الحكومة اليمنية

دخلت الحكومة الشرعية في اليمن في تحدًّ جديد لإثبات حضورها في المناطق المحررة، فبعد شهر ونصف من دعوتها المسؤولين المنضوين في المجلس الجنوبي المطالب بالانفصال، لتحديد موقفهم منه، وجد محافظو محافظات حضرموت وشبوة وسقطرى أنفسهم مقالين من مناصبهم الرسمية بعد تجاهل دعوة الرئاسة اليمنية. وعيّن الرئيس عبدربه منصور هادي، اللواء فرج البحسني قائد المنطقة العسكرية الثانية، محافظا لحضرموت، خلفا للواء أحمد بن بريك الصوت المنادي بالإنفصال، وعلي بن راشد الحارثي محافظا لشبوة، خلفا لأحمد حامد لملس، وأحمد عبدالله السقطري، محافظا لسقطرى، خلفا للواء سالم السقطري، في خطوة مفاجئة جاءت بعد شهرين من الإطاحة باللواء عيدروس الزُبيدي من منصب محافظ عدن.

وسارع المجلس الانتقالي الجنوبي، المؤلف من 26 شخصية جنوبية، إلى إعلان رفضه القرارات الرئاسية التي أطاحت بثلاثة من أعضائه، وقال في بيان رسمي "نرفض القرارات الصادرة يوم 29 يونيو/حزيران الماضي ونعتبرها وكأنها لم تكن ولن نتعامل معها، وسيبقى الوضع على ماهو عليه مع المحافظين". ودعا المجلس الشرعية إلى "احترام إرادة شعب الجنوب والتنسيق مع المجلس الانتقالي في كل ما يخص الجنوب من قرارات".

رد الفعل هذا جاءت رغم أن بعض المحافظين والوزراء في صفوف الشرعية، لا يزالون في إطار المجلس الانتقالي الجنوبي دون تحديد موقفهم منه، وعلى رأسهم محافظ لحج ناصر الخبجي، ومحافظ الضالع فضل الجعدي، ووزير النقل في الحكومة مراد الحالمي. ويبدو أن الحكومة الشرعية أرادت تحاشي غضب الشارع الجنوبي على نحو كامل، باستهداف المسؤولين المنحدرين من إقليم حضرموت شرقي البلاد، وعدم الدخول في صدام مع الحراك الجنوبي في معقله بمحافظتي لحج والضالع.

ورجّح مراقبون، أن تكون الشرعية قد عقدت صفقة مع الحزب الاشتراكي اليمني، تقضي بعدم المساس بقياداته في السلطة والذين ما يزالون أعضاء في المجلس الانتقالي. ويشغل محافظ الضالع فضل الجعدي، نائب رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، فيما يحمل محافظ لحج ناصر الخبجي، ووزير النقل مراد الحالمي، عضوية اللجنة المركزية للحزب.

ردة فعل مع تلويح بالقوة ضد الشرعي
ولا يُعرف ما هي الخطوات التي ينوي المجلس الجنوبي اتخاذها للرد على إقالة المحافظين الثلاثة بعد أن اعتبر ذلك "استهدافا للقضية الجنوبية"، ففي بيانه الأخير توعد المجلس بـ"اجتماع على أرض الوطن ليعلن من خلاله موقف عملي إزاء تلك القرارات"، دون الكشف عن ماهيتها. وألمح نائب رئيس المجلس، هاني بن بريك، ضمنيا إلى إمكان استخدام القوة ضد الشرعية والرغبة في تفجير معركة جديدة بالمدن المحررة من الحوثيين وقوات صالح. وقال بن بريك في تغريدة على "تويتر": "لم نضع سلاحنا بعد ولم تجف دماء شهدائنا ولم تبرأ جراح جرحانا، ومن أدمن ساحات القتال واستنشق البارود مستعد للذود عن كرامته وذاك عشقه وإدمانه".

واستبعد مراقبون أن يُقدم المجلس الانتقالي الجنوبي على إشعال معركة في الوقت الحالي ضد الشرعية، كون أغلب قياداته تتواجد حاليا في العاصمة السعودية الرياض ومدن عربية، بعد دعوتهم من قبل الرياض التي بذلت جهودا كبيرة خلال الفترة الماضية من أجل احتواء الأزمة، كما انتقدوا اعتبار قرارات هادي أنها "استهداف للقضية الجنوبية". وقال الناشط السياسي الجنوبي وعضو مؤتمر الحوار الوطني، شفيع العبد، إن "الحركات النضالية التحررية، لا تربط مصيرها بكرسي مسؤول تنفيذي مهما كان حجمه ووزنه".

وأضاف العبد أن "الاستهداف الحقيقي لقضية الجنوب، يكمن في إثارة النعرات المناطقية، والتعامل مع الوظيفة العامة من قبل السلطات المحلية وفق معايير مناطقية". ويتوقع مراقبون أن يلجأ المجلس الانتقالي للتصعيد وخصوصا مع الدعوة للاحتشاد الجماهيري، في 7 يوليو/تموز الجاري، وذلك من أجل الإعلان عن خطوات تصعيدية من أجل تثبيث نفسه كممثل للجنوب. ويعيش الشارع الجنوبي في المحافظات التي شهدت تغيير محافظيها احتقانًا وتوترًا كبيرين، وخصوصًا بعد رفض المؤيدين للمجلس الانتقالي قرارات هادي وتسليم مقرات السلطة المحلية للمحافظين الجدد.