الفريق ركن محمد بن علي المقدشي

أكد مستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية، الفريق ركن محمد بن علي المقدشي، أن تحقيق النصر على ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران أصبح مسألة وقت وبات قريبًا جدًا، لا سيما أن الجيش الوطني أصبح يمتلك القدرة والجاهزية التي تؤهله لتنفيذ أي مهام توكل إليه، وأفصح في تصريحات صحافية، أن أسر قيادات من الصفوف الثانية للحوثي لدى الجيش الوطني، موضحًا أن قيادات الصف الأول لميليشيا الحوثي لا تقاتل في الميدان، بل متفرغة للتغرير بأبناء المدنيين، مبينًا أن الحكومة اليمنية تمتلك أدلة واعترافات لأسرى حوثيين عن تلقيهم تدريبات على أيدي خبراء إيرانيين ومن «حزب الله».
 
وأشار المقدشي إلى أن الجيش أصبح يمتلك 7 مناطق عسكرية مجهزة بألوية متعددة ويسيطر على 70% من الأراضي اليمنية بعد أن كان يمتلك أربعة ألوية فقط في الأيام الأولى لبدء عاصفة الحزم، لافتًا إلى أن تأجيل اقتحام صنعاء تعود أسبابه إلى وعورة التضاريس وانتشار حقول الألغام التي باتت تشكل تحديًا أمام القوات النظامية، منوهًا بأن السعودية هي الداعم الرئيسي لليمن، وأن قرار عاصفة الحزم يعد منعطفًا تاريخيًا في العلاقات بين الشعبين الشقيقين..
 
وقال المقدشي أنه بعد ثلاثة أعوام من الحرب العمليات العسكرية في اليمن تسير بخطى ثابتة ومدروسة، ويمكن معرفة ذلك من خلال المقارنة بين الوضع قبل ثلاثة أعوام والواقع اليوم، فقد كانت العصابات الحوثية تسيطر على أغلب مناطق اليمن، وكانت هي التي تهاجم وتسيطر على المواقع والمحافظات؛ لكن وبعد تأسيس الجيش الوطني وانطلاق أولى كتائبه العسكرية إلى المعركة ومعها المقاومة الشعبية بإسناد ودعم من الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، أصبح العدو يفقد المحافظات والمناطق تلو الأخرى، وها هي المعارك تدار اليوم على مشارف العاصمة صنعاء، والعمليات العسكرية مستمرة في حجة شمالًا وهناك تقدم باتجاه عمق محافظة صعدة، وكذلك في الساحل الغربي وفي تعز والبيضاء ولحج.
 
وبشأن أسباب تأجيل عملية اقتحام صنعاء، أبرز المقدشي أن العمليات العسكرية في البوابة الشرقية لصنعاء جارية، ربما تسير ببطء لكنها مستمرة، وهناك صعوبات تتمثل في طبيعة الأرض، وهي أرض جبلية بمساحة 80 كيلومترًا طولًا و30 كيلو مترًا عرضًا، وكذلك من حيث إمكانيات الخصم وأهمية المكان، فالعدو يقاتل باستماتة لأن استعادة صنعاء تعني نهاية عصابة الانقلاب، والعدو مركز في نهم كل جهده ويستخدم الألغام بكثافة في هذه السلسلة الجبلية الصعبة، ورغم ذلك فإن الجيش الوطني يتقدم بصورة مستمرة وبدعم من قوات التحالف العربي وتمكنا من تجاوز أصعب المراحل، وعندما يتم زيارة جبال نهم من قبل الصحافيين أو الذين لا يعرفون المنطقة فإنهم ينظرون إلى عظمة الإنجاز الذي تحقق.
 
أما بخصوص أسباب توقف العمليات العسكرية في البيضاء، أوضح المقدشي، أن "العمليات العسكرية باتجاه محافظة البيضاء لم تتوقف، وقواتنا المسلحة بدأت في التحرك وتم تحرير مديرية وفي القريب العاجل سيسمع الجميع ما يسرهم في البيضاء وغيرها، ولن تتوقف حتى استكمال تحرير وتطهير كل شبر من البلاد واستعادة الأمن والاستقرار وعودة الشرعية وقطع دابر الجرثومة الحوثية ليعود اليمن إلى محيطه العربي بعد أن أرادته الميليشيات الحوثية أداة لأجندات مستوردة وبؤرة لتهديد دول الجوار والمنطقة".
 
أما بالنسبة لاكتمال عملية الكماشة على الحوثيين في ظل التقدم في الساحل الغربي، لفت المقدشي إلى أن الواقع في الميدان يقول إن العصابات الحوثية باتت مهددة في عقر دارها بمحافظة صعدة وهي محاصرة من كل اتجاه، خصوصًا بعد التقدم في الساحل الغربي واقتراب الجيش من مركز مديرية برط في محافظة الجوف وكذلك التقدم باتجاه منطقة حرف سفيان في محافظة عمران.
 
وفيما يتعلق بمراحل تأسيس الجيش الوطني وأبرز التحديات التي واجهتهم، نوه المقدشي بأن هذه كانت تبدو مهمة مستحيلة في ظل التطورات المتسارعة والظروف المادية، كان القبول بها مغامرة بالفعل لكن العزيمة واستشعارنا بالمسؤولية تجاه بلادنا الذي كان يتهاوى بيد الوباء الحوثي، بدأنا ومعنا الضباط الأحرار الخطوات الأولى انطلاقًا من إمكانات صفرية وأرض صحراوية صغيرة، وبفضل دعم ومساندة إخواننا في السعودية والإمارات وباقي دول التحالف العربي وتضحياتهم تجاوزنا التحديات وبدأنا عملية الإعداد والتدريب، واستطعنا خلال ثلاثة أشهر تجميع أكثر من 18 ألف ضابط وجندي، وتم إرسال طلائع الكتائب لمساندة المقاومة الشعبية في مختلف الجبهات.
 
وأضاف المقدشي، "ورغم تمدد العصابة الحوثية وضراوة الحرب كانت مهمة إعادة بناء وتأسيس الجيش والإعداد المعنوي والقتالي والتدريب والتسليح والبناء المادي والمعدات والآليات والتأمين الغذائي والصحي، وفي الوقت ذاته تنفيذ العمليات العسكرية في مختلف الجبهات وفي مناطق جغرافية واسعة وتضاريس مختلفة، وهو وقت قياسي بالنسبة لمتطلبات بناء وإعداد الجيوش.
 
وأبرز المقدشي، أن عدد الألوية كان حينها أربعة "لواء314، لواء141، لواء21، لواء23"، وكذلك المنطقة العسكرية الأولى والمنطقة العسكرية الثالثة التي شارفت على الانتهاء؛ ولكن بفضل الشهيد القائد اللواء عبدالرب الشدادي في مأرب ودعم المقاومة الشعبية وقوات التحالف وكذلك دعم ألوية المنطقة العسكرية الأولى بالأسلحة والذخائر استطعنا أن نصمد، ومؤسستنا العسكرية تضم حاليًا 7 مناطق عسكرية، وكل منطقة عسكرية فيها ألويتها المختلفة، إضافة إلى الهيئات والدوائر العسكرية والشعب وغيرها، وتابع "نحن نحرص على بناء الجيش وفق أسس وطنية بعيدا عن المناطقية والولاءات الضيقة وإعطاء الفرص القيادية لجميع أبناء البلاد، أما أبرز ما تحقق في تحرير معظم التراب اليمني بنحو 70% من أراضي اليمن، ونقف اليوم على أطراف صنعاء وصعدة وسنكون قريبًا في قلب العاصمة صنعاء".
 
وتابع المقدشي، أن "مؤسستنا العسكرية اليوم تمتلك القوة والقدرة على حسم المعركة مع الميليشيات الحوثية وهي جاهزة لتنفيذ أي مهام توكل إليها وتقف مع خيارات الشعب اليمني وملتزمة التزامًا كاملًا بتوجيهات وقرارات القيادة السياسية والعسكرية وإسناد مباشر من الأشقاء في التحالف العربي"، مؤكدًا "نحن واثقون بالنصر، وشعبنا لن يقبل بالانقلاب وقد تحقق الكثير ولم يتبق إلا القليل، وهي مسألة وقت فقط وسينهار العدو".
 
وتوقع المقدشي انتهاء الحرب سريعًا في اليمن، قائلًا "لا أخفيك الحرب في مراحلها الأخيرة، ونتمنى أن تنتهي قريبًا، مبرزًا أن حجم الخسائر في صفوف العدو توضحها أعداد المقابر التي تقوم العصابات الحوثية بافتتاحها في المناطق والمحافظات التي لا تزال تحت سيطرتها، ومع هذا لا تبالي بنزيف الدم اليمني ولا تتوانى في الزج بالمواطنين إلى المهالك، وما يحز في أنفسنا أن معظم القتلى من الأطفال والشباب الذين تقتادهم الميليشيات من المدارس عبر التغريب والترهيب، وبعضهم يسرقون من روضات الأطفال ودور الأيتام لتفتتح لهم ما تسميه بروضات الأموات ويتم التغرير بهم تحت شعارات كاذبة في الواقع تجلب الموت والدمار لليمنيين وتفجير البيوت ودور العبادة، فهذه الجماعة لا تمتلك مشاريع غير ذلك، أما سياسيتها في المشاريع الخدمية فيه أهداف لتفجيرها وليس لبنائها".
 
وأشار المقدشي، إلى أن هناك قيادات حوثية من الصف الثاني بين الأسرى، الصف الأول لا يقاتل ولا يشارك في الجبهات، هم يدفعون بالمغرر بهم من أبناء القبائل والأطفال بينما يبعثون أولادهم إلى أشهر الجامعات في الخارج ويبقون هم على كراسي الوزارات والمؤسسات الإيرادية ليسرقوا أموال المواطنين ويشرفوا على الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها جماعتهم بحق المدنيين واليمن، وبشأن الأدلة التي تمتلكها وزارة الدفاع اليمنية بشأن تورط إيران و«حزب الله» في اليمن، أكد أن الأدلة كثيرة وملموسة، ودور إيران وميليشيا «حزب الله» في دعم الحوثيين لم يعد خافيًا، خصوصًا فيما يتعلق في جانب الدعم بالأسلحة والصواريخ والمعدات وبعض الطائرات المسيرة، وزعيم الميليشيات الحوثية وقياداته تجاهر بالاعتراف بذلك وأيضًا المسؤولون الإيرانيون وزعيم «حزب الله»؛ فهناك زيارات لقيادات الحوثي لطهران وبيروت، كما أن هناك دعمًا إعلاميًا عبر إنشاء وتمويل قنوات حوثية تبث من لبنان وتمول من طهران، وهناك سفن ألقي القبض عليها قبل الانقلاب وبعده وأيضًا ألقي القبض على خلايا إيرانية في صنعاء قبل الانقلاب، واعترافات الأسرى تؤكد تلقيهم تدريبات على يد خبراء من «حزب الله».
 
وفيما يتعلق بالصواريخ الإستراتيجية التي تقوم بإطلاقها ميليشيا الحوثي وتستهدف بها الداخل اليمني والسعودية، بيّن المقدشي أن هذه الصواريخ لم يكن يمتلكها الجيش اليمني سابقًا ولم تكن ضمن المنظومة الصاروخية، وتؤكد المعلومات أن تلك الصواريخ خضعت لتطويرات وإضافات من خبراء إيرانيين، ويكفي النظر إلى أشكال ومسميات تلك الصواريخ المستنسخة من تجربة الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى أنه يتم ضبط معدات ومواد مصنوعة في إيران وكميات كبيرة من العملات المزورة كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي.
 
وفيما يتعلق بسبب عدم تعيين وزير للدفاع حتى اللحظة، أبان المقدشي أن وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي لا يزال معتقلًا لدى الميليشيات الحوثية، والقرار الدولي رقم "2216" يلزم الميليشيات بالإفراج عنه، وبالنسبة للتعيين فإن رئيس هيئة الأركان العامة يعتبر هو القائم بأعمال الوزير، منوهًا بأن أبواب الشرعية مفتوحة والفرص متاحة أمام جميع من تبقى من العسكريين في مناطق سيطرة الميليشيات الانقلابية أو ممن يقاتلون في صفوفها للانضمام إلى صفوف الجيش الوطني والانحياز لخيارات الشعب ومصلحة الوطن، ومن وصل منهم ومن سوف يصل يتم استقبالهم ودمجهم واستيعابهم ضمن ألوية الجيش الوطني وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في القتال ضد ميليشيات الانقلاب.
 
وبشأن إشراك أقارب صالح في قيادات الجيش الوطني في المرحلة المقبلة، شدد المقدشي على أن المجال مفتوح أمام كل القيادات التي لديها القناعة التامة بالانضمام للشرعية وأعلنت انضمامها لصفوف الجيش الوطني، ولدينا قناعة بضرورة الاصطفاف تحت مظلة الشرعية وموقفنا القطعي نابع من موقف قيادتنا السياسية والعسكرية في رفض وجود أية جماعات أو ميليشيات خارج المؤسسة العسكرية والأمنية وخارج الحكومة الشرعية حتى ولو كان ذلك بهدف مشاركة أي طرف أو جماعة في دحر الميليشيات الحوثية، وقد أصدرت القيادة الشرعية قرارات في وقت مبكر بخصوص دمج واستيعاب المقاومة الشعبية في صفوف الجيش والأمن وقد قطعنا شوطًا كبيرًا في هذا الموضوع، وسيتم استكمال تنفيذ القرارات الصادرة بهذا الشأن".
 
وأردف المقدشي "ندرك جيدًا أن أمن اليمن لن يتحقق إلا بزوال خطر الميليشيات الحوثية، وموقفنا ثابت في رفض وجود أية جماعات أو مشاريع لا تخدم الوطن، ونعتبر أن بقاء السلاح بيد أية جماعات أو ميليشيات خارج سيطرة الحكومة الشرعية وخارج النظام والقانون يهدد أمن اليمن، كما يهدد أمن واستقرار الجوار والمنطقة، ويهدد الملاحة الدولية ولا يخدم أهداف تحرير واستعادة اليمن، ومثل هذه المشاريع تهدد السلم الاجتماعي ولا تعني سوى المزيد من العنف والفوضى والاقتتال، ولذا فإن القبول بوجود كيانات أو جماعات خارج المؤسسات الشرعية والدستورية يعني العودة إلى نقطة الصفر وتكرار للأخطاء، ولقد كان القبول بوجود الميليشيات الحوثية وبقاء السلاح بيدها سببًا في الوصول إلى الوضع الذي نمر به اليوم، ولذا فإن المؤسسة العسكرية والأمنية الوطنية هي الوسيلة الآمنة لاستعادة الدولة وتأمين تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وعملية الانتقال للدولة الاتحادية القائم على العدالة والمواطنة المتساوية، والضامن الوحيد لأمن واستقرار بلادنا ومحاربة الجماعات الإرهابية والتطرف".
 
وأبرز المقدشي أن "عودتنا إلى مأرب جاءت بتكليف الرئيس عبدربه منصور هادي وقائد قوات التحالف العربي، وذلك للإشراف على مختلف الجبهات والمشاركة في متابعة سير العمليات العسكرية، وأنا جندي ويهمنا تحرير بلادنا ولا يهمنا المناصب والمسميات"، وبشأن دور السعودية والتحالف العربي في اليمن، أكد أن السعودية هي من أبرز الداعمين لليمن منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، وفي مختلف النواحي والمجالات، وكان لها الدور البارز ومعها الأشقاء في التحالف العربي من خلال العمل على استعادة الشرعية وإنقاذ بلادنا من الميليشيات الحوثية واستعادة المؤسسات، وكذلك في ما يتعلق بالجانب الإنساني والإغاثي والصحي.. كما للسعودية دور بارز وأساسي في دعم عملية إعادة وتأسيس وبناء الجيش الوطني، ورفد خزينة الدولة بالودائع النقدية لمنع تدهور العملة الوطنية ومنع انهيار الاقتصاد، وقد كان قرار عاصفة الحزم الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منعطفًا تاريخيًا ليس لمصلحة اليمن وحسب وإنما لمصلحة الأمة العربية والإسلامية.