الحوثيين

اتهمت مصادر سياسية يمنية بشكل صريح المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية الأخرى التي تتخذ من صنعاء منطلقا لممارسة نشاطها في اليمن، بمساندة الانقلابيين الحوثيين.

وقالت المصادر إن «المنظمات الدولية التي تتخذ من صنعاء مقرا لعملها في اليمن أصبحت مكشوفة بأنها تعمل لصالح الانقلابيين الحوثيين، بل وتشكل غطاء لدعمهم ماديا ولوجستيا داخل اليمن وخارجه».

وأوضحت أن «أكثر من 70 في المئة من نشاط المنظمات الدولية قائم لدعم الحوثيين سياسيا وماديا ولوجستيا من خلال تحويل أغلب المساعدات الإنسانية التي توزع عبر هذه المنظمات لصالح الانقلابيين الحوثيين، الذين يحولونها إلى سيولة نقدية في السوق السوداء لتمويل جبهات القتال أو ما يسمونه بالمجهود الحربي، وهو مخالفة صريحة لقوانين الحرب وبالذات اتفاقية جنيف والقانون الدولي الإنساني».

وأكدت أن «أكثر من 90 في المئة من طاقم عمل هذه المنظمات الدولية في صنعاء هم موظفون محليون من أتباع جماعة الحوثي، وأنهم يسهمون بشكل كبير في تيسير تجيير عمل هذه المنظمات لصالح الانقلابيين الحوثيين مع احتمال وجود تساهل أو رضى من قبل المسؤولين الدوليين على هذه المنظمات».

وكشفت أن العديد من المنظمات الدولية بما فيها التابعة للأمم المتحدة أصبحت «تشكل غطاء لعمل استخباراتي للدول الكبرى، والتي سهلت وصول العديد من المسؤولين الغربيين بشكل سري إلى أبرز مناطق الصراع في اليمن، تحت لافتة العمل الإنساني، بتسهيل من الانقلابيين الحوثيين، للخروج بتقارير سياسية تخدم التوجه الانقلابي، الحالي والمستقبلي».

وعلمت «القدس العربي» من مصدر دبلوماسي ان «بعض أعضاء البرلمان الأوروبي وبعض السياسيين الغربيين زاروا أغلب مناطق اليمن سرا تحت لافتات مختلفة من ضمنها لافتات المنظمات الإنسانية، ووصلوا إلى صنعاء عبر طائرات الأمم المتحدة».

وأوضح أن هؤلاء المسؤولين الغربييين خرجوا (بتقارير صادمة) عن الوضع في اليمن وأن هذه التقارير أصبحت مرجعية لصانعي القرار في الدول الأوروبية، والتي سيبنى عليها التحرك الأوروبي مستقبلا حيال القضية اليمنية.

ولم يستبعد المصدر الدبلوماسي أن يكون تعيين المبعوث الجديد للأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث من بريطانيا نتاجا لهذه التحركات الأوروبية السرية والتي تحاول أن تلعب دورا محوريا في القضية اليمنية في القريب العاجل، وأن «تصيغ أوروبا حلا سياسيا للأزمة اليمنية وفق الرؤية التي خرجت بها من كل الجهود والتحركات الميدانية غير المعلنة».

وكان الملف اليمني حاضرا بقوة على طاولة المباحثات البريطانية السعودية خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى لندن قبل أيام، بل ومن أكثر الملفات سخونة الذي أثير في مجلس العموم البريطاني، وواجهت الحكومة البريطانية إثره ضغوطا كبيرة من قبل كتلة المعارضة البرلمانية.

وبدت كل من ألمانيا وهولندا وبريطانيا من أكثر الدول الغربية اهتماما بالملف اليمني، واحتواء للملفات الساخنة فيه، غير أنها على ما يبدو تتقاسم الأدوار بينها. فبينما تهتم ألمانيا وهولندا بدعم الانقلابيين الحوثيين وتبني رؤيتهم في العديد من المحافل الأوروبية والدولية، تعمل بريطانيا على تبني ملف القضية الجنوبية، بذريعة أن اليمن الجنوبي سابقا كان تحت ظل الاستعمار البريطاني سابقا حتى منتصف ستينيات القرن الماضي.

وذكر مصدر عليم لـ«القدس العربي» أن بعض الدول الأوروبية استضافت العديد من المسؤولين اليمنيين من مختلف الاتجاهات وفي مقدمتهم الحوثيين والحراك الجنوبي في ورش عمل وندوات عقدت في أوروبا بشكل غير معلن خلال الفترة القليلة الماضية لمناقشة القضية اليمنية بعيدا عن تأثيرات السياسة الرسمية للحكومة اليمنية التي أصبح العديد من السياسيين الغربيين ينظرون إليها على أنها (حكومة المنفى) وليست (الحكومة الشرعية).

وأشار إلى أن كل هذه الجهود السياسية الأوروبية غير المعلنة كانت نتاج لتحركات ميدانية على الأرض في اليمن خرجت بقراءت غربية واضحة للأزمة اليمنية، لحقها جهود عبر هذه الأنشطة والفعاليات غير الرسمية والبعيدة عن الأضواء لمعرفة القراءة اليمنية البعيدة عن السياسة الحكومية اليمنية، والتي تصب في مجملها دعم التوجه الانقلابي في اليمن، تحت مبرر (الحق التاريخي للحوثيين) بالسلطة، بينما يطرح الانقلابيون الحوثيون بأنهم (أصحاب حق إلهي) بالحكم في اليمن وهي مفاهيم تتناقض كلية مع النهج الديمقراطي الذي تزعم أوروبا أنها تدعمه في اليمن.

وكانت مقرات المنظمات الدولية في العاصمة صنعاء تمثل إحدى الأدوات الميدانية التي استخدمت لدعم الانقلابيين الحوثيين وخلق الاستمرارية لعمليتهم الانقلابية، عبر المساعدات الإنسانية التي تقدر بالمليارات خلال الثلاث السنوات الماضية والتي ذهب أغلبها لجيوب قادة الحوثي وإلى تمويل جبهاتهم القتالية، نظرا لأن أغلب المساعدات الإنسانية كانت توزع عبر منظمات محلية تابعة أو موالية لجماعة الحوثي، كشرط للسماح لهذه المنظمات الدولية بممارسة نشاطها وتوفير الحماية لها، وهو ما أعطى مؤشرا قويا عن أسباب عدم انتقال مقار تلك المنظمات من عاصمة الانتقلابيين إلى عاصمة الحكومة الشرعية في عدن.