صنعاء _ اليمن اليوم
لم تكن الحرب المشتعلة في اليمن منذ حوالي أربع سنوات، عائقا أمام الفنان اليمني التشكيلي ردفان المحمدي لمواصلة طموحاته وأهدافه الفنية التي تمزج الحياة بالجمال، رغم تعاسة الصراع وأوجاع الحروب.
ظل المحمدي (32 عاما) مكافحا في سبيل الفن والجمال وفي طريق صنع الحياة، بعيدا عن صناع المأساة والحروب.
ويقول المحمدي، الذي يعتبر من أبرز الفنانين التشكيليين في اليمن، إنه «في حالة الرخاء يتمنى الإنسان أن يموت، لكي يدخل الجنة، ويعيش أفضل مما هو عليه الآن، طمعا بالعيش كل الحياة بأفضل حالاتها»، لكن حين يأتي الموت من خلال الحرب تتشبث الناس بالحياة على قدر مما تستطيع.
المحمدي يعمل رئيسا لمجلس إدارة المنتدى العربي للفنون في العاصمة صنعاء، ويقيم العديد من الأنشطة الفنية ويمارس الفنون بشكل متكرر، مع تدريب العديد من الفنانين على صنع الجمال والإبداع رغم ظروف الحرب.
ويضيف «الفن حياة، ولهذا يزدهر الفن في اليمن، ويعيش لحظاته في أوساط المجتمع، إثباتا للجميع أننا نستطيع العيش بفرح وسعادة رغما عن تجار الحروب».
وقال «أحببنا إيصال رسائل الحب والسلام من خلال الإبداعات التي أثرتها أيادي أعضاء وطلاب المنتدى العربي للفنون».
ويشير إلى أن المنتدى قدم مؤخرا الكثير من الفعاليات والدورات في أغلب المجالات الإبداعية لاستقطاب المتعطشين لذلك، وتنوير المجتمع بأهمية الفن ودوره في تنمية الأذواق الفنية.
ويشعر المحمدي بفخر كبير لنشاطه الفني الدائم، رغم أوضاع بلاده الصعبة، ويقول إنه قام بالمشاركة في المعارض الدولية في العاصمة المصرية القاهرة مع بعض فناني المنتدى العربي للفنون، كملتقى المبدعين الدولي الثامن والتاسع، وملتقى «بصمات» الثالث عشر وحتى السادس عشر، والذي يقام مرتين في السنة.
وتابع «لقد أقمنا أيضا مسابقة عربية للوحات الصغيرة في العام 2017، وشاركت فيها تسع دول عربية، وحاليا أقمنا مسابقة محلية تقديرا لمسيرة الفنان اليمني الراحل فؤاد الفتيح، بالإضافة إلى المشاركة، في مهرجان فني سابق، وقبل ذلك إقامة مهرجان عادت مبيعاته لإحدى الجمعيات التي تهتم بالمعوقين في اليمن».
واشترك المحمدي خلال فترة الحرب بالعديد من المعارض، من أهمها بينالي بكين الصيني الدولي السابع للفنون في العام 2017، وملتقى المبدعين الدولي التاسع، والذي حصل فيه على الجائزة الأولى عربيا، والعديد من المعارض الأخرى، مع تقديمه بعض الدورات التدريبية.
وفي ما يتعلق بتأثيرات الحرب على الصعيد الفني في اليمن، يقول إن الحرب أثرت سلبا وإيجابا، فهناك بعض الفنانين استجابوا للظروف والإحباطات واعتزلوا الفن، في حين اتجه البعض الآخر للخروج من قوقعته ونشط من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ما عزز لديه مصدر دخل جيد وعلاقة واسعة النطاق بالمعارض العربية.
ردفان المحمدي: يزدهر الفن في اليمن إثباتا للجميع أننا نستطيع العيش بفرح وسعادة
ولفت إلى أنه في ظل الحرب، تغيرت أساليب الفنانين، والكثير اتجه للمدارس السريالية والرمزية والواقعية التشخيصية، للتعبير عن قبح الحرب وأثرها على المجتمع أرضا وإنسانا.
وحول لوحاته التي شهدت رواجا كبيرا، قال إن «لوحة اليمن السعيد» لاقت رواجا هائلا، كونها تتحدث عن كارثة الحرب في اليمن، وهي تصور رجلا مسنا تجاوز المئة عام وهو يحدق من الشباك في الدمار الذي لحق باليمن.
وأوضح، «هي لوحة مزجت بين الحزن والتحدي، بين التساؤل والاستغراب…اختلطت بعينيه العديد من المشاعر، فكان للوحة أثر كبير على المجتمع اليمني، واشتهرت بشكل كبير في وسائل التواصل الاجتماعي وتناقلتها الكثير من الصحف والقنوات».
وقد جلبت هذه اللوحة الشهيرة فوزا كبيرا للمحمدي، الذي تم اختياره كأفضل فنان تشكيلي عربي في مسابقة أقيمت في لندن عام 2016، وشارك باللوحة ذاتها في بينالي بكين الدولي للفنون في الصين، وتم اقتناء عمله في متحف الفن الوطني الصيني.
ومن بين اللوحات التي قام برسمها، فتاة تلبس الزي الصنعاني التقليدي المسمى يمنيا بـ«الستارة» وخلفها منظر جميل لإحدى قرى صنعاء، وقد هدفت هذه اللوحة إلى إظهار التراث اليمني والطبيعة اليمنية الجميلة.
وعلى الرغم من الصعوبات التي قد تواجه الكثير من الفنانين، خصوصا اليمنيين، يشعر المحمدي بأمل كبير في المستقبل، ويعلن أنه سيقوم بفتح فرع للمنتدى في القاهرة، ليكون حلقة وصل بين الفنان اليمني والفنان المصري والعربي، كون الحركة في مصر متقدمة ومحور تواصل بين الفنانين العرب.
وحول مساهماته المستقبلية، يقول إنه «سيشارك في ملتقى دولي في الأردن سيقام الشهر المقبل، تنظمه جمعية البلقاء للفنون هناك».
ويطمح المحمدي إلى أن يتحقق في اليمن الاهتمام بالفنون، من قبل كل القطاعات سواء الدولة أو رجال الأعمال.
وأردف «ليس هذا الاهتمام مشروطا بأن يكون دعما فقط للفنان، وإنما الاستثمار في الفن، كون ذلك يحقق أرباحا أيضا». وأوضح في هذا السياق «عندما تقدم ثقافة وترفيها، ويقابلها ربح مادي، أليست تجارة رابحة ماديا ونفسيا؟».
ويقول “لا بد أن يكون في اليمن العديد من المسارح الخاصة ودور السينما، وترافق ذلك توعية المجتمع بأهمية الفنون”، مضيفا “من يقرر الاستثمار في الفن، لن يندم أبدا، خصوصا أن اليمن أرض خصبة لذلك».
وحول الرسالة التي يوجهها للفنان اليمني، يقول «أقول له انطلق…دعك من المحبطات والتوكل على الآخر…كن أنت سيد نفسك، فأنت لديك مساحة واسعة في هذا الكون وفي قلوب الناس…
اجعل من فنك بصمة في قلوب الكثير، ومثمرة على الواقع…حتما ستصل بالفن إلى أعلى المراتب، وسيوصلك هو أيضا لنفس المرتبة».
وفي ما يتعلق بالهدف الأساسي له، يقول المحمدي إنه على الرغم من أن دراسته للرسم كانت صدفة، إلا أنه حينما أحب الرسم قرر أن يقوم بتعديل في هدفه ليكون الفن هو هدفه الأساسي، وعليه اتجه لذلك.
واختتم بالقول “عندما أتذكر كل الصعوبات التي واجهتني، أجدها طبيعية وتمر على الجميع، بل أجد المتعة في ذلك حينما أرى أن ما وصلت إليه حاليا ليس بالقليل”.