مريض الانفلونزا

كشف الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة ، وإستشارى الأطفال و زميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس عن أسرار جديدة أكتشفها العلم الحديث عن فيروسات البرد الأنفية ، التى تعد أكثر الأنواع وأسرعها انتشارا بين البشر ، مؤكدا أن هذا النوع من فيروسات البرد هو الصيحة الحديثة لهذا العام ، وأن لها 20 وجها ، لأنها تمثل حوالى ١٥٠ نوعا وليس نوعا واحدا ، و لا تحمى العدوى بنوع واحد منها من العدوى بالأنواع الأخرى ، مما يفسر تكرار الإصابة بنزلات البرد عدة مرات فى الموسم الواحد ، وإنها بشكل عام ليست مخيفة أو قاتلة ، والشفاء منها هو القاعدة حيث يخلص الجهاز المناعى الجسم منها تماما فى غضون أسبوعين تقريبا

وقال ، أن العلم يفتح كل يوم بابا جديدا يزداد من خلاله فهم العلماء والمتخصصين لأسرار هذه الفيروسات ، مشيرا إلى أن أخر إحصاء أشار ت إلى أن عدد الأبحاث التى تناولت فيروسات البرد الأنفية خلال العام الحالى ( 2017 ) ، بلغ 269 بحثا، بالإضافة إلى ٨٩ بحثا تتناول علاقة فيروسات البرد الأنفية بحساسية الصدر ، منوها إلى أن هذا الفيروس عرف منذ الخمسينات حيث تم عزله لأول مرة سنة 1953 ، إلا إنه لم يتم فهم إحداثيات العدوى إلا مؤخرا ٠

ووصف بدران فى حديث خاص - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - اليوم فيروسات البرد الأنفية ، بأنها صغيرة الحجم جدا ، ولايزيد حجمها عن حوالي 30 نانومتر ،وهى كروية الشكل ، و بها 11 نوعا من البروتينات ، تشكل أربعة منها الغلاف الهيكلى البروتينى للفيروس ، وهناك 60 نسخة من كل بروتين من بروتينات الأربعة ، تكسب الفيروس تركيبا فريدا ذى 20 وجها ( سطحا )، حيث يبدو شكلها مضلعا ، فيما تشارك البروتينات غير الهيكلية المتبقية في تكاثر الجينوم الفيروسي و عملية تجميع مكونات النسخ الجديدة من الفيروس ٠

وأوضح ، أن البروتين الأول للفيروس لديه تجويف ( كالإخدود ) يفيد فى عملية الإتصال بمستقبلات الخلايا التنفسية ، فيما يمثل البروتين الرابع أمل محاولات البحث عن تطعيم شامل ضده ، لافتا إلى أن فيروسات البرد ، وفيروسات البرد الأنفية تنقسم لثلاثة أنواع هى ( آه ، بى ، سى ) ، وأن التركيب البنائى للفيروس أظهر وجود 74 سلالة تندرج تحت النوع آه بشقته ، و 25 سلالة تندرج تحت النوع بى ، و 55 سلالة تندرج تحت النوع سى ٠

وأشار ، بدران إلى التنوع الوراثي للفيروسات ، قائلا أنه فى دراسة حديثة إجريت العام الماضى ( ٢٠١٦) وجد أنه من الممكن أن تتسبب عشرين سلالة مختلفة لفيروسات البرد الأنفية فى نزلات البرد فى نفس الموسم ، وقد تم تحديد التركيب الجينى ل179 نوعا من سلالات فيروسات البرد الأنفية ، مشددا أنه لا توجد تحورات حديثة حالية لهذا النوع من الفيروسات ، لكنها تتمتع بإرتفاع معدل الطفرات، وتتميز بانخفاض إمكانية إعادة التركيب الجيني من خلال الالتهابات المشتركة ، و العدوى المتعاقبة من سلالات أنواع مختلفة من فيروسات البرد الأنفية أو العدوى مع فيروسات تنفسية أخرى ٠

ولفت ، إلى أن فيروسات البرد الأنفية يطلقها الأطفال فى المجتمع أكثر من البالغين والكبار ، ولاينجو حديثو الولادة من الإصابة بها ، حيث حذرت دراسة حديثة من إصابة الأطفال حديثى الولادة بفيروسات البرد الأنفية داخل المستشفيات ذاتها من العاملين بالمستشفيات التى ربما تصل ل50 فى المائة ، ولهذا فمن الأهمية حمايتهم من العدوى ، مشددا على أن التشخيص المبكر يحمى هؤلاء المواليد من المضادات الحيوية التى تصبح بلا فائدة , كون العدوى نتيجة فيروسات وليست بكتيريا ٠

وأشار بدران ، إلى أن العدوى تتم بدون أعراض ، وتتراوح معدلاتها في الأطفال أقل من4 سنوات من 12 إلى 32 فى المائة ، وتميل إلى أن تكون أعلى في الفئات الأصغر عمرا ، فيما تمثل العدوى بدون أعراض فى البالغين حوالى ٢ فى المائة فقط ، و الخطورة تكمن هنا فى تحرك هؤلاء المصابين بالعدوى دون أعراض كمنصات متحركة خافية وسط التجمعات البشرية تطلق الفيروسات بين البشر وهم لا يشعرون ، وتزداد المخاطر حال إطلاقها على ناقصى المناعة و مرضى الربو٠

وذكر أن مدة أعراض الإصابة بفيروسان البرد الأنفية أطول فى الأطفال ، حيث يعانى 70 فى المائة منهم من أعراض المرض حتى اليوم العاشر من العدوى مقارنة ب 20 فى المائة فقط من البالغين ، موضحا أن الفيروسات يمكن أن تتواجد في إفرازات الأنف داخل الأنف لمدة خمسة إلى سبعة أيام، و قد تستمر لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع في البلعوم خلف الأنف ، وبتركيزات أعلى من الأنف ذاتها مهما كانت طريقة العدوى سواء من الأنف أو ملتحمة العين ٠

وتابع بدران فى حديثه لوكالة أنباء الشرق الأوسط ، أن إطلاق الفيروسات يستمر من الأنف من أسبوع إلى أسبوعين فى ذوى المناعة الجيدة ، فيما يكون الإطلاق لفترات طويلة أكثر من 28 يوما فى حالات نقص المناعة ، مشيرا إلى فائدة جديدة للبكتيريا الصديقة أسفرت عنها نتائج دراسة حديثة حيث بينت أن البكتيريا الصديقة تخفض من كمية و معدل إنطلاق فيروسات البرد الأنفية فى إفرازات الأنف ، مما يزيد من رصيد فوائدها للإنسان من حيث رفع مناعة الجسم والتقليل من الحساسية ٠

وأعرب بدران ، عن أسفة لسوء استعمال المصريين للمضادات الحيوية والاستخدام العشوائى ، مما يتسبب فى قتل هذا النوع من البكتيريا الصديق للإنسان ، ويحرم الجسم من فائدتها ، موضحا أن "الخلايا الصارية " تلعب دورا هاما فى حدوث الربو والحساسية ، وإنها سميت بهذا الإسم لأنها مملوءة بحبيبات تنطلق منها وسائط كيمائية مثل الهيستامين ( مسببات الحساسية )، التى تسبب توسع الأوعية الدموية ، و إنتفاخ جدرانها الأمر الذى ينتج عنه ظهور أعراض الحساسية ،،مثل سيلان الأنف و الدموع ، و إنقباض العضلات الملساء الموجودة فى الممرات الهوائية مسببا ضيق الشعب الهوائية وضيق النفس ، و إحمرار الجلد و حرقان بالفم ، و صداع و الميل للقئ مع التركيزات العالية ٠

أشارعضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة ، وإستشارى الأطفال ، إلى ما بينته دراسة حديثة من أن الخلايا الصارية
تسهل تكاثر فيروسات البرد الأنفية ، وأن هذه النتيجة قد تساهم فى فهم ارتباط هذه الفيروسات بتفاقم حالات الربو الشعبى ، وربما يفتح ذلك أفاقا لأبحاث جديدة حول امكانية الحد من ذلك ، محذرا فى ختام حديثه من الإستهانة بفيروسات البرد الأنفية خاصة مع ضعف المناعة أو الإصابة بالربو ، حيث لا يوجد تطعيم أو علاج حالي ضدها ، ومازالت الأبحاث على البروتين الرابع للفيروس فى بدايتها ، مؤكدا أن الوقاية يمكن أن تتم بالتطعيم الثقافى الذى يشمل غسل الأيدى وتطهيرها وتطهير الأسطح ، و اتباع إيتيكيت العطس والسعال ،ورفع المناعة و النوم الجيد ، مشددا على أن المستقبل واعد و فى انتظار مضادات سريعه تبطل تكاثر الفيروس أو تمنعه من دخول الخلايا التنفسية ٠