سجون الاحتلال الإسرائيلي

لأنه علينا أن نتذكر يوميا، 350 طفلا ينامون بعيدا عن أسرّتهم وأسرهم وألعابهم ومقاعدهم الدراسية، عن حاراتهم وأقرانهم وملاعبهم وكراساتهم، عن أعياد ميلادهم وخزائن ملابسهم.

ينامون بعيدا عن طفولتهم. وربما لا ينامون، ففي سجون الاحتلال البرد والقهر والعذاب والأبواب المغلقة.

في السادس عشر من كانون الثاني المنصرم، انطلقت في مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، الحملة الدولية للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ونظمت الحملة، مؤسسة إبداع الدهيشة واتحاد المرأة الأردنية، بالتعاون مع هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ومؤسسة الحق، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، والمركز الفلسطيني لمصادر وحقوق المواطن واللاجئين "بديل"، والشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين.

وتشارك في الحملة أيضا، جمعية السنابل الخيرية من الأردن، وأمانة حريات القاهرة "الحزب العربي الناصري"، ومركز التواصل الاجتماعي (أجيال) من بيروت، والمنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان "حقوق"، والبيت الفلسطيني من كندا، والجمعية العربية الكندية، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "فلسطين"، ومؤسسة جفرا – ارغوس- من الدنمارك.

تستعد الحملة لتكثيف الجهــود والأنشــــطة العربية والعالمة المساندة للأطفال الأسرى، وصولاً إلى تتويج هذه الحملة في يـوم الطفـل الفلســطيني في الرابع من أيار 2018، من خلال فعاليات مكثفة في جميع أنحاء العالـم.

وكانت مؤسسات تعنى بشؤون الأسرى، أكدت أن 6742 فلسطينياً اعتقلتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة، خلال العام 2017.

وأوضحت المؤسسات (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز الميزان لحقوق الإنسان)، أن من بين الأسرى(1467 طفلاً، و156 امرأة، وبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى نهاية العام، نحو 6500، منهم نحو 350 طفلاً قاصراً، و58 أسيرة، بينهنّ 9 فتيات قاصرات.

وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، في تقرير لها مطلع العام الجاري، بأن 41 طفلا أصيبوا بشكل مباشر برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، و164 طفلا تعرضوا للضرب والتنكيل الشديدين، وبأن ما نسبته 81% من بينهم تعرضوا للضرب العنيف على منطقة الخاصرة والكلى، سواء خلال الاعتقال أو أثناء النقل بالمركبات العسكرية، وأن 66% من بين هؤلاء تم ضربهم على منطقة الرأس والرقبة، سواء بضربهم بحديد المركبة العسكرية، أو الدوس على الرأس او باللكمات.

وبين محامي نادي الأسير لؤي عكة، أن 178 طفلا قاصرا يقبعون حاليا في معتقل "عوفر"، وأنه أدخل خلال الشهر الأول من العام الجاري، 50 قاصرا، تم اعتقال غالبيتهم من المنازل والطرق، كما أصدرت محكمة "عوفر" العسكرية أحكاما بحق 43 قاصرا خلال الشهر المنصرم، تراوحت بين السجن لمدة شهرين و16 شهرا، فيما صدر أمران بالاعتقال الإداري بحق طفلين، لافتا إلى أن مجمل الغرامات المالية التي فرضت بحق قاصرين خلال الشهر الأول من العام 2018، بلغت 116 ألف شيقل.

نماذج لهمجية الاحتلال في اعتقال الأطفال

وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قد رصدت شهادات لعدد من الأسرى الأطفال، يروون من خلالها ما تعرضوا له من ظروف اعتقال قاسية منذ اللحظات الأولى، مروراً بالإهانة والتنكيل في مراكز التحقيق الإسرائيلية.

وأوضحت الهيئة في تقرير بالأول من شهر شباط الجاري، أن قوات الاحتلال نكلت بالطفل ماهر نصاصرة (17 عاماً) من بلدة بيت فوريك في محافظة نابلس، حيث هاجمه 5 جنود وقاموا بضربه بشكل عنيف بأعقاب بنادقهم على ساقيه، وقاموا بركله ببساطيرهم العسكرية على ظهره، واقتادوه فيما بعد إلى مستوطنة "اريئيل" للتحقيق معه.

كما اعتدى جنود الاحتلال بالضرب المبرح على الأسير القاصر أحمد أبو عايد (16 عاماً) من مخيم جنين أثناء اعتقاله، وتعرض المعتقل نبيل عسعوس (17 عاماً)، للضرب الشديد على مختلف أنحاء جسده وهو مكبّل اليدين ومعصوب العينين، وذلك بعد مداهمة منزله في قرية بورين في نابلس.

وقال الأسير الطفل أيمن أبو عامر (17 عاما) من الخليل، إنه تم اعتقاله بتاريخ 8/1/2018 من منزله في مخيم العروب، وكان يسير على عكازات بسبب إصابة في الساق، إلا أن الجنود أجبروه على السير من دونها حتى نزف جرحه، وحين سقط أخذ الجنود بضربه على مكان الإصابة وكافة أنحاء جسده بالبساطير وأعقاب البنادق، ثم قاموا بجره وسحله في الشارع وهو يصرخ من شدة الألم، وحين أدخل الى مركز توقيف "عتصيون"، قام المحقق بضربه على مكان الإصابة وشتمه بأقذر المسبات.

كما أفاد الطفل محمد كراجة (15 عاما) من صفا بمحافظة رام الله، أنه تعرض للضرب من قبل ثلاثة جنود عند مدخل البلدة حتى فقد وعيه، وقام المحقق بشتمه وصفعه على وجهه خلال التحقيق، وحرمانه من الطعام والشراب وقضاء حاجته لساعات طويلة.

وأوضح الطفل شوكت الشيخ (16 عاما) من العيزرية، أنه تعرض للضرب والتنكيل خلال اعتقاله على طريق أبو ديس من قبل مجموعة مستعربين، حيث قاموا بضربه على خاصرته وكافة أنحاء جسده قبل اقتياده الى مركز تحقيق "عطروت"، حيث تم ضربه وشتمه خلال عملية التحقيق والاستجواب.

وأفاد الأسير القاصر مصطفى بلال القاضي (16 عاما) من سكان الخليل، المعتقل يوم 27/6/2016 بأنه اعتقل الساعة السادسة صباحا وحقق معه في مستوطنة "كريات أربع" في الخليل، وجرى التعامل معه من قبل المحققين بوحشية، حيث قاموا بتوجيه الشتائم القذرة له والصراخ عليه، وأن أحد المحققين قام بضرب رأسه بباب حديدي وبقسوة، ما أدى إلى إصابته بآلام حادة، وقال إنه نقل إلى معسكر عتصيون وحقق معه هناك، وإنه يعاني من مشاكل صحية في الجيوب الأنفية، وخاصة أنه كان قد أجرى ثلاث عمليات جراحية في المستشفى الأهلي بالخليل قبل اعتقاله.

فعاليات تضامنية مع الأسرى الأطفال في الخارج

في الأول من شباط الجاري، نظم اتحاد الجمعيات الفلسطينية في مدينة اورهوس الدنماركية، أمسية تضامنية مع الأسرى الأطفال تحت عنوان "سنظل ننبض"، وفي 26-1-2018 نظمت مؤسسة التضامن الايرلندية مع فلسطين، وقفة رمزية احتجاجية، أمام مبنى البرلمان الايرلندي وسط العاصمة دبلن، لتسليط الضوء على معاناة الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال، ومطالبة الحكومة الايرلندية باتخاذ إجراءات ملموسة لإنهاء معاناتهم. وقام عدد من طلبة الجامعات الايرلندية الذين يدعمون حقوق الأطفال الفلسطينيين، بتجسيد رمزي لعدد من الأسرى الأطفال، وذلك بتعصيب أعينهم وربط معاصمهم بقيود بلاستيكية، كما يفعل جنود الاحتلال بالأطفال الفلسطينيين عند اعتقالهم

وفي الأول من شباط الجاري، احتضنت مدينة "كيب تاون" في جنوب إفريقيا، مؤتمراً صحفياً لفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الفلسطينيين، وطلب المؤتمر من حكومة جنوب إفريقيا العمل والضغط مع المجتمع الدولي على دولة الاحتلال، لإطلاق سراح جميع الأسرى السياسيين، وعلى رأسهم جميع الأطفال الذين تم خطفهم من أحضان عائلاتهم، وذنبهم الوحيد أنهم ترعرعوا في أجواء احتلال عنصري مغتصب لوطنهم.

وفي إطار متصل، ومن سجن النساء الذي يحمل رمزية ثورية للحرية والكرامة للمناضلات اللواتي ناضلن خلال فترة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، احتفلت لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني بمرور 17 عاما على ميلاد الطفلة الأسيرة عهد التميمي، التي زارت جنوب إفريقيا العام الماضي، كما تم عرض الفيلم الذى أعدته مؤسسة شمسان عن عهد التميمي.

وفي 11 شباط، شهدت ساحة الأبرياء في باريس، ،تجمّعا نظمته جمعية "أوروبا – فلسطين"، التي تنشط منذ تأسيسها في دعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل الاستقلال وتأمين حقوقه الشرعية، للمطالبة بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.

وأمام العشرات من الفرنسيين والعرب، أعلنت رئيس الجمعية أوليفيا زيمور، أن سبب نشاط جمعيتها "المطالبة بإطلاق سراح 360 طفلا، أصغرهم في سن الثانية عشرة، يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وأيضا إطلاق سراح نحو 7000 أسير فلسطيني، تعتقلهم السلطات الإسرائيلية، بصفة غير قانونية".

وفي 23 كانون الثاني، نشر أكاديميون وكتاب فرنسيون، رسالة جماعية في صحيفة "لوموند" الفرنسية، موجهة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ركزوا فيها على عهد التميمي، ومحنة حوالي 360 سجيناً من الأطفال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وجاء في البيان المنشور على موقع جريدة الغد الأردنية: إننا نطالب بدعم وتدخل الرئيس لوقف احتجاز الأطفال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ونود بصفة خاصة أن نسترعي الانتباه إلى قضية عهد التميمي؛ الفتاة التي تقاضيها الحكومة الإسرائيلية، ويمكن أن تتسبب التهم الـ12 التي وجهت إليها في لائحة الاتهام، بالحكم عليها بالسجن لمدة 12 عاماً.

"وفقاً للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فرع فلسطين، فإن إسرائيل تجلب ما بين 500 و700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية كل عام، بعضهم لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما، وهي تسجن ما متوسطة 200 طفل في أي فترة معينة.

ووفقاً لتقارير الوكالات الدولية، بما في ذلك "اليونيسيف" و"هيومن رايتس ووتش" و"بتسيلم"، ومنظمة العفو الدولية، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين، فإن ثلاثة من كل أربعة أطفال يتعرضون للعنف أثناء الاعتقال أو الاستجواب".

وكثيراً ما يلقى القبض على الأطفال في غارات ليلية على منازلهم؛ ويتم اقتياد 85 في المائة من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين، معصوبي الأعين، و95 في المائة منهم مكبلي الأيدي. وهم يحرمون من حق الوصول إلى محامين، ويحرمون من حضور والديهم أثناء الاستجواب، ويجبرون على التوقيع على اعترافات. كما يخضعون أيضاً للاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة.

فعاليات تضامنية في المدن الفلسطينية

في طولكرم، وبتاريخ 30-1-2018، تضامن عدد من ذوي الأسرى وممثلي فصائل العمل الوطني والمؤسسات الرسمية والشعبية، مع الأسرى القابعين في سجون الاحتلال، خاصة الأسيرات والأطفال والمرضى، في اعتصام أمام مكتب الصليب الأحمر في المدينة. وفي 9-1-2018 تضامن العشرات من أطفال طولكرم مع الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال، خاصة هشام نعالوة (15 عاما) من ضاحية شويكة، وجعفر عتيق (15 عاما) من مخيم طولكرم، وهما أصغر أسيرين في المحافظة.

وفي مخيم الدهيشة في بيت لحم، نظمت وقفة تضامنية أمام منزل أصغر أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، الطفل عبد الرؤوف أنور البلعاوي البالغ من العمر 13 عاما، والمحكوم بالسجن أربعة أشهر، وذلك بمشاركة أطفال وعائلات أسرى وشهداء أطفال.

وفي الخليل، نظمت منتصف كانون الثاني الماضي، فعالية زراعة أشجار على دوار ابن رشد وسط المدينة، دعما للأطفال الأسرى في سجون الاحتلال.