الحكومة الجزائرية

من المرتقب أن تواجه الحكومة الجزائرية, ضغوطًا كبيرة من الجبهة الاجتماعية خلال الفترة المقبلة, في ظل اتساع رقعة الاحتجاجات إلى مختلف القطاعات العمومية, بسبب القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الجزائرية لمواجهة الأزمة المالية التي تمر بها البلاد بسبب الأزمة المالية الخانقة بداية من قانون النقد والقرض وصولًا إلى مشروع قانون الموازنة للعام الجاري والتي جاءت في شكل ضرائب جديدة ووقف التشغيل في بعض القطاعات.

وكشف التكتل النقابي المستقل في الجزائر, الذي يشمل مختلف القطاعات الحكومية عن رزنامة الإضرابات والحركات الاحتجاجية, مباشرة بعد الانتخابات البلدية المقررة يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وقرَّر شنّ حركة احتجاجية يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني للضغط على الحكومة وفتح الملفات التي وصفها التكتل بـ"المستعجلة " خاصة المتعلقة بإلغاء النص القانوني المتضمن إلغاء التقاعد النسبي والتقاعد دون شرط السن، وإشراك النقابات المستقلة في إعداد مشروع قانون العمل الجديد، فضلًا عن حماية القدرة الشرائية للفئات ذات الدخل المحدود، بموجب التدابير التقشفية التي أدرجتها الحكومة في قانون الموازنة للعام 2018، الموجود على طاولة لجنة المالية في البرلمان الجزائري من أجل المناقشة والمصادقة عليه.

وأعربت النقابات المستقلة لمختلف القطاعات عقب الاجتماع المنعقد السبت, عن تذمرها واستيائها من إصرار الحكومة الحالية بانتهاج سياسية الهروب إلى الأمام وتمسكها بسياسيتها الرامية للمساس بمكاسب ومكتسبات العمال الجزائريين.

وأعلنت عن رفضها المطلق والصريح لسياسة التسريحات والمضايقات التي طالت وتطال بعض القيادات النقابية في عديد القطاعات. وطالب التكتل في البيان الذي يحوز " العرب اليوم " على نسخة منه, انتهاج حماية التماسك الاجتماعي وتبني سياسة الحوار الجاد لحل القضايا والملفات المطروحة، داعيًا إلى إرساء إرادة سياسية تفاعلية مع النقابات المستقلة، رافضًا الحوارات الظّرفية ربحا للوقت وامتصاصًا لغضب العمال.

واستدل التكتل النقابي المستقل بالغموض الذي يحوم حول المسائل النقابية والقضايا الاجتماعية مع بروز ملامح التخلي التدريجي عن الحماية الاجتماعية، وسياسة الدعم في مجالاتها المختلفة. ووجه انتقادات لاذعة للحكومة الجزائرية بسبب سعيها في التخلي التدريجي عن الدولة الاجتماعية من خلال تدعيم فئة الأقلية الغنية والتي تزداد غنى، مما قضى على الطبقة المتوسطة التي تدنت إلى مستويات الفقر وكذا تدعيم وتشجيع سياسة التوظيف الهش في غياب آليات تحد من الانخفاض المتواصل للقدرة الشرائية.

وجددت النقابات المستقلة, تمسكها بمطالبها الثلاث الأساسية، لا سيما ملف التقاعد وملف قانون العمل والقدرة الشرائية, وطالبت الحكومة بإرساء حوار جاد مع النقابات للإسهام في تقديم مقترحات تتعلق بالتنمية الاقتصادية والاستغلال الرشيد والعقلاني للثروات الباطنية وترشيد مداخيل الخزينة العامة وإصلاح السياسة المالية لتحصيل كامل الضرائب والبحث عن بدائل  غير المحروقات، حفاظا على الدولة الاجتماعية التي نص عليها بيان أول نوفمبر/ تشرين الثاني.