القدس - اليمن اليوم
البلدة القديمة في الخليل مساحتها لا تتجاوز الواحد كيلو متر مربع، لكنها تروى تفاصيل الحكاية كامله بحقائقها دون تزوير فلا تحتاج لتدرك الحقيقة سوى التجول فيما يسمح به في هذه البلدة وتطلع على المعلن من اجراءات احتلالية بحقها وحق سكانها، لتدرك بما لا يجعل مكانا للشك انهم ما كانوا ومازالوا لا يريدون السلام ويدعون كذبا عكس ذلك.
ما يقارب من مئة أمر عسكري اتخذت بحق مساحة لا تتجاوز الكيلو متر الواحد، منذ توقيع اتفاقية الخليل حتى يومنا هذا حسب ما افاد مدير الدائرة القانونية في لجنة الاعمار توفيق جحشن، منها ما يقارب 80 امرا عسكريا لا تزال سارية المفعول حتى يومنا هذا، مشيرا إلى أن هذا الرقم لا يشمل الأوامر العسكرية التي يتخذها الاحتلال بشكل مؤقت وغالبا ما تستمر ليوم او بضعة ايام، إضافة الى أن الامر العسكري الواحد غالبا ما يشمل أكثر من موقع فمثلا الامر العسكري الذي صدر عشية توقيع اتفاق الخليل شمل 30 منزلا فلسطينيا.
وأضاف أن هذه الاوامر العسكرية شملت كافة نواحي الحياة في البلدة القديمة، فهي تشمل الأماكن الدينية والطرقات والبيوت والمحال التجارية، وايضا شملت اسطح المنازل ومداخل البيوت والازقة، في اشارة الى أن الهداف من وراء هذه الأوامر ليس امنيا أو عسكريا كما ما هو معلن، انما هي احدى اهم الوسائل التي يعتمد عليها الاحتلال الاسرائيلي في افراغ البلدة القديمة من السكان وضم ما يمكن من الاراضي فلسطينية.
هذا الكم من الاوامر العسكرية ما هو الا شاهد على حجم الارهاب الذي يمارسه الاحتلال بحق المدن الفلسطينية، بكافة اشكاله فقد تجاوز القتل والترويع والاعتقال، لممارسة الارهاب الديني والاقتصادي .
اغلاق ما يزيد عن نصف المحال التجارية في البلدة القديمة بأوامر عسكرية مباشرة او غير مباشرة، وحرمان جزء كبير من الاسر من مصدر رزقهم ما هو الا شكل من اشكال الارهاب الاقتصادي، فهناك 516 محالا تجاريا موزعة داخل البلدة القديمة تم اغلاقها بأوامر عسكرية مباشرة، بإضافة الى ما يقارب 1100 محالا تجاريا مغلقة بطرق غير مباشرة، أي ان يجبر اصحابها على اغلاقها لاستحالة امكانية فتحها نتيجة اجراءات واغلاقات احتلاليه بمحيطها.
بدوره، أشار مدير عام غرفة تجارة وصناعة الخليل طارق التميمي، إلى أن هناك ما يقارب 3 آلاف محل تجاري في البلدة القديمة، تعرض ما يقارب 15-20% منها لإغلاق بأوامر عسكرية مباشرة، إضافة الى ما يزيد عن 35% لإغلاق بطرق غير مباشرة، معتبرا أن هذه الاجراءات الاحتلالية تهدف الى اضعاف القدرة الاقتصادية لسكان المنطقة من خلال قطع مصادر الدخل التي تتمثل في عائدات هذه المحال، وعزل المناطق من خلال الحد من زوارها، ضمن سياسة عامة تهدف الى الضغط على السكان لترك البلدة القديمة ومغادرتها.
وأضاف أن هذه الاجراءات زادت الاوضاع الاقتصادية سوءا في البلدة القديمة ودفع العديد من اصحاب هذه المحلات الى نقل مكان عملهم خارج البلدة، مطالبا بضرورة تظافر كافة الجهود لمواجهة ما تتعرض له للحد من الاثار السلبية لإجراءات الاحتلال.
وأشار التميمي إلى أنه تم تشكيل لجنة مشتركة تضم كل من الغرفة التجارية وبلدية الخليل تهدف الى تطوير مشاركة القطاع الخاص في تعزيز صمود البلدة القديمة وتطويرها، إضافة الى قيام الغرفة التجارية بإنشاء صندوق خاص بالبلدة القديمة ينبثق عنه مؤسسة استهلاكية ستعمل على تزويد اصحاب المحال التجارية في البلدة القديمة بالبضائع بأسعار مخفضة تجعلها اقل مما هي عليه في المناطق الاخرى، في محاوله لتعزيز صمود اصحاب هذه المحال وابقائها مفتوحة، وتوجيه السكان للتسوق والتواجد في البلدة القديمة والاستفادة انخفاض الاسعار هناك وبذلك يتم ضمان التواجد المستمر في المنطقة.
وبين أن الغرفة التجارية والقطاع الخاص انهت كافة الاستعدادات للبدا بهذا المشروع وانها بانتظار الاجراءات الرسمية واصدار القرارات الحكومية التي تتيح العمل بهذا الصندوق وتنفيذ المشروع.
وعلى صعيد آخر، كان للاماكن الدينية من مساجد ومقامات نصيب كبير من هذه الاوامر العسكرية، والتي تشير بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الاحتلال يمارس احقر انواع الارهاب، الا وهو الارهاب الديني المتمثل في قتل المصلين واغلاق المساجد وتخريبها ومنع الانسان من ممارسة شعائره الدينية التي كفلتها كافة الاعراف والقوانين.
ليس من باب الصدفة أن يقوم الاحتلال بإغلاق ما يقارب 50% من المساجد والاماكن الدينية المنتشرة في البلدة القديمة وهي ذات النسبة من الاغلاقات التي طالت المرافق الاقتصادية في نفس المنطقة انما هو مؤشر على ان هذه المنطقة تتعرض لحرب شامله للقضاء على تواجد الفلسطينيين بها .
ينتشر في البلدة القديمة ما يقارب من 20 مسجدا ومقاما إضافة الى اهم ما في هذه المنطقة وهو الحرم الابراهيمي الشريف، والذي صدر في محيطة فقط 14 امرا عسكريا وفق ما ذكر مدير عام وزارة الاوقاف اسماعيل ابو الحلاوة، في حين ان جميع الاماكن الدينية في البلدة القديمة تلقت اوامر عسكرية اما بالإغلاق الكلي وهي تشكل ما نسبته 50% مغلقة منذ عام 1994 حيث لا يسمح لاحد بالوصول اليها في جميع الاحوال، سواء مواطنين او جهات رسمية، وهي مسجد الاقطاب والواقع بالسوق المركزي، وتم تحويله لمستودع ومخزن لاستخدام المستوطنين.
أما مسجد الكيال في منطقة السهله مغلق بالكامل، زاوية الاشراف على مدخل الحرم الابراهيمي مغلقة بالكامل، ومسجد ومقام الاربعين في تل الرميدة، مسجد البركة بجانب بركة السلطان مغلق بالكامل ويجري تخريبه والحفر بداخله، والمسجد العمري مغلق بالكامل، وما تبقى من مساجد واماكن دينية مغلق بشكل جزئي حيث يسمح بالوصول الى اجزاء محدده منه مثل مسجد اهل السنة ومسجد القزازين حيث تم اغلاق اجزاء منهم.
اما فيما يتعلق بالحرم الابراهيمي الشريف فإن ما يقارب 64% من مساحته الاجمالية مستباحة بشكل كامل للمستوطنين في حين ان 36% منها فقط يستطيع المسلمون الوصول اليه وهي الجاوليه، والمصلى الاسحاقية، وجزء من المصلى المالكية، وباقي الحرم بكل ساحاته واروقته مستباحه للمستوطنين، لا يدخلها الفلسطينيون سوى للصيانة او الترميم، وذلك باعتبار ان الحرم جميعه يقع تحت مسؤولية الاوقاف الإسلامية من حيث الصيانة والترميم.
واشار أبو الحلاوة إلى أنه ليس صحيحا أن استهداف المساجد والاماكن الدينية في البلدة القديمة يرجع لأسباب امنية كما تدعي الاوامر العسكرية الصادرة بحق هذه الاماكن، انما يتعلق الامر بسلوك احتلالي تجاه القيم الدينية لهذه الاماكن، للقضاء على أي مظهر اسلامي للمنطقة.
وبين أن ما تتعرض له هذه الاماكن من اجراءات اسرائيلية تجعل من الوصول لاماكن العبادة للمسلمين من الامور الاكثر صعوبة، ويحفها الخطر الشديد، بهدف تسهيل سيطرة المستوطنين على المنطقة وتهجير سكانها.