نازحون من الحُديدة - صورة أرشيفية

تعيش عائلة مصلح منصور سعيد حياة جديدة مع النزوح بعدما أجبرت على ترك منزلها في مدينة الحديدة,حيث لم تجد أمامها سوى غرفة واحدة في أحد المباني القديمة في العدين في محافظة إب، واقتسم  الرجل مع ابنه الأكبر جدران هذه الغرفة لإنقاذ أطفالهما من نيران المعارك هناك.

ووصلت نحو 40 ألف عائلة بحسب مصادر حقوقية، المحافظة ومديرياتها خلال أقل من شهرين في موجة نزوح جديدة، ليبلغ الوضع الإنساني ذروة تعقيده.

يحكي النازح سعيد قصة خروجه مع عائلته من الحديدة قائلًا خرجنا من الحديدة نحو الساعة 8 مساء بسيارة صالون بأعجوبة حيث كانت معظم الشوارع مقطوعة، ولا شيء يُسمع سوى أصوات القذائف التي تتساقط بالمكان وما حوله بين الحين والآخر

وتؤكّد أسماء سليمان أن من حسن حظها أنها نزحت قبل أيام من منطقة الدريهمي برفقة أفراد أسرتها و12 رأسًا من الماشية "ماعز - خرفان" إلى مدينة العدين.

وقالت أسماء وهي أم لـ6 أولاد: بفضل تلك الماشية استطعنا مغادرة منطقتنا وكنت أبيع رأسًا من الماعز بـ40 أو 50 ألفًا وأنفقها طيلة فترة نزوحنا».

وأضافت: تمكنا بعد وصولنا أول منطقة في محافظة إب من استئجار منزل صغير نعيش فيه وأبحث الآن عن مرعى لرعي ما تبقى لي من ماشية

وتابعت: تحولت الحيوانات في أحلك الظروف إلى منقذ ومعين حقيقي لنا، ولولاها ما استطعنا الخروج
واعتبر شقيقها محمود أنه وأسرته أحسن حالًا مقارنة بغيرهم من النازحين. وقال: هناك أسر نزحت وهي معدمة ولا تمتلك شيئًا وأخرى لم يسعفها الوقت نتيجة ارتفاع حدة المواجهات لأخذ احتياجاتها التي تعينها على مشقة السفر والنزوح».

ويضيف: وجدنا أثناء نزوحنا وعلى مسافة قدرت بعدة ساعات أسرًا نازحة مرمية على جانب الطرقات، وأخرى تسير مع أطفالها على الأقدام، وكذلك أسر كثيرة قد نصبت خيامها الصغيرة والعشوائية في مناطق متفرقة معرضة نفسها للتأثر بعوامل الطقس القاسية».

و يقول أحمد داوُد - نازح من قرية المنظر جنوب مطار الحديدة - بأنه قرر الفرار من الحرب بعد أن تقطعت به ومن معه كل سبل البقاء.

ويؤكد داود وهو يسرد قصة معاناته مع النزوح والتشرد: نزحنا إلى محافظة إب كي نتمكن من الاستقرار، لكن لا شيء تحقق حتى الآن، ولم أستطع توفير متطلباتنا من الغذاء والدواء ونفقات إيجار منزل يؤوينا».

ويتحدث بمرارة عن مأساته وأسرته: الحرب جعلتنا نعيش حياة التشرد، لم تعد لدينا القدرة على العيش في هذه الظروف بخاصة بعد انقطاع مصادر دخلنا الأساسية. ويقول مصطفى عبد الله بأنه قرر مغادرة منزله القريب من الميناء بعد أن تصاعدت المعارك في معظم مناطق الحديدة.

وأضاف: تعرضت أنا وأسرتي عند نزوحنا لظروف صعبة، حيث اضطررت لبيع ذهب زوجتي لتمويل رحلة الهروب التي كلفتنا ما يقارب 45 ألف ريال يمني، تعادل نحو 100 دولار.

وأضاف: معظمنا كنازحين من الحديدة كنا إما عمالًا بالأجر اليومي أو سائقي دراجات أو صيادين أو موظفين حكوميين انقطعت رواتبهم منذ عامين، لذلك نحن لا نملك المال الكافي للبقاء على قيد الحياة».

و تفر مئات الأسر من مناطق القتال بالحديدة يواجه النازحون معاناة أخرى في المناطق التي نزحوا إليها تتمثل بعضها في ارتفاع أجور وسائل النقل وإيجارات المنازل إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في السابق، في حين وصل إيجار الشقق المفروشة إلى ما يقارب 400 ألف ريال شهرياً (نحو 900 دولار) مع اشتراط عدد محدد لأفراد الأسرة.

ويقول مهدي محمد - نازح تفاجأت بارتفاع أسعار النقل، حيث بلغت تكلفة المقعد الواحد على متن حافلة أو سيارة، من الحديدة إلى إب 10 آلاف ريال (الدولار يعادل نحو 500 ريال) إلى جانب ارتفاع الإيجارات حيث وصل إيجار الشقة بمدينة العدين إلى 40 ألف ريال فيما وصل إيجارها في مركز المحافظة إلى أكثر 60 ألف ريال. ويتهم مهدي ملاك العقارات بـاستغلال أزمتهم الإنسانية، ودفعهم في نهاية المطاف إلى السكن في دكاكين صغيرة.

وتحدث عن وجود أسر كثيرة في الحديدة اضطرت للبقاء في مناطقها كون حالتها المادية لا تسمح لها بالنزوح إلى خارجها.

و، دعا عاملون في المجال الإنساني كافة المنظمات المعنية والإعلاميين للنزول إلى مواقع النازحين أينما كانوا، وتفقد أوضاعهم والنظر في احتياجاتهم، ونقل معاناتهم إلى المنظمات الدولية. وخلّفت الحرب أوضاعاً إنسانية صعبة حيث تشير التقديرات إلى أن 21 مليون يمني (80 في المائة من السكان) بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

وقالت منظمة الأمومة والطفولة "يونيسيف" قبل أيام إن الفريق التابع لها في اليمن، تمكن من إنقاذ حياة 16289 طفلًا ممن يعانون من سوء التغذية الحاد في الحديدة خلال النصف الأول من هذا العام رغم كل المعوقات.

ولفتت إلى أن هناك 400 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في مختلف محافظات البلاد.

و تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الأوضاع الصحية في الحديدة هي الأسوأ على مستوى البلد، كما تعاني من أعلى معدلات سوء التغذية في اليمن.