الميليشيات الحوثية

أقدمت الميليشيات الحوثية على التنكيل بسكان إحدى القرى في محافظة ذمار اليمنية، أمس، غداة مقتل وجرح عدد من عناصرها في مواجهات بين سكان القرية التابعة لمديرية جهران، استمرارا لجرائم الجماعة بحق السكان المدنيين في المناطق الخاضعة لها.

وجاء ذلك وسط اتساع حالة السخط الشعبي ضد الجماعة في صنعاء وذمار وإب، وتصاعد الدعوات الرامية إلى كسر حاجز الخوف ضد الوجود الحوثي الانقلابي المدعوم إيرانيا، بخاصة في الأوساط القبلية والعسكرية الموالية لحزب "المؤتمر الشعبي".

وأفاد شهود ومصادر حقوقية متطابقة لـ"الشرق الأوسط" بأن الجماعة الحوثية أقدمت أمس على التنكيل بسكان قرية الخربة في محافظة ذمار، وفرض حصار مسلح عليها، بعدما أقدمت على تنفيذ حملات دهم واعتقالات طالت أكثر من 100 شخص من سكان القرية.

وذكرت المصادر أن عناصر الجماعة أطلقوا يدهم في نهب ممتلكات السكان والاعتداء على الأطفال وكبار السن بأعقاب البنادق أثناء قيامهم بدهم المنازل واقتياد العشرات من أبناء القرية الواقعة إلى الشمال من مدينة ذمار حيث مديرية جهران التي ينتمي إليها رئيس البرلمان والقيادي في حزب "المؤتمر الشعبي" يحيى الراعي.

وأكدت المصادر أن الحملة الحوثية جاءت للانتقام من سكان القرية غداة مقتل أحد مسلحي الجماعة وجرح ستة آخرين في مواجهات بين السكان وعناصر حملة أمنية للجماعة كانوا يحاولون اعتقال أحد أبناء القرية لجهة اتهامه من قبل الجماعة بأنه على صلة بالحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
ومع تصاعد حملات القمع الحوثية ضد السكان في محافظة ذمار، كان القيادي في حزب الرئيس السابق اللواء محمد عبد الله القوسي، وهو أحد الزعامات العسكرية والقبلية البارزة في المحافظة دعا السكان إلى انتفاضة شاملة ضد الوجود الحوثي وتعزيز حالة التواصل والتنسيق مع القوات الحكومية. وجاءت تصريحات القوسي الذي تمكّن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي من الإفلات من قبضة الجماعة الحوثية إثر وأد انتفاضة الرئيس السابق وقتله في منزله مع عدد من أتباعه الحزبيين والعسكريين، في تصريحات نقلتها قناة "اليمن اليوم" التابعة لأقارب الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
ودعا القوسي اليمنيين الخاضعين للميليشيات الحوثية إلى الصمود وانتظار ساعة الصفر لإطلاق الانتفاضة الشاملة ضد الوجود الانقلابي للجماعة، مؤكدا أن الحوثي هو العدوان الأول على اليمن وأن كل القيادات التي أجبرها على النزوح ستعود للمواجهة مع الجماعة التي وصفها بأنها خائنة للعهود والمواثيق.

على صعيد آخر، أعاد فريق حقوقي يمني تسليط الضوء على جملة من انتهاكات الميليشيات الحوثية في محافظتي ذمار وحجة خلال الانتفاضة التي كان قادها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح نهاية السنة الماضية والتي انتهت بمقتله في صنعاء والتنكيل بأنصاره في مختلف المحافظات الواقعة تحت سلطات الجماعة الانقلابية.

وأكد "فريق اليمن الدولي للسلام"، وهو منظمة حقوقية معنية برصد جرائم الميليشيات الحوثية، أنه حرص أن يوثق جرائم الميليشيات التي لم تلتفت إليها المنظمات الحقوقية وخاصة الجريمتين اللتين ارتكبتهما الجماعة في منطقة رصابة في ذمار ومدينة حجة.

وذكر الفريق في بيان أن الجماعة الحوثية كانت أرسلت عناصر ميليشياتها في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى مديرية رصابة وقامت بالاعتداء على أهالي المنطقة وفي مقدمهم الشيخ ضيف الله زايد مثنى وباشرت بإطلاق النار عليهم واستحدثت نقاطا عسكرية في المنطقة وقتلت في اليوم الأول كلا من عادل زايد مثنى، ومثنى أحمد مثنى وأصابت العديد من أهالي المنطقة، وفي مقدمهم الشيخ ضيف الله مثنى والعميد محمد العقر اللذان كان تم إسعافهما بصعوبة إلى أحد المستوصفات القريبة ونقلا سرا إلى المسجد خوفا من تفجير المستوصف.

وكشف الفريق الحقوقي أن عناصر الميليشيات علموا بوجود الجريحين في المسجد فباشروا باقتحامه وأطلقوا النار عليهما ما أدى إلى مقتلهما، دون مراعاة لحرمة المساجد ولا لكون القتيلين جرحى مصابين تحرم الشرائع السماوية والقوانين والمعاهدات المساس بهما.

وفي حين بلغ القتلى من أهالي القرية خمسة أشخاص ذكر التقرير الحقوقي أن الجماعة الحوثية قامت فورا بتفجير منزل ومخازن تابعة للشيخ ضيف الله مثنى ونهب ممتلكاته ومنها محطة الغاز ومضخة للمياه، كما أتلفت خزان المياه الذي يزود نحو ألف أسرة بمياه الشرب، إلى جانب قيامها بنهب وسرقة أموال ووثائق محمد العقر وتفجير منزله وكذا اعتقال ما يزيد على 35 فردا من المنطقة وتعذيبهم داخل المعتقلات.

وأشار التقرير إلى أن ستة معتقلين من أبناء القرية ما زالوا حتى الآن في سجون الميليشيات، في الوقت الذي شردت فيه الجماعة العشرات من السكان وشبان المنطقة الواقعة في مديرية رصابة.

وطالب الفريق الحقوقي بعدم تناسي هذه الجرائم الحوثية من قبل المنظمات الحقوقية، ودعا إلى أخذ حقها في التحقيق الكامل ومحاسبة القيادات الحوثية المسؤولة عنها.

وتطرق التقرير إلى جريمة حوثية أخرى قام بتوثيقها في محافظة حجة، وقال: "إن الميليشيات أرسلت مساء الثاني من ديسمبر (كانون الأول) أطقمها المسلحة وعرباتها العسكرية إلى منزل الشيخ أكرم الزرقة بمنطقة الظهرين بمحافظة حجة، والتي باشرت فور وصولها بإطلاق النار الثقيل والخفيف على منزله حتى صباح اليوم الثاني بعد أن تمكنت من قتله وقتل نجله الطفل أدهم البالغ من العمر 12 عاما، منتهكة بذلك حق الحياة وحق الطفولة وحرمة المساكن الخاصة. وأضاف التقرير الحقوقي أن الميليشيات الحوثية قتلت بجانب الشيخ أكرم ونجله أدهم صهره بسام مجاهد عواض وشفيق الزرقة،

وقامت بعد ذلك بتهجير جميع أفراد أسرته وإخراجهم من المنزل لتقوم بتفجيره.

ودان الفريق جرائم الميليشيات في حجة وذمار، وبشكل خاص الجرائم التي أشار إليها في تقريره، داعيا المنظمات الدولية إلى تصنيف الحوثيين ضمن الجماعات الإرهابية، كما دعا المجتمع الدولي إلى منع تهريب السلاح الذي يصل إلى الجماعة خلافا للقرارات الأممية بهذا الشأن.