موجة صقيع "الوحش القادم من الشرق"

تسببت موجة الصقيع السيبيرية المستمرة في معظم مناطق أوروبا بفوضى، الثلاثاء، في حركة النقل، وبوفاة 24 شخصًا على الأقل معظمهم من المشردين، وغطت الثلوج شواطئ تظللها أشجار النخيل على البحر المتوسط، بينما شهد القطب الشمالي دفئًا «غير اعتيادي» حيث وثق خبراء الطقس درجات حرارة تتعدى درجة التجمد في بعض أنحائه، الأمر الذي أثار الدهشة لدى عدد كبير من العلماء، وفق ما ذكر المعهد الأوروبي لعلوم الأرض.

وانخفضت الحرارة إلى ما دون الصفر في مناطق واسعة في جنوب أوروبا جراء موجة الصقيع التي أطلقت عليها الصحف البريطانية اسم «الوحش القادم من الشرق»، وسجلت 9 وفيات على الأقل في بولندا التي شهدت انخفاض الحرارة إلى 16 درجة تحت الصفر وسط توقع أن تبقى درجات الحرارة ما دون 12 تحت الصفر، واشتداد البرد بسبب الرياح. فيما سجلت الحرارة 26 درجة تحت الصفر في ليتوانيا التي شهدت وفاة 5 في العاصمة فيلنيوس.

وسجلت إيطاليا درجات حرارة هي الأدنى وسط إغلاق العديد من المدارس ودور رعاية الأطفال، لتضاف إلى مخاوف الأهالي من إغلاق متاجر قبل الانتخابات العامة. وتزايد الغضب بشكل خاص إزاء تعطل حركة القطارات في أنحاء البلاد إذ تم إبلاغ المسافرين بأن العديد من مسارات القطارات غير مزودة بأنظمة لإذابة الجليد، أي أنه يتعين إزالة الثلوج يدويًا.

واستدعت السلطات في روما الجيش للمساعدة في كسح الثلوج من الشوارع. وعمل مدرج واحد فقط في مطار فيومتشينو أثناء الليل عندما تساقطت ثلوج بارتفاع عشرة سنتيمترات في أقل من أربع ساعات. وأغلق المطار، أثناء الليل وقام العمال بإزالة الثلوج من على مدرجي المطار. وقال مسؤولون من قطاع الطيران «إن شركة ريان إير التي تستخدم مطار تشيامبينو كمركز لها في إيطاليا قررت إلغاء جميع رحلاتها من المطار وإليه». وتم إغلاق مطار نابولي في ساعة مبكرة وتوقفت خدمة الحافلات بسبب الجليد. وتوفي مشرد. فيما نجا سائق في تورينو بعد سقوط تشكيلات جليدية تتدلى من جسر على سيارته فتهشم زجاجها الأمامي لكنه تمكن من مواصلة السيطرة على السيارة.

وفي بريطانيا، حذرت السلطات من احتمال تساقط ما بين 5 إلى 10 سنتمترات من الثلوج وتأخر الرحلات البرية وسكك الحديد والرحلات الجوية، وإمكانية انقطاع الكهرباء بل حتى خدمة الهواتف النقالة في بعض المناطق. وألغيت رحلات بعض القطارات أو تأخرت بسبب الأحوال الجوية، حيث توقعت الأرصاد انخفاض درجات الحرارة إلى ثماني درجات مئوية تحت الصفر. وألغت شركة «بريتش ايروايز» أكثر من 60 رحلة قصيرة من وإلى مطار هيثرو. وتم إلغاء عدد من الرحلات من وإلى مانشستر ومطارات أخرى، ولكن مطاري هثيرو وجاتويك ما زالا يعملان كالمعتاد.

وفي فرنسا، لقي 4 أشخاص على الأقل حتفهم في موجة الصقيع وسط تحذير خبراء الأرصاد من تساقط غزير للثلوج في معظم مناطق البلاد، اعتبارًا من الأربعاء. واستيقظ أهالي أجاكسيو على جزيرة كورسيكا في البحر المتوسط على 15 سنتمترًا من الثلوج على الشاطئ في مشهد لم يحصل منذ 1986. في وقت قال رئيس بلدية ايتربيك في بلجيكا إنه سيتم توقيف المشردين بالقوة إذا رفضوا التوجه للملاجئ، مشددًا على المخاطر الكبيرة للتعرض للبرد. وسجلت هولندا درجة حرارة بلغت 10 تحت الصفر.

وشهدت مدينة غلاتالب في سويسرا أدنى درجات حرارة حيث سجلت 38 درجة تحت الصفر، وهو ما يعد منخفضًا جدًا رغم أن المنطقة على ارتفاع 1850 مترًا. وانخفضت درجات الحرارة في ألمانيا إلى أقل مستوياتها إلى الآن حيث سجلت 27.5 درجة مئوية تحت الصفر عند جبل تسوجشبيتسه. ودفعت المخاوف على سلامة المشردين في برلين، بالمسؤولين إلى إضافة مئة سرير إلى مراكز الإيواء بما يرفع العدد الإجمالي إلى 1200 سرير أي أكثر من 90 بالمئة من الطاقة الإجمالية لتلك المراكز.

وتركت الثلوج الغزيرة الآلاف في غرب بلغاريا دون كهرباء مما أدى إلى تعطل حركة النقل وإغلاق المدارس ودفع السلطات إلى تحذير الناس من السفر. وأغلقت الطرق وألغيت الرحلات الجوية من وإلى مطار صوفيا. وتوفي 3 مشردين في تشيكيا، واثنان في رومانيا. وسجلت السويد درجات حرارة بلغت 39,6 تحت الصفر. فيما سجلت النمسا 25,4 درجات تحت الصفر في مستوى قياسي لشهر فبراير. وبلغت الحرارة درجة واحدة تحت الصفر على جزيرة هفار في كرواتيا التي شهدت انقطاع خط القطار الذي يربط بين زغرب وسبليت فيما أغلقت ثلاثة موانئ على البحر الأسود. ووصلت الحرارة إلى مستويات متدنية تاريخية في ألبانيا، و10 درجات تحت الصفر في كوسوفو و20 درجة تحت الصفر في الجبال المحيطة بسراييفو في البوسنة.