دبي ـ جمال أبو سمرا
أكّد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أنّ دولة الإمارات حسمت أمرها منذ زمن طويل واختارت العمل مع شركائها على أرضية التعاون البنّاء لتعزيز جاهزية العالم لبناء مستقبل أفضل لما فيه خير الأجيال المقبلة.
وأوضح الشيخ محمد بن راشد بمناسبة انطلاق فعاليات اجتماعات مجالس المستقبل العالمية الأثنين في مدينة جميرا في دبي والتي تعقد تحت رعايته : " نحن في دولة الإمارات جزء فاعل في الجهود العالمية الساعية إلى خير الإنسانية وضمان مستقبل أفضل... ونؤمن بأن التعاون البناء وهو المحرك الحقيقي لإحداث التغيير الإيجابي.. وأن العمل الفردي يظل قاصرا في عالم يتطور بشكل متسارع ".
وأضاف : " المستقبل لا يأتي إلينا بل نحن من نستشرفه ونشكله ونمسك زمام المبادرة في ابتكار تقنياته وتوظيفها لتحقيق التنمية والتطور وبناء اقتصاد قائم على المعرفة.. لا نقف في موقع المتفرج بل الفاعل والمؤثر في دوران عجلة المستقبل عبر المسرعات والابتكار وتوظيف العلوم والتكنولوجيا في المجالات وتبني نماذج للتغيير بناء قدرات لأجيال شغوفة بالمعرفة واستشراف المستقبل".
وكانت أعمال اجتماعات مجالس المستقبل العالمية قد انطلقت اليوم برعاية وحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في أكبر ملتقى لتعزيز جاهزية العالم لبناء مستقبل أفضل في ظل ما تتيحه الثورة الصناعية الرابعة من حلول وابتكارات لخدمة الإنسانية.
وحضر انطلاق اجتماعات مجالس المستقبل العالمية سمو الشيخ أحمد بن سعيد ال مكتوم رئيس هيئة الطيران المدني في دبي الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات وسمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد ال مكتوم رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين والفعاليات الاقتصادية في الدولة.
وذكر محمد عبد الله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل الرئيس المشارك لمجالس المستقبل العالمية في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية أن اجتماعات مجالس المستقبل العالمية تعقد فعالياتها اليوم بالشراكة بين حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالميلبحث واستشراف المستقبل في ظل ما يواجهه عالمنا من تحديات وما توفره الثورة الصناعية الرابعة من فرص .. منوها إلى أن هذه المجالس تأتي استمرارا لعلاقة التعاون الاستراتيجي مع المنتدى الاقتصادي العالمي.
وأشار القرقاوي قائلًا: " تمكنت دولة الإمارات خلال 45 عاما ومنذ تأسيسها من تحقيق قفزات كبيرة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية وهي شغوفة باستشراف المستقبل لأن دولة الإمارات جزء من منطقة لها تاريخ في تشكيل مستقبل العالم وبفضل الرؤية المستقبلية للآباء المؤسسين أدركت ومنذ زمن طويل أهمية استشراف المستقبل".
وأردف : " تمضي دولة الإمارات اليوم بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله بثبات نحو المستقبل".
وبيّن وزير شؤون مجلس الوزراء أن العالم في العام 2016 تجاوز نقطة اللاعودة بالنسبة للتغير المناخي والمتمثلة في تجاوز نسبة انبعاثات الكربون 400 جزيء في المليونوهو الحد الفاصل الذي بتجاوزه لن نستطيع السيطرة على التغير المناخي وآثاره مالم نتخذ اليوم قرارات حاسمةكما أن أشد أيام الصيف حرارة في الوقت الحاليما هو إلا يوم اعتيادي تمثل درجة حرارته المعدل العام مقارنة بما سيكون عليه مستقبلا.
وقال القرقاوي: "في ظل هذه الظروف سيرتفع معدل طلب سكان الأرض على المياه بنسبة 40% عما سيكون متوفرا بحلول عام 2030وسيحتاج العالم أن ينفق 90 تريليون دولار على مشاريع البنى التحتية خلال الـعشر سنوات المقبلة لمواجهة هذه المتغيرات المتسارعة والمرتبطة بتغيرات المناخ وزيادة الطلب على المياه وزيادة عدد السكان وانتقال معظمهم للعيش في المدن".
وأضاف: "العالم أنتج خلال السنتين الماضيتين فقط 90% من إجمالي البيانات التي بين أيدينا اليوم ما ساهم في إحداث ثورة في عالم الذكاء الصناعي وزاد فعالية تعلم الآلات خمسين ضعفا وجعل السيارات تقود ذاتها لمئات الملايين من الأميال هذه الثورة ستشكل فرصة وتحديا إذ إنها ستقلص فرص العمل في الاقتصادات المتقدمة بنسبة 50%وفي الاقتصادات الناشئة بنسبة 85%". وقال إن وفرة البيانات هذه والانتشار الواسع لتكنولوجيا المستقبل انعكسا على الكثير من المجالات الحيوية ففي مجال الطب انخفضت تكلفة التسلسل الجيني 10 آلاف مرة خلال الـ 15 سنة الماضية لتصبح متاحة لعدد أكبر من سكان العالم وتعيد ابتكار خدمات القطاع الطبي وتقدم وعودا لسكان الأرض بأعياد ميلادهم الـ 120وهم يتمتعون بصحة وحيوية".
ولفت القرقاوي إلى أنه مع المتغيرات المتسارعة يتفاقم شعور حكومات العالم وسكانه بعدم اليقين والترقب ومعها تثار أسئلة وحوارات ما يتطلب إعادة النظر في الرؤى والاستراتيجيات والسياسات والمستهدفات والأطر التنظيمية والتشريعية ومع هذه المتغيرات يتعاظم إحساس الحكومات والمؤسسات والأفراد بالمسؤولية تجاه العالم والأجيال القادمة.
واستطرد: "إن هذه المتغيرات تجعل من اجتماعنا اليوم ضرورة وتجعل لحوارنا سياقا و تجعل الحديث عن المستقبل أبعد ما يكون عن الترف النظري والرفاهية الفكرية لأن معرفة التحديات ومناقشتها ما هو إلا جزء من الحل وليس الحل كله". وتابع : "نحن اليوم وبالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي ومن خلال منصة مجالس المستقبل العالمية ومن خلال 35 مجلسا متخصصا نطلق حوارا عالميا لبحث مستقبل المواضيع والقطاعات الرئيسية والمحورية التي تشغل الاهتمام العالمي وتؤثر على حياة المليارات من البشر واستشراف ما تحمله لنا سنوات المستقبل المقبلة من فرص وتحديات إيمانا منا بهذه المسؤولية الأخلاقية تجاه العالم وتجاه أجيالنا القادمة".
وأكد القرقاوي أن هذه الاجتماعات تضع نصب أعيننا هدفا واضحا بعدم التوقف عند حد الحوار بل لنتجاوزه إلى تحقيق نتائج على الأرض تتبلور في رسم مسار عمل واضح يتضمن مبادرات مختلفة عبر تطوير رؤية مشتركة متفق عليها تشمل خطوات تنفيذية تتولى الحكومات تضمينها في سياساتها واستراتيجياتها بدءا من تحديد الأولويات وإشراك المعنيين في بحث الحلول والعمل مع شركائنا لتحويل المستقبل إلى واقع.
وأكمل "نحن في دولة الإمارات وكما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم "دولة مغرمة بالمستقبل" وبنفس الوقت ندرك أهمية تشكيل هذا المسار العملي وقد بدأنا العمل على ذلك من خلال وضع أطر العمل والاستراتيجيات المناسبة وأطلقت حكومة دولة الإمارات استراتيجية متكاملة تجعل من استشراف المستقبل ضمن أطره القريبة والمتوسطة والبعيدة محورا أساسيا لعمل الحكومة في تحديد أولوياتها وصياغة سياساتها واتخاذ قراراتهاإضافة إلى إطلاق مؤسسات متخصصة في استشراف وصناعة المستقبل مثل مؤسسة "دبي للمستقبل" و مبادرات توفر نموذجا عالميا لتسريع تطبيق تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة على أرض الواقع ضمن الأطر والتشريعات المناسبة مثل مسرعات المستقبل". مضيفًا أن الاجتماع الحالي لمجالس المستقبل العالمية سيشهد عصفا ذهنيا للخروج بإجابات لأسئلة المستقبل وتشكيل الإطار اللازم لمواجهة تحديات المستقبل ووضع التصور لمبادرات ومقترحات وتقارير ونماذج حول مستقبل المواضيع المؤثرة في تطور ونمو المجتمعات مثل الصحة والتعليم والطاقة والتنقل والأمن المائي والغذائي وغيرها .. كما سنضمن مع شركائنا في المنتدى الاقتصادي العالمي استمرارية هذا الجهد العالمي طوال العام فمسؤوليتنا تجاه المستقبل لن تنتهي بانتهاء هذه الاجتماعات.
وتشتمل الشراكة بين حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالمي في تنظيم اجتماعات مجالس المستقبل العالمية على إنشاء منصات لخبراء مجالس المستقبل يمكن من خلالها إيجاد آليات تواصل بين المؤسسات الحكومية وشركات القطاع الخاص وبيوت الخبرة والشركات الاستشارية لتقديم الاستشارات واقتراح الحلول ذات الطابع المستقبلي وعلى التعاون الثنائي في مجال بناء القدرات ونشر ثقافة استشراف وصناعة المستقبل.
وقال البروفيسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" الرئيس المشارك لمجالس المستقبل العالمية إن العالم يمر بمرحلة تقودها العديد من قوى التحول والتغيير أهمها الثورة الصناعية الرابعة المفهوم الذي ولد العام الماضي هنا في الإمارات وتقرر أن يكون موضوعا رئيسيا في اجتماعاتنا في دافوس إضافة إلى النمو المتباطئ للاقتصاد العالمي الذي يتوقع أن يصل إلى 3% سنويا في ظل حالة الكساد على مستوى الدورة الاقتصادية.
وأضاف شواب إن المتغير الثالث يتمثل في انتقال العالم إلى نظام متعدد الأقطاب بعدما كان أحادي القطب في ظل بروز الحاجة إلى صيغة تعاونية تتكامل فيها جهود الدول والمنظمات وفي ضوء الفهم العام لأن المستقبل يجب أن يبنى على المصالح المشتركة.
وأكد مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي أن القوة الرابعة تتمثل في أزمة الهوية على المستويات الفردية والوطنية في ظل انتفاء الحدود الفاصلة بين الناس وديناميكية التغيرات المتسارعة في العالم مقترحا عددا من الحلول لهذه التحديات أبرزها تعزيز العولمة والأنظمة الاندماجية في الاقتصاد والحاجة إلى استعادة التضامن العالمي والاعتراف بدور التكنولوجيا المتسارعة والحاجة إلى أشكال جديدة من التعاون والإيمان بأن الابتكار سيكون مصدر التطور و الاعتراف بأنه لا وجود لحل بسيط و العمل على بناء توجه موحد تعاوني وتكاملي وسياسات مدفوعة بالشغف وموجهة إلى المستقبل.
وتستضيف دولة الإمارات فعاليات المجلس بحضور عالمي رفيع المستوى لرؤساء دول وحكومات ووزراء وشخصيات سياسية واقتصادية عالمية بمشاركة نوعية من أكثر من 700 من نخبة رواد الفكر والمتخصصين في استشراف المستقبل من جميع دول العالم الذين يجتمعون في دبي ليناقشوا عبر 35 مجلسا متخصصا مستقبل القطاعات الرئيسية وأهم القضايا المحورية التي تشغل الاهتمام العالمي.
ويأتي عقد اجتماعات مجالس المستقبل العالمية لاستشراف المستقبل تتويجا لتجربة طويلة وناجحة لمجالس الأجندة العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي التي أنشئت بالتعاون بين دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" في العام 2008 وتتناول اجتماعات مجالس المستقبل العالمية الثورة الصناعية الرابعة وتستشرف مستقبلها في سياق وضع الحلول لمعالجة تحدياتها المختلفة ومواكبة التغييرات المتوقعة على مختلف الأصعدة بما في ذلك التقدم التقني في مختلف قطاعات الابتكار مثل: الطاقة والنقل والبنية التحتية والذكاء الاصطناعي وغيرها من القطاعات الحيوية.
وسيتم طرح مخرجات ونتائج اجتماعات مجالس المستقبل العالمية على الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس .. كما سيتم استعراض المشاريع ذات الطابع المستقبلي لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة أمام هذا الاجتماع.