مؤتمر الأمم المتحدة الـ23 للمناخ في بون

قرر مندوبون يمثلون 200 دولة، في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الـ23 للمناخ في بون، خوض عام جديد من الحوار، بهدف التوصل إلى بيان مشترك بحلول نهاية عام 2018، بشأن انبعاثات الغازات المسببة ارتفاع حرارة الأرض، ويرمي ذلك إلى تشجيع الدول ومساعدتها على إعادة النظر في التزاماتها غير الكافية حتى الآن، كي يتمكن العالم من تجنب ارتفاع حرارة الأرض بدرجتين مئويتين، عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، وفق ما ينصّ اتفاق باريس حول المناخ، وتوقع القرار أن يكون الحوار "بنّاء لإيجاد حلول، وهو لا يستهدف أحدًا".

وأنهى المؤتمر أعماله، السبت، بعد أسبوعين من المحادثات الشائكة نتيجة انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس، وقبل بدء عام 2018 الذي سيشهد مفاوضات شاقة، فيما هزّ صبي اعتلى المنصة خلال المؤتمر، مشاعر الحضور راويًا الدمار الذي ألحقه التغير المناخي ببلدته الصغيرة في فيجي، إذ روى تيموسي ناولوسالا، ابن الثانية عشرة، بلغة إنكليزية متقنة، كيف باتت المياه تطمر جزيرته إثر ارتفاع مستوى المحيط، وبدا التأثر واضحًا على وجهه عند التطرق إلى إعصار «وينستون» الذي قلب حياته رأسًا على عقب العام الماضي، وقال "دُمّر منزلي ومدرستي ومصدر مأكلي ومشربي وعيشي، وعمّت الفوضى حياتي ورحت أتساءل عن السبب وعما يجب علي فعله".

والسبب معروف فهو التغير المناخي، "الخطر الذي يُتوقع تفاقمه"، وفق عالم المناخ يوهان روكستروم مدير مركز "ستوكهولم ريزيليينس سنتر"، وبدأ المفاوضون في بون، من بينهم البعثة الأميركية وضع سبل تنفيذ اتفاق باريس المفترض تطبيقه بدءً من عام 2020، وبحثوا في كيفية تقديم الدول تقارير بشأن نشاطاتها، ومتابعة المساعدة المالية التي وعدت بها الدول الغنية، لكن لا شيء محسوم حول مسألة التمويل، وهي ستكون موضع نقاش في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع والعشرين المرتقب في كانون الأول/ ديسمبر 2018 في مدينة كاتوفيتسه في بولندا.

ورأى ديفيد لوفي من معهد العلاقات الدولية، أن "القضية لن تكون سهلة، إذ كنا نتوقع تقدمًا أكبر" في بون، مشيرًا إلى النقص الكبير في القيادة، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وقالت مفاوضة أوروبية، "سيكون لدينا عمل كثير في 2018".

وأعلنت إدارة ترامب التي أكدت نيتها الانسحاب من الاتفاق لكن لن تتمكن من ذلك رسميًا قبل نهاية عام 2020، "عدم دفع الأموال التي وعد بها الرئيس السابق باراك أوباما والبالغة بليوني دولار المخصصة للصندوق الأخضر التابع للأمم المتحدة"، وستعقد جولة محادثات في أيار/ مايو 2018، ويتضمن جدول أعمالها الملف المالي الذي جعل المفاوضات في بون تستمر حتى صباح السبت، وتنذر كل التوقعات على المدى الطويل بفرضيات سلبية، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ولا تزال أبرز غازات مفعول الدفيئة تتركز في الغلاف الجوي في شكل متزايد.
وكشف رئيس وزراء فيجي فرانك باينيماراما الذي رأس المحادثات التي استمرت أسبوعين في بون، أن النتيجة هي "تسليط الضوء على أهمية الإبقاء على قوة الدفع والتمسك بروح اتفاق باريس ورؤيته"، واتفقت الوفود على إطلاق عملية في 2018 لبدء مراجعة الخطط القائمة للحد من انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، في إطار جهود طويلة الأمد لرفع سقف الآمال سيطلق عليها "حوار تالانوا"، وهي كلمة بلغة فيجي تعني نقل الأفكار وتبادل الخبرات.

وأحرزت الوفود تقدمًا في ما يتعلق بوضع مسودة كتاب يتضمن القواعد التفصيلية لاتفاق باريس المبرم عام 2015، والساعي إلى إنهاء مرحلة الاعتماد على الوقود الأحفوري خلال هذا القرن، ويتطرق كتاب القواعد لجوانب مثل كيفية الإبلاغ ومتابعة انبعاثات كل دولة من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، ومن المقرر أن يكون جاهزًا في شكل كامل في كانون الأول من العام المقبل.

واعتبرت جماعات معنية بالبيئة، أن "النتائج التي خلصت إليها محادثات بون، تشكل خطوة في الطريق الصحيح ولكن لا تزال توجد قضايا كثيرة في حاجة إلى الحل خلال العام المقبل، بما في ذلك الدعم المالي للدول النامية التي تريد خفض الانبعاثات"، وقد بلغ الاحتباس الحراري درجة مئوية واحدة منذ الحقبة ما قبل الثورة الصناعية، واشتدت موجات الجفاف والحر والعواصف الفتاكة.