القدس - اليمن اليوم
فرقت قذائف الاحتلال الإسرائيلي، صداقة دامت منذ الصغر لأربعة فتية من حي السلام جنوب محافظة رفح، جنوب قطاع غزة.
وكان الفتيان الاربعة التقوا كعادتهم مساء أمس السبت، في الحي الذي كان يسوده الظلام في ظل انقطاع التيار الكهربائي، ولم يعلموا ما يخبئ لهم القدر في ظل ظروف الحصار والتصعيد الإسرائيلي المتواصل على القطاع.
ضيق الحال وضنك الحياة وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، بسبب الحصار الإسرائيلي، والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة منذ نحو 11 عاما مرت على الانقسام، أفقدهم ما يمكن أن يتمتعوا به مثل غيرهم في سنهم، كامتلاكهم لجهاز جوال وخط إنترنت لمعرفة ما يدور حولهم.
وروى المصاب سليم محمود أبو صفرة (16 عاما) الذي يرقد على سرير الشفاء في مستشفى غزة الأوروبي ما حدث قائلا: التقيت أنا وزملائي بعد صلاة العشاء، ولم تكن الكهرباء متوفرة لنكمل ما تبقى لنا من الدراسة، وأخدنا نسير في أحد شوارع الحي بالقرب من معبر رفح، دون أم نعلم ما يدور من حولنا من تصعيد إسرائيلي ضد غزة، خاصة في ظل الأحوال الجوية السائدة.
وأثناء الحديث مع المصاب أبو صفرة، قاطعه شقيقه رائد، قائلا: لم يعلموا أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ منذ عصر أمس، يصعد من عدوانه على القطاع ويبحث له عن فريسة ليشفي غليله، ردا على إصابة عدد من جنوده بانفجار.
وعاد المصاب ليكمل حديثه لمراسل "وفا": كنا نسير في الشارع ونتبادل الحديث مع بعضنا البعض، عندما فوجئنا بصوت انفجار، هربنا الى الغرب لنجد أنفسنا على الأرض، وكل منا في مكان، حتى استدركنا لاحقا أننا نحن المستهدفون.
وتابع أبو صفرة الحديث بعينين دامعتين حزنا على فراق من كانوا معه حتى مساء أمس: لم نكن نشكل خطرا على قوات الاحتلال. متسائلا: لماذا يستهدفوننا بالقذائف ونحن أبرياء؟ كنا نسير في مكان نعتقد أنه آمن ولم نعرف بأنهم كانوا يتربصون بنا.
وقال/ وهو يشير الى بعض الشظايا في قدميه، أكملت طريقي زحفا الى أن توقف القصف المدفعي، واقتربت مني سيارات الإسعاف وحملوني الى مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار، ومن ثم الى مستشفى غزة الأوروبي. لم أكن أعلم ما حدث لباقي زملائي حتى صباح اليوم.
وأعرب أبو صفرة عن حزنه الشديد على فراق صديقيه اللذين تم انتشال جثمانيهما فجر اليوم.
ولم يتمكن مراسل "وفا" من الحديث مع المصاب أبو حرب، الذي كان متواجدا في قسم الأشعة.
هكذا انتهى الحال بأربعة زملاء كانوا يسيرون معا، اثنان منهم كتب الله لهم الحياه، فيما استشهد الآخران، وتمت مواراتهما الثرى.
وشيعت جماهير محافظة رفح جثماني الشهيدين عبد الله أيمن الرميلات (15 عاما) سالم محمد صباح (17 عاما) الى مثواهما الأخير في مقبرة رفح الشرقية في حي السلام بمحافظة رفح جنوب القطاع.
وانطلق موكب تشييع الشهيدين من أمام مستشفى أبو يوسف النجار، الى منزلي ذويهما في حي السلام، حيث ألقيت نظرة الوداع على جثمانيهما ومن ثم نقلا إلى مسجد الفلاح، وتمت الصلاة عليهما.
وانطلق موكب الشهيدين في أجواء من الحزن باتجاه مقبرة رفح الشرقية، وتمت مواراتهما الثرى وسط هتافات تندد بجرائم الاحتلال.
وكان الشهيدان سقطا الليلة الماضية، عندما استهدفتهم دبابات الاحتلال بقذائفها المدفعية، وتركتهم ينزفان حتى الموت ولم تسمح لسيارات الإسعاف بالصول إليهما.