ميليشيات الحوثي

تشهد المدن اليمنية، والعاصمة صنعاء، حالة من الغليان الشعبي جراء عدم تسلم الموظفين لمرتباتهم للأشهر الثلاثة الماضية، من قبل الميليشيات الانقلابية، التي تتهمها الحكومة اليمنية بنهب مليارات الريالات من البنك المركزي في صنعاء، قبل نقله رسميا إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وقالت مصادر محلية في صنعاء وشهود عيان إن الميليشيات اعتقلت، عددا من الضباط في القضاء العسكري الموالين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والذين تظاهروا من أجل المطالبة بتسليم رواتبهم المتأخرة وإطلاق سراح أحد زملائهم المعتقلين لدى الميليشيات السبت".

وفرقت ميلشيات الحوثي المتظاهرين وقمعت احتجاجهم بالقوة، وقالت مصادر مطلعة إن الميليشيات الحوثية قدمت إلى منطقة الاحتجاج على متن عربات عسكرية ودراجات نارية، واستخدمت الهراوات في تفريق المتظاهرون".
يأتي ذلك، بعد إعلان المخلوع علي عبد الله صالح تراجعه عن خطوة تشكيل حكومة الإنقاذ التي اتفق عليها مع ميليشيات الحوثي، الذي اشترط فيها تسليم مؤسسات الدولة، حتى تتمكن الحكومة من إدارة مؤسساتها دون تدخلات "اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين التي طالب بحلها، وأن يقدم الحوثيون إيضاحات عن ملياري دولار، تم سحبها من البنك المركزي قبل أشهر.

إلى ذلك، اعتدى مسلحون حوثيون وأكاديميون مؤيدون للانقلاب، السبت، على قيادات في نقابة هيئة تدريس جامعة صنعاء، وقد أشهر المسلحون الحوثيون السلاح الأبيض في وجوه القيادات الأكاديمية لجامعة صنعاء، فيما قام أكاديمي مؤيد للانقلابيين بمحاولة الاعتداء على أستاذة جامعية؛ في محاولة منه لإسكاتها.

وجاء الاعتداء في وقت تداعى الأكاديميون في جامعة صنعاء لعقد اجتماعات مكثفة لدراسة تصعيد الاحتجاجات في الجامعة الأكبر في البلاد ؛ وذلك جراء الأوضاع الاقتصادية المتداعية منذ شهور، التي استدعت قيام بعض الأساتذة في الجامعة إلى العمل في بيع القات أو عمال بناء لتوفير مصروفات أطفالهم. 

وإتهم الأكاديميون، في بيان صادر عنهم، رئيس جامعة صنعاء المعين من قبل الحوثيين، فوزي الصغير، بالوصول إلى القاعة التي تشهد الاجتماع برفقة مسلحين، وقالوا: :إن الاعتداء على الأكاديميين وأعضاء النقابة جرى بحضور رئيس الجامعة، وأن بلطجية استخدموا في تنفيذ الاعتداء".

أعلن الدكتور محمد شكري، نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب، تقديم استقالته احتجاجا على الاعتداء على زملائه من نقابة أعضاء هيئة التدريس.

وقال الدكتور عبد الله أبو الغيث، ممثل الأساتذة المنتخب في مجلس جامعة صنعاء، إنه بعد بدء الكلمة التي ألقاها النقيب المناضل الدكتور محمد الظاهري، وتم تلاوة البيان الصادر عن مجلس تنسيق النقابات في الجامعات اليمنية الحكومية الخاص بتعميم الاحتجاجات في كل الجامعات الحكومية التي لم يتم تسليم المرتبات فيها حتى تستجيب السلطات بتسليم المرتبات المتأخرة كاملة، وبحضور الدكتور فوزي الصغير، رئيس جامعة صنعاء، ومعه مجموعة من المسلحين العسكريين والمدنيين، فوجئ الحاضرون في القاعة بصعود شاب مفتول العضلات تبدو عليه علامات البلطجة إلى منصة القاعة، وقام بسحب الطاولة التي كانت أمام أعضاء الهيئة الإدارية للنقابة، وهجم صوب نقيب أعضاء هيئة التدريس وهو يستل خنجرا".

وأضاف : "حدث كل ذلك مع الأسف الشديد ورئيس الجامعة يتفرج، ولم يصدر حتى أوامره للمسلحين المرافقين له بالقبض على ذلك المعتدي، وبعد أن اشتد الهرج في القاعة ولاحظت الهيئة الإدارية للنقابة وجود نية للاعتداء أعلن النقيب إنها اللقاء وطلب من الجميع مغادرة القاعة".

وأشار إلى أن هذا الاعتداء يدل على أنهم وصلوا في إدارة الدولة ضمن المحافظات التي تقع تحت سيطرتهم إلى طريق مسدود، وما قاموا به يدل دلالة قاطعة أنهم قد فقدوا الحجة المقنعة لمواجهة تلك الاحتجاجات، بعد أن مل الناس الأسطوانة المشروخة عن نقل البنك المركزي والحصار.

وكانت نقابات التدريس في الجامعات الحكومية التسع وهي صنعاء، عمران، ذمار، إب، تعز، عدن، حضرموت، الحديدة، البيضاء، قد بدأت الخميس احتجاجا موحدا للمطالبة بصرف الرواتب، وذلك بعد أسبوع من تدشين نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء لبرنامج احتجاجي للمطالبة بصرف الرواتب.

وقال الدكتور محمد الظاهري، رئيس الهيئة الإدارية لنقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء، إن المجلس التنسيقي لنقابات التدريس بالجامعات الحكومية اتخذ قرار التصعيد الموحد.

وأضاف خلال كلمة له في اللقاء التشاوري الذي أقامته النقابة لكليات الفروع في خولان وأرحب والمحويت، أنه ستكون هناك احتجاجات موحدة لنقابات التدريس في الجامعات الحكومية التسع برفع الشارات الاحتجاجية للمطالبة بالراتب، تحت شعار: "إلا الراتب، فالراتب حياة، فالمعاناة لم تعد تحتمل".

وفي اللقاء، أكد أساتذة الجامعة الحاضرون عزمهم على الاستمرار في برنامج التصعيد الذي أعلنته النقابة للضغط على الجهات المعنية بصرف رواتبهم، حيث إنه لا يوجد أي مبرر لتأخير صرف رواتبهم التي تعتبر مصدر دخل لأسرهم، وأن المعاناة التي خلقتها هذه الأزمة لم تعد تحتمل".

واعتبر المجلس التنسيقي لنقابات التدريس بالجامعات الحكومية، في بيان أن صرف نصف الراتب يعد إهانة وانتقاصا بالمؤسسة الأكاديمية التي تعتبر أرقى المؤسسات في العالم، وانتقاصا بعضو هيئة التدريس الذي يعتبر أرقى شريحة في الأمة، والذي أضحى لا يجد لقمة العيش التي تحفظ له كرامته.

وسرب الانقلابيون في صنعاء، رسالة مزورة بأسم مدير مكتب الرئاسة اليمنية السابق، الدكتور محمد مارم، يدعو فيها قيادات الأحزاب في صنعاء إلى تصعيد الاحتجاجات ضد الانقلابيين، وبحسب مصدر محلي في صنعاء إن من أعد الوثيقة المزورة، تجاهل تماما أن مدير مكتب الرئاسة لا يمارس مهامه منذ أكثر من شهر، بعد أن عين سفيرا في إحدى الدول. 

وأرجع المصدر هذا التسريب إلى اعتباره مبررا لممارسة المزيد من القمع ضد القوى السياسية والنقابات وغيرها من القوى في الساحة اليمنية، والذين يطالبون بمرتباتهم التي صادرتها الميليشيات الانقلابية.

ومنذ الانقلاب على الشرعية واقتحام العاصمة صنعاء من قبل ميليشيات الحوثي بالتواطؤ مع القوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح في سبتمبر/أيلول 2014، والميليشيات تمارس ترهيبا ضد الأحزاب والمنظمات والنقابات في صنعاء وبقية المحافظات التي تخضع لسيطرتها، وقد اعتقلت أكثر من 10 شخص طوال العامين الماضيين ، وما زالت تواصل حملاتها لاختطاف وترهيب الناشطين في الساحة اليمنية.