أنقرة - جلال فواز
توقعت تركيا أن تلتزم الإدارة الأميركية بوعودها بوقف تسليم أسلحة إلى وحدات حماية الشعب الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)، لإنهاء واحد من أهم ملفات التوتر في العلاقات بين أنقرة وواشنطن، وكشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أنّه “نتوقع أن يلتزم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بوعده عدم تسليح الفصائل الكردية السورية التي تقاتل تنظيم داعش الإرهابي”.
وقال جاويش أوغلو، الجمعة، عقب اتصال هاتفي بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والأميركي، تناول الأزمة السورية ونتائج قمة سوتشي الثلاثية بين إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني الأربعاء الماضي، ومسألة تزويد واشنطن “وحدات حماية الشعب” الكردية بالسلاح في إطار الحرب على “داعش”؛ إن أنقرة حصلت على ضمانات من ترمب بأن واشنطن ستتوقف عن تزويد الفصائل الكردية في سورية بالسلاح.
وأضاف جاويش أوغلو أنّه “حقنا الطبيعي أن نتوقع أن يفي ترمب بوعده، من الطبيعي، كما قلت بالأمس (أول من أمس)، نود أن نرى تطبيق ذلك”، مشيرًا إلى أنّ ترمب أعطى تعليمات واضحة جدا بوقف تسليم الأسلحة إلى “وحدات حماية الشعب” الكردية، لافتا إلى أنه كان يجب وقف هذا الأمر قبل وقت طويل، وطالبت أنقرة واشنطن مرارا بوقف إمداد “وحدات حماية الشعب” الكردية بالسلاح بعدما بدأت أنقرة ذلك خلال عملية تحرير مدينة الرقة من يد تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن واشنطن لم تستجب إلى هذه المطالب وقدمت ضمانات لتركيا بمنع وصول هذه الأسلحة إلى مقاتلي حزب العمال الكردستاني المحظور.
وأعلن البيت الأبيض، في بيان أمس، أن ترمب أبلغ إردوغان بـ”التعديلات العالقة المتصلة بالدعم العسكري الذي نوفره لشركائنا على الأرض في سورية الآن، وقد انتهت معركة الرقة ونمضي نحو مرحلة إرساء الاستقرار لضمان عدم عودة تنظيم داعش”، وأضاف أنّ ترمب بحث مع الرئيس التركي خلال الاتصال الهاتفي أول من أمس تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم “2254” بشأن المستقبل السياسي ودعم عملية جنيف، من أجل التوصل إلى حل سلمي في سورية.
ولفت البيان إلى أن ترمب بحث مع إردوغان شراء تركيا معدات عسكرية من الولايات المتحدة، وناقشا مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وقالت الرئاسة التركية، في بيان مماثل، إن إردوغان توافق ونظيره الأميركي على محاربة جميع المنظمات المتطرّفة، وأشار البيان إلى أن إردوغان وترمب تطرقا للقضايا الثنائية، وتبادلا وجهات النظر حول قضايا إقليمية فضلا عن تناولهما الأزمة السورية، وأن إردوغان أطلع نظيره الأميركي على معلومات حول قمة سوتشي الثلاثية التي عقدت بين رؤساء تركيا وروسيا وإيران الأربعاء الماضي.
وأكد البيان تطابق وجهة نظر الرئيسين حول مكافحة المنظمات المتطرّفة .
وتتهم أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري) بممارسة “تطهير عرقي” في سورية، وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور، لكن واشنطن تعتبرها حليفا أساسيا في الحرب على “داعش” في سورية، واتهم وزير الخارجية التركي، مرارا، حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية بالسعي لتقسيم سورية وتغيير بنتيها الديمغرافية قائلا: “هؤلاء ليسوا مع وحدة البلاد، ويسعون إلى تقسيم سورية؛ إذ يهجّرون السكان من المدن العربية”.
وتسعى تركيا إلى حصار الميليشيات الكردية في عفرين وقطع تواصلها مع منطق سيطرتها الأخرى شمال سورية، وقال إردوغان إن أنقرة اتفقت مع موسكو وطهران خلال قمة سوتشي على نشر نقاط مراقبة في عفرين، ونقلت وسائل الإعلام التركية (الجمعة) تصريحات أدلى بها إردوغان للصحافيين خلال رحلة عودته من سوتشي الأربعاء الماضي قال فيها إن تركيا ستؤسس نقاط مراقبة في منطقة عفرين شمال غربي حلب، وإن الاجتماع الذي عقدناه في سوتشي كان مهما بالنسبة لنا من حيث معرفة موقف روسيا وإيران حول مدينة عفرين، وزملاؤنا سيواصلون عملهم لتأسيس نقاط مراقبة في عفرين أيضا بعد أن عرفنا موقفهم، أما نحن فسنواصل مسارنا بعزم.
وأوضح إردوغان أن البنية الديمغرافية في عفرين بدأت تعود إلى طبيعتها بعد عودة السكان الأصليين إلى المدينة، لافتا إلى أن 50 في المائة من سكان عفرين عرب، و30 في المائة أكراد، أما البقية فهم من التركمان والمجموعات الأخرى، وعندما يبدأ السوريون بالعودة من مخيمات اللجوء إلى هناك فستعود المدن إلى أصحابها الحقيقيين، وهذا الأمر ينطبق على إدلب أيضا، حيث ستعود البنية الديمغرافية فيها إلى ما كانت عليه سابقا مع عودة سكان إدلب المقيمين في تركيا إلى هناك، وتنظر تركيا إلى الميليشيات الكردية على أنها تهديد لأمنها القومي، وقال إردوغان: “لا نرحب بكيان قد يهدد بلادنا، ماذا سيفعل حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية: ما هي نيتهما؟ نيتهما تأسيس كيان كردي شمال سورية، ولا يمكننا نحن أن نقول لهم تفضلوا افعلوا ذلك (مبروك)، وكما رأينا فإن بشار الأسد أيضا يعارض أيضا احتمال إقامة كيان في شمال سورية”.