القدس - اليمن اليوم
كشف تقرير لصحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس، النقاب عن أن الحكومة الإسرائيلية تمول وترصد الميزانيات للجمعية الاستيطانية "ريغافيم" التي تنشط في إخلاء المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم وإقامة بؤر استيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وغالبا ما تتوجه الجمعية اليمينية، التي تنشط من أجل إخلاء التجمعات الفلسطينية وتمول رصد تحركات الناشطين اليساريين، حسب الصحيفة، إلى المحاكم الإسرائيلية من أجل إخلاء الفلسطينيين من أراضيهم. وفي الوقت نفسه، ترصد الحكومة الإسرائيلية ميزانيات تقدر بملايين الشواقل من الأموال العامة من خلال المجالس الإقليمية الاستيطانية بالضفة الغربية المحتلة.
وتنشط الجمعية سياسيا وميدانيا بجمع المعلومات حول البناء للفلسطينيين، ونشر تقارير مفصلة وواسعة حول الموضوع، وغالبا ما تستأنف للمحكمة العليا لمحاولة التأثير على سياسة الحكومة وسلطات الاحتلال، ولا يمول هذا النشاط عادة من الأموال العامة، على الأقل عندما يتعلق الأمر بالمنظمات اليسارية. حيث لم تتلق المنظمات غير الحكومية مثل "بتسيلم" و"السلام الآن" و"ييش دين" شيقلا واحدا من أموال دافعي الضرائب خلال سنوات عملها.
الوضع يكون مختلفا عندما يتعلق الأمر ويدور الحديث عن جمعية "ريغافيم"، وهي واحدة من المنظمات اليمينية الرئيسية في إسرائيل، وكشف تحقيق "هآرتس" عن أن الجمعية التي تتعامل بشكل رئيسي مع الالتماسات ضد السلطات، قد تلقت الملايين من الشواقل من الأموال العامة، إذ يستبعد إمكانية أن تواصل الجمعية نشاطها دون هذا التمويل، وذلك كما أوردت "هآرتس".
وقد نقلت الأموال والميزانيات التي حولتها السلطات إلى "ريغافيم" بموجب شروط مصممة خصيصا للجمعية، على الأقل في حالة واحدة رغم وجود تضارب بالمصالح، وانعدام الشفافية، وفي حين صرحت الجمعية لمسجل الجمعيات أنها تلقت مساعدة من مجلس إقليمي استيطاني واحد، إلا أنها خصصت عمليا ميزانيات ضخمة من مجلسين آخرين على الأقل.
وأضحت جمعية "ريغافيم" الذي يعتبر عضو الكنيست من "البيت اليهودي"، بتسلئيل سموتريتش، أحد مؤسسيها، بالسنوات الأخيرة، الذراع القانوني لمعسكر اليمين الذي ينشط بملاحقة ورصد البناء العربي بذريعة عدم وجود تراخيص بناء في الضفة الغربية المحتلة وكذلك بالجليل والنقب.
وتقود الجمعية الاستيطانية حاليا المعركة القانونية لإخلاء قرية سوسيا في جبال الخليل الجنوبية، وقد عملت في الماضي على إخلاء قرية الزرنوق "مسلوبة الاعتراف" بالنقب.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن المفاوضات التي أجرتها "الإدارة المدنية" مع سكان القرى البدوية في الضفة الغربية، توقفت بسبب ضغوطات من "ريغافيم" التي نسبت إلى الضابط دوف زادكا، الذي أجرى المفاوضات نيابة عن سلطات الاحتلال، وهو "متطرف من معسكر اليسار".
على الأقل في حالة واحدة، لم يقتصر نشاط الجمعية على معركة قانونية أو للبحث في شأن التجمعات السكنية الفلسطينية. في عام 2016، كشفت الصحيفة أن "ريغافيم" كانت مسؤولة عن رصد تحركات ومراقبة أعضاء منظمات حقوق الإنسان المنتسبة إلى اليسار. وكان المحقق الخاص الذي دفع أجره من الجمعية قد هاجم من خلال صناديق القمامة خارج مكتب المحامي مايكل سفارد، الذي يمثل بعض المنظمات وأرسل لهم وثائق نقلها إلى منظمة يمينية أخرى هي "إم ترتسو". ورفضت الجمعية التعقيب على ذلك.
تأسست جمعية "المحافظة على الأراضي الوطنية"، الاسم الأصلي لـ"ريغافيم" في عام 2006. وتكشف وثائقها الداخلية أنه في السنة الأولى من وجودها، تلقت الجمعية تبرعات بقيمة 3445 شيقلا. وبلغت الميزانية الإجمالية لتلك السنة 73 ألف شيقل، منها قرابة 70 ألف شيقل من "صناديق مشاركة".
ويشير مصطلح "المشاركة والدعم"، وفقا لوزارة القضاء، عادة إلى الأموال والميزانيات التي مصدرها من سلطات الدولة، بدلا من التبرعات من الأفراد. ولا يقصد بهذا النوع من الدعم تمويل إجراء معين قد يكون ميزة قوية من ناحية "ريغافيم". فالمجلس الإقليمي الاستيطاني الذي لا يرغب في تمويل عريضة مباشرة ضد الدولة، على سبيل المثال، يمكنه تحويل الأموال دون هدف محدد، وهو ما ستستخدمه الجمعية حسبما تراه مناسبا.
ومنذ عام 2007 وحتى بداية العقد، ارتفعت كمية المساهمات والميزانيات التي حصلت عليها "ريغافيم" من 310 آلاف شيقل إلى أكثر من مليوني شيقل، وارتفعت التبرعات الخاصة من 47 ألف شيقل إلى 800 ألف شيقل.
وفي السنوات الأخيرة، وكما ذكرت الصحيفة، بقيت ميزانيات ومبالغ الدعم للجمعية مستقرة، في حين زادت التبرعات. وفي عام 2016، وهي السنة الأخيرة التي تتوافر عنها بيانات، تلقت "ريغافيم" ما يقرب من ثلاثة ملايين ونصف مليون شيقل من الأفراد وتبرعات شخصية، وانخفضت حصة أموال المشاركة في ميزانيتها إلى نحو 38%. وعلى أية حال، يكشف حساب تاريخي أن الدولة قامت منذ سنوات بتمويل جزء كبير من نشاط إحدى الآليات الرئيسية للنضال القانوني ضدها.
وتقدم الجمعيات غير الهادفة للربح تقاريرها السنوية إلى وزارة القضاء بشأن تلقي الميزانيات والإعانات والشراكات، ولكن ليس من الواضح دائما ما مصدرها. وقال رؤساء المنظمات اليمينية الأخرى لصحيفة هآرتس إنه على الرغم من أنها عادة ما تأتي من الأموال العامة، فإنها تشير أحيانا إلى الأموال التي تم توجيهها من قبل الأفراد أو المنظمات غير الربحية مقابل الخدمة وليس كمساهمة.
وفي الوثائق المقدمة إلى مسجل الجمعيات، حسب "هآرتس" ردت جمعية "ريغافيم" بالإيجاب على السؤال "هل الجمعية تحصل على دعم وتمويل من سلطات الدولة"، لكنها أشارت فقط إلى الدعم الذي تلقته من المجلس الإقليمي الاستيطاني "ماطي بنيامين" الذي يفرض سيادته الاستيطانية على مركز الضفة الغربية المحتلة. وعلى مر السنين، تم تحويل ما يقارب 3 ملايين شيقل من المجلس إلى الجمعية.
وانتقد مراقب للدولة القاضي المتقاعد، يوسف شابيرا، هذا التقرير في تقريره الذي صدر في نهاية العام الماضي، وخلص المراقب إلى أن معايير تخصيص أموال وميزانيات المخصصة لجمعية "الحفاظ على الأراضي" مصممة خصيصا لـ"ريغافيم"، بحيث إنه فقط هي يمكنها الحصول على هذه الميزانيات.
لم يكن المجلس الإقليمي الاستيطاني "ماطي بنيامين" المجلس الوحيد الذي رصد الميزانيات والدعم إلى جمعية "ريغافيم"، بل إن مجالس استيطانية أخرى رصدت الميزانيات والدعم أبرزها "شومرون" و"هار حفرون"، حيث وقعت هذ المجالس على عقود بين الأعوام 2014 على 2015، بموجبها حصلت "ريغافيم" على ميزانية بقيمة 300 ألف شيقل لمراقبة البناء في التجمعات السكنية الفلسطينية، وفي العام 2016 ارتفعت الميزانيات ووصلت إلى 400 ألف شيقل.
وحتى لو تم تحويل الأموال والميزانيات للجمعية الاستيطانية من المجالس الإقليمية في الضفة الغربية، فإن هذه الميزانيات ليست فقط أموال دافعي الضرائب في المستوطنات، بل تحصل هذه المجالس من أنواع مختلفة من الدعم وملايين الشواقل من الحكومة الإسرائيلية وميزانية الدولة، كما ذكرت الصحيفة.
في نهاية عام 2012، وافقت ما يسمى "سلطة تطوير الجليل" أيضا على رصد الميزانيات والأموال إلى جمعية "ريغافيم" من الاحتياطيات. في نشر الإعفاء من المناقصة، وقررت السلطة أن الجمعية الاستيطانية هي المورد الوحيد القادر على إنشاء مشروع يهدف إلى "تعزيز الإشراف والإنفاذ لقوانين البناء في المناطق".