية التي تخطت محيطها الثقافي والاجتماعي في مصر.
و كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أعلن أنه بحلول نهاية العام 2018 سيتم القضاء على ظاهرة الأحياء العشوائية التي يسكن فيها نحو 60٪ من سكان العاصمة المصرية وفيها أعلى معدلات الزيادة السكانية في العالم.