أطفال الحديدة اليمنية

تأثّر أطفال اليمن، بكوارث الحروب التي تشهدها البلاد على مر السنوات الماضية، رغم القوانين الدولية والإنسانية التي تحمي الأطفال أثناء النزاعات المسلحة، فأكثر من 5 آلاف طفل سقطوا بين قتيل وجريح خلال المعارك الدائرة في البلاد، إضافة إلى وبائي الكوليرا والدفتيريا المنتشرين في البلاد، واللذين باتا يحصدان العشرات من الأطفال، ويأتي انتشار الفقر والمجاعة وانعدام الغذاء والدواء، كأسباب رئيسية في ذلك.

ورزق طلال الجعفري بعد 5 أعوام من الزواج، بمولود ليكون هو الابن الأول له ولزوجته بكثير من السعادة، وبعد مرور 6 أشهر أصيب بالكوليرا، ونقل على إثرها إلى المستشفى للعلاج من مرضه الذي افقده اكثر من نصف وزنه خلال 3 أيام، لم يتمكن الأطباء من إنقاذ الطفل فالكوليرا فتكت بحياته بعد ساعات من وصوله إلى المستشفى .

وكشف طلال (35عاما)، أحد أبناء مدينة الحديدة غربي اليمن  وعيناه تسكبان الدموع على فقدان ولده الذي  لطالما انتظره طوال 5 أعوام بعد أن تنقل بين مستشفيات عدة لعلاج العقم المصاب به، لم يتحمل المصيبة التي حلت به فقد اثر وفاة ولده إضافة إلى الوضع المعيشي الذي يعانيه، بإصابته بحالة نفسية، وتشهد اليمن اكبر انتشار لوباء الكوليرا التي راح ضحيتها اكثر من 2200 شخص بالإضافة إلى  إصابة مليوني شخص منذ ظهور أول حالة في البلاد منذ أبريل/ نيسان الماضي .

ويرى الناشط الاجتماعي فؤاد محسن الذي يعمل في منظمة اليونيسف للأمومة والطفولة أن اغلب الأطفال في اليمن يعيشون وضعا مأساويًا، وأضاف أن الموت يهدد ملاين الأطفال اليمنيين أما بالحرب أو الكوليرا والدفتيريا أو المجاعة والفقر وانعدام المياه الصالحة للشرب، وتقول دكتورة النساء والولادة ريما سالمين، إن اغلب عمليات الولادة لا تتم بشكل طبيعي فالمجاعة وسوء تغذية الأم يؤثر سلبا على عمليات الولادة إضافة إلى الوضع الصحي  للطفل، وأشارت إلى أن اكثر عمليات الولادة تتم بعمليات جراحية لإخراج الجنين من رحم امه.

وفي مستشفى الأمومة والطفولة في مدينة أب وسط اليمن خلال زيارة ل "اليمن اليوم" وجدت طفلا قد تجاوز عمره الثمانية أشهر لكنه لا يزن سوى كيلو ونصف الكيلو غرام ،ويتحرك  بعينين صفراوتين وجسم شاحب قد ظهر كل هيكلة العظمي، فعدم توفر الحليب في  الأم اضطرها إلى  أن ترضعه قليلا من الحليب المجفف مع الكثير من المياه حسب قول جيرانها، وعقب زيارة الأم للطبيبة تأكدت أنها كان تغذيه على الماء فقط، ما أسفر عن إصابته بالكثير من الأمراض وبطئ النمو عند الطفل، فالإرشادات الطبية للأمهات غير متوفرة في اليمن، مما يجعل العناية بالأطفال اكثر خطورة ،ونسبة الجهل في البلاد تفوق 50%.

وأعلنت  ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة في اليمن "يونيسف" أن أكثر من ثلاثة ملايين طفل في اليمن ولدوا منذ تصاعد الصراع في مارس/آذار عام 2015، ونقلت المنظمة في تقرير صادر عنها امس الأحد  الثلاثاء عن ممثلة اليونيسف في اليمن ميريتشل ميلانو القول "إن جيلا كاملا من الأطفال يكبرون وهم لا يعرفون سوى العنف، فالأطفال في اليمن يعانون من العواقب المدمرة لحرب ليست من صنعهم"، ويفصل التقرير آثار العنف والنزوح والأمراض والفقر وسوء التغذية وانعدام الخدمات الصحية على الأطفال، وطبقاً للتقرير فقد قتل أو أصيب أكثر من 5000 طفل بسبب العنف، أي نحو خمسة أطفال كل يوم، منذ مارس 2015 فيما يحتاج أكثر من 11 مليون طفل المساعدة الإنسانية، أي كل أطفال اليمن تقريبا.

ويفتقر أكثر من نصف الأطفال إلى مياه الشرب الآمنة أو خدمات الصرف الصحي الكافية، ويصاب حوالي 1.8 مليون طفل بسوء التغذية الحاد، منهم 400 ألف طفل يكافحون للبقاء على قيد الحياة، ويحرم 2 مليون طفل من التعليم، منهم حوالي 500 ألف تسربوا من المدارس منذ تصاعد الصراع. ويشتبه في إصابة أكثر من مليون شخص بالكوليرا والإسهال المائي، يمثل الأطفال تحت سن الخامسة ربع هذا العدد.

وأضاف التقرير، أنّ ثلاثة أرباع جميع فتيات اليمن تزوجت قبل سن الثامنة عشرة،ولم يتلق العاملون في مجال الصحة والمعلمون سوى جزء من رواتبهم منذ أكثر من عام، بما يؤثر على تعليم 4.5 مليون طفل، ودعا التقرير أطراف الصراع، ومن يتمتعون بالنفوذ عليها والمجتمع الدولي إلى جعل حماية أطفال اليمن أولوية من خلال اتخاذ عدد من التدابير منها: التوصل إلى حل سلمي سياسي ووضع حد للعنف على الفور، الامتثال لالتزاماتها وفق القانون الإنساني الدولي بحمية الأطفال بدون أي شروط أثناء الصراع، ضمان الوصول الدائم وغير المشروط لتوصيل المساعدات لكل طفل محتاج في اليمن، ورفع القيود المفروضة على الواردات، منع الانهيار التام للخدمات الاجتماعية العامة، بما في ذلك الرعاية الصحية وشبكات المياه والتعليم، ودفع رواتب العاملين في مجالي الصحة والتعليم، وتوفير التمويل الكافي لاستمرار المساعدات الإنسانية في عام 2018، وناشدت منظمة اليونيسف توفير 312 مليون دولار لمواصلة الاستجابة للاحتياجات العاجلة للأطفال في اليمن.