الملكة رانيا تشارك بمنتدى مسك العالمي

قدمت جلالة الملكة رانيا العبدالله مفارقات الواقع في العالم اليوم الذي يعيش عصر الوفرة والتقدم العلمي، مقابل شح الأمل العالمي في عيون من يتضورون جوعاً والمحرومين من التعليم ومن أبسط أساسيات الحياة.

وقالت جلالتها في كلمة لها خلال افتتاح أعمال منتدى مسك في الرياض في المملكة العربية السعودية بحضور عدد من كبار المسؤولين في السعودية ومجموعة من قيادات الأعمال والتقنية والابتكار والعلوم على المستوى الدولي، ان العالم يعيش اليوم حالة من شح الأمل التي تدفعنا لأن نكون أكثر حاجة للتواصل وتبادل الخبرات وآفاق الابتكار.

وقدمت جلالتها الشكر لولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز على جمع هذه الكفاءات العالية والرياديين من شتى المجالات، بما يتوافق مع رؤيته الجريئة التي تحمل تقديراً ودعماً للابتكار والعلوم، وفرصاً يطمح لها الشباب السعودي.

وعرضت جلالتها لمشاهداتها من زيارتها قبل أسابيع الى مخيم للاجئين الروهينجا المسلمين الفارين بحياتهم وأعراضهم في بنغلادش، وقالت "استباحت الحرب حياتهم كما استباحت حياة الملايين في منطقتنا العربية... عالم تُمتهن فيه الكرامة؛ وتهان فيه الحياة وكأنها لا شيء"، مضيفة "واقع هؤلاء وغيرهم ممن يحاربون المرض والفقر والجهل والإقصاء في عالمنا العربي لم تغيره التقدمات العلمية ولا التقنية ولم ترفع الابتكارات مأساتهم".

وتساءلت جلالتها "أوليست مفارقة بأن يتضور الناس جوعاً في عصر الوفرة؟ وأن نجد ملايين الأطفال خارج المدارس في عصر التعليم المجاني؟ وأن نفقد الاتصال بقضايانا الإنسانية الأهم في عصر التواصل، وأن نقصي الاختلاف ونحاربه بدلاً من نسج مجتمعات متعايشة وآمنة؟".

وطرحت جلالتها التساؤلات التالية، "هل نحن جاهزون لتوظيف مكاسب الثورات العلمية والصناعية التي يشهدها العالم؟ وكيف سنتكيف مع الثورة الصناعية الرابعة التي تضرب بكثير من الصناعات التقليدية، ولدينا اليوم من أعلى نسب البطالة في العالم؟".

وأضافت، "كيف سنواكب التغييرات في أنماط التعليم ونرتقي به في مدارسنا إن كان ثلاثة عشر مليون طفل عربي محرومين من المدارس أصلاً، وأغلبية الباقين يتلقون تعليماً عفا عليه الزمن"، مؤكدة "علينا أن نعيد النظر في دوافعنا لاقتناء التكنولوجيا، فليست الأولوية سباق القـلة إلى القمة بامتلاك آخر صيحاتها؛ بل تكنولوجيا تمد يديها لترفع مجتمعاتنا بأكملها".

وقالت جلالتها "ما نحن بحاجة اليه هو تكنولوجيا لها قلب، وقلبها علينا. تكنولوجيا لا تقاس سعتها وسرعتها بالبت والبايت، بل بقدرتها على ردم الفجوات التي تقف بيننا وبين تحقيق ذاتنا كشعوب. فجوة الأمان؛ وفجوة التعليم؛ وفجوة الأمل"، مبينة أن "ثلث الشعب العربي متأثر بشكل مباشر بالنزاعات، وملايين العرب لفظتهم أحضان أوطانهم فهربوا بحياتهم وأحلامهم".

ونوهت جلالتها إلى أن الشعور بالخوف لا يقتصر على بلدان النزاعات، لأن "الأمان ليس السلم من الحرب فحسب؛ بل هو السلم من الخوف، وهو الثقة في المستقبل"، متسائلة "كم من عربي ينام ويصحو متمنياً أن تسنح له فرصة خارج وطنه؟ كم عربي يعيش في وطنه ويحلم بوطن آخر، وطن يحتضن أحلام أولاده ويستثمر في عقولهم؟.. وكم من طفل يحلم بمدارس نوعية، وكم من شاب أو شابة يحلم بتحقيق ذاته، أن يتعلم ويعمل، وربما أن يُسمع رأيه وتكون له إضافة كالنخبة التي أمامي الآن؟".

وقالت، "كيف سنتبادل الخبرات ونحن غير قادرين على حوار بعضنا وتقبل اختلافنا، وبتنا فئات ومذاهب وأدياناً وأطيافاً وهناك دائماً "آخر" نحاربه أو نتعالى عليه أو نهاجم اختلافه عنا. إن كان الاختلاف أول ما نراه، سيبقى الأمان آخر ما ننعم به".

ودعت جلالتها الى أن يتم تبني من التقنية "ما يزيد من قيمتنا الإنسانية ويبقي الأمل حياً في نفوس شبابنا. لأن شبابنا العربي مفخرة، فكثيرة هي الأمثلة التي التقيها لشباب لمعوا بابتكاراتهم وبرزوا في مجالات علمية وأدبية وقد أتوا من أقسى الظروف"، قائلة "لنفتح للشباب العربي الآفاق ونوفر لهم الفرص ليحققوا ذاتهم وطموحاتنا لهم. لنشعرهم بأن المستقبل ملكهم، ونؤمن لأنفسنا ولأبنائنا أرضاً خصبة نغرس فيها أحلامنا فتثمر".

يذكر أن مؤسسة مسك الخيرية التي أسسها ولي العهد السعودي سمو الامير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز تنظم منتدى مسك العالمي للسنة الثانية، ويقام تحت شعار "مواجهة تحدي التغيير".

ومن بين المتحدثين في المنتدى رئيس مؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية بيل غيتس، والمؤسس المشارك لخدمة سكايب يوناس كييلبيرغ، والمؤسس المشارك لموقع لينكدإن آلن بلو، بالإضافة إلى ممثلين من شركات تقنية كبرى كغوغل وأمازون وآي بي إم.

ويناقش المنتدى هذا العام مجموعة من التحديات التي تواجه العالم، ويتضمن جدول أعماله موضوعات متنوعة ضمن محاور رئيسية في حياة الشباب هي العيش والعمل والتعلّم والمساهمة. كما يشتمل على ورش عمل لاكتساب مهارات جديدة.