الرباط - اليمن اليوم
تغيّبت الجامعات المغربية عن قائمة التصنيفات العالمية في مجالات علمية عديدة، بحسب ما كشفه تصنيف جديد لـ"تايمز هاير إيديوكايشن" لأفضل الجامعات العالمية لسنة 2019 نشرت نتائجه في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وشملت أربعة تخصصات، وهي العلوم الاجتماعية، الأعمال والاقتصاد، والتعليم والقانون.
ويعتمد التصنيف على مدى توفر الدولة المعنية على جامعات أو معاهد مرموقة لتدريب الأساتذة والمعلمين، والدراسات الأكاديمية في مواضيع متعلقة بالتعليم عمومًا.
وغاب المغرب عن قائمة 428 جامعة شملها هذا التصنيف، وهو ما يعكس عدم توفر المملكة على معاهد متخصصة ذات جودة عالمية في تكوين الأساتذة والموظفين العاملين في قطاع التربية والتعليم.
واعتبر الباحث المغربي هشام معتضد أن ضعف الموارد المالية للجامعات المغربية وراء غياب المغرب عن التصنيفات العالمية. وأضاف معتضد أن الطاقة العلمية والفكرية من أساتذة جامعيين وطالبة باحثين، تفتقر إلى إنتاجات علمية وبحوث أكاديمية في مستوى البحوث العالمية، أو على الأقل الإقليمية، والتي ستمكنهم من الدفع بالمؤسسات التي ينتمون إليها للتواجد بمنصات التداول الفكري والبحث العلمي”.
ويقول مراقبون إن التصنيفات تكشف التقصير الحكومي في الاهتمام بتطوير الجامعات. وبرّرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ذلك بالقول إن هذه التصنيفات الدولية تعتمد على معايير خاصّة تختلف من مؤسسة إلى أخرى، وإن مقارنة الجامعات المغربية مع نظيراتها الأميركية والبريطانية لا تستقيم، نظرا لعدة اعتبارات موضوعية، بل إن المقارنة المنطقية يجب أن تكون مع الدول العربية والأفريقية.
0.8 من الناتج الداخلي الخام يخصصه المغرب لمراكز البحث العلمي التابعة للجامعات في حين يصل المتوسط العالمي إلى 2 بالمئة
وتتعدد أسباب تخلّف الجامعة المغربية عن نظيراتها في دول أخرى حسب الأستاذ الجامعي محمد ياوحي. وأشار ياوحي “أن هناك لوبيات تتحكم في عملية انتقاء الماجستير والدكتوراه وحتى توظيف الأساتذة الباحثين”، وشرح ذلك بقوله “عملية الانتقاء تتم على صعيد الكلية وليس على الصعيد الوطني، مما يسهل التلاعب والمحسوبية اللذين يضربان في العمق مصداقية الجامعة والبحث العلمي”.
وأكد تقرير النقابة الوطنية للتعليم العالي أنه يتم “تنظيم مباريات صورية بجامعة القاضي عياض بمراكش، لتوظيف الأساتذة الجدد عن طريق التدخلات لاعتبارات إنسانية واجتماعية بالتحايل على القانون وخرقه واختيار الأستاذ بأسلوب المحاباة، وفتح هذا التوظيف باب الفساد على مصراعيه لتوظيفات أخرى بنفس الطريقة بمدرسة المهندسين بأسفي”.
ولفت أساتذة جامعيون إلى وجود تجاوزات أخرى بالجماعات المغربية يكون مجالها عقود الشراكات التي تبرمها جامعات مع منفذي ومستغلي برامج معلوماتية بعينها للتكفل بتقديم بعض التكوينات المستمرة، رغم توفر الفضاء الجامعي على أساتذة أكفاء يمكن أن يقوموا بهذه المهام.
و رصد المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي، نشره مؤخرًا، قيّم فيه التكوين الأساسي بالجامعات المغربية، جملة من الخروقات بالجامعات حيث لا يقع احترام شروط التسجيل بالتخصصات، ويقع قبول الطلاب على أساس شهادات غير تلك المنصوص عليها بالملفات الوصفية، وقبول تسجيل طلاب من دون دراسة ملفاتهم ومن دون اجتياز الامتحان حتى، وتسليم دبلومات وطنية لمسالك معتمدة في إطار دبلومات جامعية.
ويعتمد المؤشر العالمي الذي يعتبر الأرفع عالميا ضمن تصنيف الجامعات على معايير جودة البحث العلمي والتميّز في النشر الدولي وارتفاع معدلات الاستشهاد المرجعي بالأبحاث المنشورة المنسوبة للجامعات في المجلات العالمية ذات التأثير العالي، بالإضافة إلى البيئة التعليمية التي تتضمن الدخل من المجالات الصناعية ونسبة الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس.
ولفت أساتذة جامعيون إلى وجود تجاوزات أخرى بالجماعات المغربية يكون مجالها عقود الشراكات التي تبرمها جامعات مع منفذي ومستغلي برامج معلوماتية بعينها للتكفل بتقديم بعض التكوينات المستمرة
ورأى الباحث هشام معتضد، أن البحث العلمي في المغرب لا يزال بعيدا كل البعد عن الشروط التي يجب احترامها لمسايرة التطور في هذا المجال. وحذّر من أن “ضعف مراكز البحث التابعة للجامعات يعرقل تطور الجامعة المغربية، خاصة وأن المناخ الإقليمي والدولي بات يعتمد وبشكل كبير على مجموعات التفكير ذات الإنتاج العلمي الكفء لمرافقة السياسات العمومية والقطاعات الحيوية للبلد”.
وانتقد خبراء وحقوقيون ونقابيون مسألة الإصلاح الجامعي، وطرحوا تساؤلات عدة حول المعايير الحقيقية التي تحكم منظومة ولوج الطلاب إلى امتحانات الماجستير والدكتوراه.
ولاحظ ياوحي، اقتحام السياسيين الجامعات واقتسام المناصب والغنائم وتوظيف المقربين كأساتذة جامعيين ومناقشة أطروحات تافهة، مما يجعل الجامعات تحت سيطرة أحزاب سياسية. كما لفت إلى “غياب التنسيق مع شركات القطاع الخاص في نهج سياسة بحث علمي تكون ذات نتائج مباشرة على تنافسية وتدعم قدرتها على الابتكار والإبداع والاختراع ومواكبة التغيرات في التكنولوجيا كما هو الشأن في الغرب”.
وتخصّص الحكومة المغربية منذ سنوات أقل من 0.8 من الناتج الداخلي الخام للبحث العلمي، في حين يصل المتوسط العالمي إلى 2 بالمئة، وأكثر من 4 بالمئة في الدول المتقدمة.
وحلّت الجامعات المغربية في مراتب متأخرة ضمن تصنيف تايمز، والذي شمل 378 جامعة في الدول الناشئة، في الوقت الذي هيمنت الجامعات الصينية على المراتب العشر الأولى، ثم الروسية والتركية والهندية والماليزية على باقي الترتيب. في حين تصدرت الإمارات عبر جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا الجامعات العربية، حيث احتلت المركز 15 عالميًا، تلتها جامعة قطر في الرتبة 35 عالميًا.