رئيس الوزراء رامي الحمد الله

صرح رئيس الوزراء رامي الحمد الله أن قيمة الموازنة الموحدة، والتي تتضمن إجراءات، وتدخلات الاندماج، وإنهاء الانقسام، تبلغ 5.8 مليار دولار، مشددا على أن موازنة هذا العام الذي تتعاظم خلاله التحديات تتضمن سياسات مالية تمهد لتحقيق الاستدامة المالية المنشودة، وتستنهض اقتصادنا الوطني.

جاء ذلك خلال عرض الحمد الله ووزير المالية والتخطيط شكري بشارة مشروع الموازنة العامة للعام 2018، اليوم الاثنين، في مكتب رئيس الوزراء، بمدينة رام الله، أمام عدد من رجال الاعمال وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والقطاع المصرفي، وممثلين عن الجهات والدول المانحة، وعدد من مدراء وطاقم وزارة المالية.

وأكد الحمد الله "أنه بالوفاق الوطني وتمكين الحكومة من الاضطلاع بمسؤولياتها نواجه التحديات والصعوبات المالية، ونتصدى لمخططات تشتيت وإضعاف قضيتنا الوطنية".

 وأشار إلى أنه "بالوفاق الوطني نواجه التحديات والصعوبات المالية، ونتصدى لمخططات تشتيت وإضعاف قضيتنا الوطنية ونقترب من تحقيق أهدافنا في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، والقدس عاصمتها الأبدية والتاريخية، وغزة والأغوار في قلبها، وسنضطلع بكل المهام والواجبات لنجدة غزة والنهوض بها، كما فعلنا طوال سنوات الانقسام، لكننا في إطار موازنة هذا العام نترك مساحة رحبة للأمل والعمل ولإنهاء الانقسام ولتكريس وحدة الأرض والوطن والهوية".

وأضاف: لقد أكدنا ولا نزال، أنه فقط بتمكين الحكومة بشكل شامل وفاعل، نستطيع العبور إلى مرحلة أخرى من توحيد الطاقات، والموارد، والكفاءات، لزيادة الإيرادات الذاتية، وتعزيز العمل الوطني، والمؤسساتي، لتحسين ظروف حياة أبناء شعبنا في غزة، والتحرر من الأعباء المالية غير المبررة التي تراكمت طوال سنوات الانقسام المأساوي الذي أضعف قضيتنا وكبلنا بتكاليف كبيرة.

وتابع: ستمكننا المصالحة والوفاق الوطني من البناء على الإنجازات التي تحققت ماليا وإداريا، والإسراع في الإصلاحات المالية، وفسح المجال رحبا أمام تنفيذ مشاريع تنموية وتطويرية هامة، تحدث تأثيرا إيجابيا واسعا على حياة المواطنين في قطاع غزة، وتساهم في التخفيف من معاناتهم. وطالب الدول الشقيقة والصديقة والجهات المانحة بالتحرك العاجل لإنقاذ غزة من الكارثة الإنسانية التي تحدق بها وتوفير مقومات الحياة الكريمة والصحية لأهلنا فيه، والمساهمة معنا في تلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم المشروعة".

وقال: "يشرفني أن أجتمع اليوم بهذه النخبة المميزة، لأضع بين أيديكم جميعا مشروع قانون الموازنة العامة لدولة فلسطين للسنة المالية 2018، التي تأتي في خضم حصار مالي وسياسي يواجه شعبنا وقيادته، وفي ظل تهديدات كبرى تعصف بقضيتنا الوطنية، كما ونستعرض وإياكم، أهم التحديات التي واجهتنا في بلورة هذه الموازنة، سيما ارتباط العوامل الاقتصادية بالسياسية، وما تفرضه التطورات المتلاحقة من مسؤوليات إضافية وأعباء طارئة، ولهذا كله، أعدت هذه الموازنة تماشيا مع الظروف والتحديات الحالية، بحيث تتميز بقدر عال من الشفافية، وتعطي الحكومة والقيادة المرونة الكافية للتعامل مع أية تطورات".

وأردف رئيس الوزراء: "لقد عرض الوزير بشارة مشروع الموازنة الاسبوع الماضي، أمام هيئة الكتل والقوائم البرلمانية وأعضاء المجلس التشريعي، واليوم نستكمل معكم النقاشات حولها، ليقرها مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية لاحقا، ويتم احالتها إلى فخامة الأخ الرئيس محمود عباس للمصادقة على مشروع القانون الخاص بها، وإصداره وفق الأصول".

واستطرد: "لقد أردنا لهذه الموازنة أن تأتي استكمالا وتأسيسا للجهود المبذولة على أكثر من صعيد لتعزيز الصمود والمنعة الوطنية والسير نحو تعظيم الموارد والقدرات الذاتية وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية وتحقيق الاستدامة المالية، وقد صممت هذه الموازنة، كسابقاتها منذ عام 2014، لتخفيض العبء الضريبي للأفراد، خاصة ذوي الدخل المتدني، وتبني إجراءات ضريبية تسهم في توظيف واستيعاب الخريجين، والحد من وطأة البطالة، والفقر بتشجيع البنوك والمؤسسات المالية لتوجيه تمويلها لصالح نمو وثبات الشركات الصغرى والناشئة، التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني، وتشكل أكثر من 90% من الشركات العاملة في فلسطين.

كما تتضمن الموازنة إنشاء صندوق خاص تديره وزارة المالية والتخطيط لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة، بحيث تساهم الحكومة بمبلغ (10 مليون دولار) وتساهم سلطة النقد بمبلغ مماثل، ليصل فيما بعد إلى (40 مليون دولار)، وذلك لمساعدة الشركات الصغيرة للحصول على التمويل اللازم لمشاريع الطاقة المتجددة من خلال البنوك التجارية، وزيادة إسهام الطاقة المتجددة في مجموع الطاقة الكلي".

واستدرك رئيس الوزراء: "تشتمل موازنة هذا العام، على موازنة الأساس التي تشمل المحافظات الجنوبية وفق الوضع القائم في ظل عدم التمكين الكامل والفاعل للحكومة واستمرارها في تحمل مسؤولياتها الوطنية التي تضطلع بها منذ أكثر من عشرة أعوام، بإنفاق 100 مليون دولار شهريا، لتغطية الرواتب والأجور لحوالي ستة وخمسين ألف موظف مدني وعسكري، وتغطية تكاليف إمدادات الكهرباء المغذية لقطاع غزة، وتحمل كافة تكاليف الخدمات الصحية، بما في ذلك الأدوية والأطعمة والمستلزمات الطبية، وفاتورة الوقود المتعلقة بالمستشفيات والمراكز الصحية، إضافة إلى تغطية تكاليف التحويلات الطبية لأبناء قطاع غزة والإعانات الاجتماعية، كما تم إعداد موازنة خاصة بالمحافظات الجنوبية، هي موازنة تكريس المصالحة التي تشمل التدخلات الحكومية والمشاريع التطويرية، واستيعاب حوالي عشرين ألف موظف من الذين تم تشغيلهم بعد الانقسام عام 2007، وكافة الإجراءات والسياسات اللازمة لإنقاذ قطاع غزة ونجدة أهلنا فيه، هذا وتتضمن الموازنة الموحدة، موازنتي الأساس والمحافظات الجنوبي".

وأشار إلى أن النتائج التي حققناها خلال عام 2017، هي الأساس الذي بنينا عليه الموازنة الحالية، لقد استطعنا أن نتحدى القيود والممارسات الاحتلالية التي ازدادت وتيرتها العام الماضي، خاصة، باستهداف المناطق المسماة (ج) التي تزخر بالموارد الطبيعية ومنع الاستثمار والتنمية والتطوير فيها، وفرض مخططات التهجير والاقتلاع على سكانها، وهدم بيوتها ومنشآتها، بما فيها تلك الممولة دوليا، ورغم انخفاض الدعم الخارجي الموجه للموازنة بحوالي15%، ليبلغ على مدار السنوات الماضية حوالي 70%، مقارنة مع العام 2010، وزيادة النفقات التطويرية، تمكنا من التحكم بالنفقات، وسجلنا زيادة في حجم الإيرادات، مما يعكس إدارة وسياسة مالية رشيدة ومثمرة، فقد سجلنا انخفاضا في العجز الجاري عن موازنة 2016 بحوالي 9.6%،  وحققنا في العجز الاجمالي تخفيض 6.4%، وتحققت زيادة نسبتها 9% في صافي الإيرادات مقارنة بين فعلي 2016 و2017،  وتم تخفيض النفقات الجارية وصافي الإقراض بنسبة 2.5% عن فعلي 2016".

وأوضح: تبلغ قيمة الموازنة الموحدة، والتي تتضمن إجراءات وتدخلات الاندماج وإنهاء الانقسام،  5.8 مليار دولار، منها 4.98 مليار دولار للنفقات الجارية وصافي الإقراض، و821 مليون دولار للنفقات التطويرية، فيما تبلغ الإيرادات 4 مليار دولار، ويبلغ التمويل الخارجي لدعم الموازنة وتمويل النفقات التطويرية 775 مليون دولار، بفجوة تمويلية تقدر بمليار دولار، أي أن النمو في النفقات سيفوق نسبة النمو في الإيرادات بحوالي 11%، مما يحتم علينا السير بخطوات مدروسة لزيادة كفاءة وفاعلية الإداء الضريبي، والمزيد من ضبط الانفاق الحكومي وإدارة المال العام بكفاءة واقتدار، في ذات الوقت الذي نعمل فيه لتعزيز الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية في تطبيق السياسات الضريبية، آخذين بالاعتبار التباين في الدخل الفردي والوضع الاقتصادي بين المحافظات الشمالية والجنوبية، وذلك بتعديل السياسة الضريبية الخاصة بالأفراد وتخفيض العبء الضريبي على الأفراد الأقل دخلا وزيادته على المكلفين الأكثر دخلا، والاستمرار في البسط الأفقي للأفراد والشركات التي تعمل بشكل فردي أو عائلي، والتحول إلى ضريبة تصاعدية، مع اعتماد شريحة ضريبية رابعة بدلا من الشرائح الضريبية الثلاث المعتمدة منذ 2015، بحيث تتراوح ضريبة الدخل من صفر إلى 20%، مما يزيد عدد الملتزمين ضريبيا بحوالي 10%، ويزيد الإيرادات الضريبية بنسبة 35% خلال عام 2018.

وأضاف: "هذا وسيتم تعديل السياسة الضريبية للشركات بتخفيض ضريبة الدخل من 15% إلى 10% على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا يتجاوز دخلها السنوي الصافي 3.5 مليون شيقل، والتحول إلى إعفاءات وحوافز ذكية ترتبط بالتدريب، لتحفيز الشركات على توظيف واستيعاب الخريجين، مما يساهم في تدريب وتأهيل حوالي 5000 خريج لدخول سوق العمل سنويا وضمان نمو وديمومة هذه الشركات، كما سيتم استحداث شريحة جديدة تخص البنوك والمؤسسات المالية التي يفوق دخلها 7 مليون شيكل، وذلك من 15 -20%، وهذه تشمل الشركات التي تتمتع بالاحتكار والشهرة، علما أن عدد هذه الشركات يبلغ (52) شركة في فلسطين".

وقال: "إن موازنة هذا العام، الذي تتعاظم خلاله التحديات ويمعن فيه الاحتلال الإسرائيلي في انتهاكاته، تتضمن سياسات مالية تمهد لتحقيق الاستدامة المالية المنشودة وتستنهض اقتصادنا الوطني الذي تحاول إسرائيل سحقه وسلبه مقومات قوته وتقويض فرص نموه، ويتعين علينا في ظل هذه التطورات، تجنب اللجوء إلى زيادة المديونية والاقتراض إلا في الحالات الطارئة، وعند ضمان قدرتنا على تسديد الدين، وعلى أن يوجه فقط للتطوير وليس للاستهلاك".

وأضاف: "اننا بتنفيذ هذه الموازنة الطموحة، ننتقل بالمنظومة الضرائبية الفلسطينية، لتصبح أكثر مرونة وتقدما وتحفيزا مقارنة مع دول الجوار، ونوفر الإمكانيات لمواصلة تطبيق التدخلات الحكومية الواردة في أجندة السياسات الوطنية للأعوام الستة 2017-2022، وهو ما يتطلب تعزيز وتنسيق الجهود مع الجهات والدول المانحة لينسجم الدعم الدولي مع هذه الأجندة، ولتوحيد المعلومات والتمويل من خلال القنوات الحكومية الرسمية، ولضمان عدم ازدواجية وتقاطع البرامج والمشاريع الممولة دوليا".

واختتم رئيس الوزراء: "إننا في إطار موازنة عام 2018، إنما نسخر الطاقات لضمان تنفيذ التزامنا وواجبنا الوطني والإنساني تجاه أهلنا في قطاع غزة، رغم استمرار حركة حماس في السيطرة على كافة إيرادات القطاع من الرسوم والضرائب لصالح خزينتها بدل تحويلها لصالح الخزينة العامة للدولة، ورفضها المساهمة في تغطية النفقات العامة، لتفاقم بذلك المعاناة الإنسانية التي يواجهها أبناء شعبنا في غزة الذين يتحملون كذلك قساوة الحصار وويلات العدوان الإسرائيلي المتكرر، ونطالب بتمكين الحكومة تمكينا كاملا من خلال التمكين المالي للحكومة، والسيطرة الكاملة على المعابر، وفرض النظام العام وسيادة القانون وتمكين السلطة القضائية من تسلم مهامها في القطاع والسماح بعودة جميع الموظفين القدامى إلى عملهم، وذلك المطلوب للتحول بالمصالحة إلى فعل وحدوي مسؤول وجاد ينهي عذابات شعبنا في غزة، وتأكيد نويا القيادة الصادقة في تحقيق المصالحة".