صنعاء - اليمن اليوم
مطلع هذا الشهر، كان القيادي الحوثي حسين العزي يتفاخر بأن عدد الملتحقين بالمراكز الصيفية التي تقيمها جماعته وصل 620 ألفا من أطفال المناطق الخاضعة لسيطرتهم.أعاد العزي التذكير بالكارثة التي تهدد مستقبل اليمن، مع كل عام يمر على بقاء سيطرة جماعة الحوثي بالرقعة الجغرافية التي تضم النسبة الأكبر من سكان اليمن، مما يسمح لها بتشكيل جيل كامل متشبع بأفكارها الطائفية، مما يضمن لها وقودا مستمرا لمشروعها بحكم اليمن لعقود قادمة.
المراكز الصيفية التي يتحدث عنها العزي، والذي يشغل منصب نائب وزير خارجية الحوثي، تمثل أحد الأدوات الهامة لتحقيق هذا الهدف، بل إنها كانت الأداة الرئيسية في خلق نواة مليشياتها المسلحة التي دشنت بها حروبها على اليمنيين عام 2004.
فعناصر هذه المليشيات التي واجهت بها جماعة الحوثي الدولة كان أغلبهم مخرجات للمراكز الصيفية التي أدارها الأب الروحي للجماعة الحوثي بدرالدين الحوثي ونجله حسين في صعدة لسنوات، تخلقت منها ما تعرف بحركة “الشباب المؤمن” كحركة ثقافية فكرية قبل أن تظهر حقيقتها كجناح مسلح مع تفجر الحرب الأولى عام 2004.
نجاح تجربة الجماعة في إنشاء نواة جيش عقائدي بمراكز صيفية محدودة في صعدة، يجسد الخطر الحقيقي لما يمكن أن يكون عليه مستقبل اليمن في ظل حديث العزي عن أن 620 ألفا من أطفال اليمن يتم تشكيل عقولهم على يد الجماعة في مراكزها الصيفية.
خطر المناهج الدراسية
ويتضاعف الخطر مع امتداده لعقول باقي الأطفال في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، من خلال قيام الجماعة بتغييرات خطيرة في المناهج الدراسية تكرس لفكرتها العنصرية في عقولهم وتفخيخها بأفكار العنف والموت.
مؤخرا، أصدرت منظمة محلية تقريرا سلطت فيه الضوء على أبرز التغييرات التي أدخلتها جماعة الحوثي على المناهج الدراسية، مؤخرا وتفرض دراستها في مناطق سيطرتها.
التقرير الذي أصدرته منظمة “صدق” ركز على المناهج الدراسية للصفوف الأولى (من الصف الأول إلى السادس) وأهم التغييرات التي قامت بها جماعة الحوثي، مشيراً إلى أن المناهج الدراسية للصفوف من السابع إلى التاسع الأساسي تعمل الجماعة على تغييرها حاليا بحسب مصدر في وزارة التربية والتعليم بصنعاء، ومن المتوقع أن تصدر المناهج الجديدة في العام الدراسي القادم 2021/ 2022.
يقول التقرير إن التغييرات التي أجرتها الجماعة على المناهج شملت تغييرات لأهداف عقائدية وطائفية وتفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وفق التوجه العقائدي لجماعة الحوثيين.
ففي كتاب القرآن للصف الأول، تفسر جماعة الحوثي آية “اهدنا الصراط المستقيم” بأنها: طريق المهتدين كالأنبياء و”أعلام الهدى”. وأعلام الهدى مصطلح تطلقه الجماعة على رموزها وأئمة الدولة الزيدية، وهي أول خطوة لغرس فكرة الولاية التي تروج لها الجماعة كنظرية للحكم.
أما منهج التربية الاجتماعية للصف الثالث، فقد حذفت منه الجماعة فصلاً كاملاً يتحدث عن الأعياد الوطنية والمناسبات الدينية وهي عيدا الفطر والأضحى وثورتا سبتمبر وأكتوبر، لتقدم للطلاب بدلاً عن هذه الأعياد “ثورة 21 سبتمبر” التي جاءت “لتصحيح فشل ثورة 11 فبراير 2011″، كما ورد في منهج التربية الاجتماعية للصف الرابع.
تظهر تغييرات جماعة الحوثي بالمناهج الحقد الذي يكنه الفكر الإمامي لحضارة اليمن القديمة، وتجلى ذلك بقيامها في كتاب التاريخ القديم للصف الخامس أساسي بحذف وحدة كاملة اسمها (مظاهر الحضارة اليمنية القديمة).
فالفكر الإمامي يسعى لإظهار تاريخ اليمن بأنه فصل من الصراعات بين دول وممالك دون أي إنجازات حضارية، كل ذلك بهدف تجمل صورة التاريخ المظلم لحكم الأئمة لليمن، والذي ابتدأ مع المدعو الهادي يحيى بن الحسين الرسي أواخر القرن الثالث الهجري.
لذا يظهر الرسي كأحد الشخصيات الوطنية في منهج التربية الوطنية للصف السادس، بمعلومات يكذبها التاريخ، الذي يشير إلى قدوم الرجل إلى اليمن فارا من بطش العباسيين ليستغل حب اليمنيين لآل البيت والإمام علي تحديداً الذي زار اليمن في عهد النبي، ليخرج عليهم بفكرة حصر الولاية في البطنين ومنها نشأت دولة الأئمة في اليمن.
لا بد من الإشارة إلى أن ما قدمه التقرير سبق وأن أثاره ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خلال العامين الماضين، محذرين من آثار عبث جماعة الحوثي بعقول جيل بأكمله، إلا أن هذه الأصوات لم تجد لها صدى مؤثرا.
فصدوره جاء مع الحملة التي دشنتها جماعة الإخوان عن مزاعم وجود قواعد عسكرية في جزيرة ميون كأحدث لافتة لتوجيه الرأي العام ضد التحالف ودوله بعيداً عن ما تقوم به جماعة الحوثي من جرائم في مناطق سيطرتها وضد المناطق المحررة، وخطر ما تقوم به على مستقبل اليمن.
قد يهمك أيضا
الحوثيون يدشنون المراكز الصيفية الطائفية في محافظة صنعاء للزج بالأطفال إلى تنفيذ المشروع الإيراني الشيعي