صنعاء - خالد عبد الواحد
انقض الطفل محمد حمود على بقايا الطعام الذي تركه احد الطلاب في جامعة صنعاء، فوق الطاولة، ليأخذه خلسة قبل أن يراه أحد، والغريب أن محمد لم يأكل بقايا الخبز المحشي بالبيض، بل اخذه لاخته التي تجمع المال من الطلاب لتوفير الطعام والشراب للأسرة، ولم تقبل الاخت أخذ بقايا الخبز وأجبرته على تناوله؛ لأنه لم يتناول أي شيئ من مساء اليوم الماضي.
ويجلس الطفلان أمام كلية الإعلام بجامعة صنعاء، يترددان على الطلاب والطالبات، لجمع المال لشراء الاحتياجات الضرورية، لأسرتهم المكونة من خمسة أفراد، يجنيان نحو 1500ريال مايقارب "دولارين"، لكنها لا تكفي لتوفير طعام الغداء، لكنهما يحاولان جمع ما بقي من الطعام، لوجبتي الافطار والعشاء.
لم يكن الطفلان متسولان، ولن يتسللا لأخذ الطعام، لولا الحرب التي حوَّلت الآلاف من الأطفال إلى متسولين، وشردت مئات الآلاف من الأسر من منازلها، في البلاد، منذ اندلاعها مطلع العام 2015.
ويزذاد الوضع في اليمن، ضراوة، على المستوى العسكري، ما يزيد الوضع الإنساني سوءًا يومًا بعد آخر، وسط انهيار تام للمنظومة الاقتصادية، والصحية، وباتت المجاعة تُهدد أكثر من نصف سكان البلاد، وارتفعت نسبة الوفيات بسبب سوء التغذية الحاد، الذي يتعرض له معظم اطفال اليمن، وبات النزاع الذي تشهده البلاد، جحيم يعيشه الأطفال".
وقال خِيرْت كابالاري مدير اليونيسف الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "هنالك 30 ألف طفل في اليمن يقضون نحبهم، كل سنة من جراء سوء التغذية كأحد أهم الأسباب من وراء ذلك".
واضاف في مؤتمر صحافي "أن اليمن اليوم هي جحيم للأطفال، ليس فقط ل 50 – 60% من الأطفال بل لكل طفل وطفلة في اليمن"، مشيرا إلى أن 1,8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، 400,000 طفل يعانون من سوء تغذية مهدِّد للحياة. لافتا إلى أن40% من ال 400,000 طفل يعيشون في مناطق النزاع.
وقال خيرت "إن نصف أطفال اليمن دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن، بالإضافة إلى 1.1 مليون إمرأة حامل ومرضعة، أي عندما يلدن أطفالهن يعلمن أن معدل الولادة سيكون قليل.
وبين خيرت ان " لسوء التغذية عواقب صحية على الأطفال ولكن سوء التغذية المزمن له أثر على نمو الطفل. مؤكدا ان "50% من الأطفال (دون سن الخامسة) الذين يعانون من سوء التغذية المزمن، جميعهم لن ينموا أو يطوّروا قدراتهم الذهنية الكاملة. واردف"فهذا سيئ بالنسبة لهم وبالنسبة لليمن إذا ما أردنا أن تصبح اليمن دولة تنعم حياة جيدة".
ولفت إلى أن مستويات التلقيح انخفضت إلى حد كبير، مضيفا" فمستويات التلقيح لم تكن مرتفعة (اصلاً) فنتيجة لذلك هنالك أمراض مثل الحصبة والدفتيريا ولها آثار قاتلة على الأطفال".
واكد خيرت أن "الوضع في اليمن صعب ويتدهور باستمرار، بالإضافة إلى الحرب هناك الأزمة الاقتصادية والتي تؤدي إلى شح المواد الأساسية للشعب اليمني".
وأكد أن أي هجوم على الحديدة لن يؤثر فقط على حياة الأطفال المتواجدين هناك بل نخاف أيضاً على الأثر الذي ستوقعه على السكان بشكل عام بالجزء الشمالي من البلاد.
وطالب خيرت أطراف النزاع، أن تكفل وصولًا المساعدات الانسانية و حماية الشعب بدون اي شرط و قيد.
كما طالب من المجتمع الدولي أن يستمر بالدعم السخي تجاه الشعب اليمني والأطفال في اليمن فهم محتجزون، فليس هنالك سبيل للخروج فالقليل غادروا، ويعيشون كلاجئين. يجب أن نستمر بالسخاء اتجاه الشعب اليمني.
ويموت كل عشرة دقائق طفل في اليمن، لاسباب عدة ، اما الاصابة بالكوليرا او الفيروسات الاخرى، او سوء التغذية، ويمكن تجنبها لولا الحرب التي انهكت البشر والشجر.
وتعاني اليمن، من شحة المياه، بالاضافة الى ارتفاع اسعار المواد الغذائية، والاساسية، وانهارت المنظومة الصحية، ما القى بظلاله على كافة السكان ، وعلى الاطفال بشكل خاص، الذي يمثلون الفئة الاضعف، وتحتاج إلى رعاية صحية وغذائية مركزة.
وقالت الناشط الانسانية، وفاء الحكمي، ل"العرب اليوم"،ان الالاف من الاطفال الرضع، يفتقرون إلى الحليب المجفف بسبب ارتفاع الأسعار ، وعدم قدرة معظم الاسر على توفير ابسط المواد الغذائية اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
واشارت إلى أن الصراعات المستمرة ستزيد طين المجاعة بلة، لافتة الى ان العديد من الاسر تفقد مصادر دخلها بشكل يومي، وأشارت الى ان الوضع الإنساني، مهدد بالمزيد من الكارثية ، اذا استمر الصراع في البلاد اياما اخرى.
ويرقد العشرات من الأطفال في مستشفى السبعين بالعاصمة صنعاء، مصابون بسوء التغذية، والاسهالات المائية الحادة معظمهم قدم من محافظة الحديدة غربي اليمن، والمناطق التي تشهد اشتباكات.
وتنام غادة محمد ذات العام والنصف في مستشفى السبعين منذ اكثر من سبعة أيام، بعد أن أصيبت بسوء التغذية، الحاد.
وتمكنت اسرتها النازحة، من مدينة الحديدة، من احضارها الى المشفى بعد ان اوشكت على الموت.
وتجلس امها بجانبها، والتي باتت اشبه بهيكل عظمي، بسبب نحولة جسمها الشديد.
وغادرت أسرة غادة مدينة الحديدة بسبب الصراع المستمر الذي تشهده المدينة منذ، نحو عام.
وقالت ام غادة ل"العرب اليوم"، بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية، وارتفاع أسعار الحليب، والهجرة من مكان الى اخر، اصيبت الفتاة بالضعف الشديد، واردفت " كنت احاول ان اطعمها من الطعام الذي نأكله، لكنها كانت ترفضه دائما".
وأكدت الدكتورة مها التي تعالج غادة، أن حالتها تسوء يوما بعد اخر، بسبب عدم عمل معدتها على خصم الحليب، بشكل طبيعي، مشيرة إلى أن جهازها الهضمي والتنفسي، يكادان يتوقفان، لكنها لاتزال تحت الرعاية الصحية، والتنفس الإصطناعي.
وتُعد غادة محظوظة، فقد تمكنت اسرتها من الوصول إلى المشفى قبل ان تفقد حياتها، فيما يقضي العشرات نحبهم، بين عشية وضحاها، بسبب تفشي وبائي الكوليرا والدفتيريا، وانتشار سواء التغذية الحاد، وارتفاع نسبة المجاعة الى اكثر من 50%في البلاد