بيروت ـ غنوة دريان
يأتي الشعور بالوحدة عادة بسبب الانتقال من مكان لآخر أو المرور بصدمة نفسية شديدة كفقدان شخص عزيز عليك، هذا النوع يُعتبر الأبسط ويسهل علاجه والتخلص منه، بل ربما ينتهي تمامًا مع الوقت دون تدخل خارجي أو حاجة لاستشارة، ويكون مشابه للاكتئاب في أغلب الأحيان، السبب ورائه يكون شعورك بأنك غريب عن كل من حولك ولا أحد يستطيع فهمك أو الاهتمام بك.
السبب الرئيسي لسيطرة هذا الشعور على أي شخص هو سوء إدراكه بحقيقته أو إعطائه أكبر من حجمه، لذلك أول وأهم خطوة للتغلب عليه هي تقييمه بصورة صحيحة، فهو مجرد شعور يُمكن التخلص منه حتى لو كان مؤلم وصعب أن تتعايش معه.
الشخص الاجتماعي يشعر بالوحدة والانعزال بمجرد أن ينشغل أصدقائه ولو ليوم واحد لأنه يُحب أن يكون محاطًا بأحداث ومجريات متغيرة طوال الوقت ليشعر أنه على قيد الحياة.
أما الشخص المنطوي فيكفيه علاقة مع صديقه المقرب وليس شرط لديه أن يُقابله كل يوم، بل يشعر أن من الطبيعي أن يحظى كلاهما بمساحته الشخصية من حين لآخر.
أفكارك تُعتبر السبب والمصدر الرئيسي لمشاعرك وليس تصرفات الآخرين كما تعتقد لذلك لابد أن تتخلص من هذه الأفكار وتنظر للجانب الإيجابي من كل شيء، راقب الأفكار التي تدور في ذهنك على مدار اليوم، وإن وجدت أي منها سلبي سواء حول ثقتك بنفسك أو علاقتك بالآخرين، أعد التفكير فيه بإمعان وابحث عن الجانب الإيجابي، حول الأمر لتحدي بينك وبين نفسك، ولا تتركها تنتصر عليك.
أغلبنا يُفكر بطريقة متطرفة دون أن يشعر، فتجد أن كل شيء في حياتك إما أبيض أو أسود، مثلًا طالما أن صديقك يقضي أغلب وقته معك إذًا فهو يهتم لأمرك ويُحبك، فكرة بيضاء، أما إن انشغل قليلًا أو حدث شيء أجبره عن الابتعاد لفترة سواء لظروف سفر أو دراسة .. إلخ تبدأ في الاعتقاد أنه تخلى عنك ولم يعد يُحبك كالسابق هذه فكرة سوداء! مشاعرك وحكمك على الأشياء هو ما يحدد دورها في حياتك لذلك حاول أن تكون حيادياً قدر الإمكان كي تتغلب على أي مشاعر سلبية تواجهك.
الفراغ هو المفجر الأول لشعور الوحدة، لذلك لابد أن تشغل وقت فراغك قدر الإمكان، وما نعنيه هنا ليس مشاهدة التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن ابحث عن شيء حقيقي تقوم به، تطوع في أحد الجمعيات الخيرية أو اشترك في نادي جديد كنوادي القراءة وإلقاء الشعر والرسم.
كيف تتوقع أن يكون يومك إن كنت تقضيه بالكامل في المنزل دون مخالطة الآخرين، حتى لو كنت قد انتقلت حديثًا للمكان ولا تعرف أحد، اخرج للتنزه في الشارع، أو اذهب لصالة الألعاب الرياضية، اشترك في أحد أنشطة الحي، الأهم أن تختلط بالآخرين كي تفتح لنفسك مجالًا لتتعرف عليهم وتتخلص من شعور الوحدة الذي يُلازمك.
اقتناء حيوان أليف والاعتناء به وبصحته واللعب معه في الخارج سيشغل الكثير من وقت فراغك، بل سيفتح لك العديد من الطرق للتعرف بأشخاص جدد سواء في عيادة الطبيب البيطري أو في متاجر الحيوانات الأليفة أو حتى عند الخروج للتنزه.