بيروت ـ فادي سماحه
تجاوز ملف زيارة وزراء لبنانيين إلى سورية، مرة أخرى، الاشتباك السياسي، عملاً بالاتفاقات السابقة بين الأفرقاء السياسيين على تجنب الملفات الخلافية في الحكومة التي لا يزال رئيسها سعد الحريري ملتزماً عدم إدخالها على مجلس الوزراء، ويعتبر أن كل إنسان يتوجه على مسؤوليته وشخصه، واقتصرت الخلافات على اعتبار زيارة الوزراء شخصية أم رسمية، بحسب ما قال وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس الذي انضم إلى وزير الصناعة والزراعة اللذين وصلا إلى دمشق أول من أمس الاربعاء.
ولا يبدو أن تداعيات تلك الزيارات ستصل إلى مجلس الوزراء أو تضعه أمام تحديات التعامل مع نتائجها، بالنظر إلى أن وزيري الصناعة والزراعة اللذين غادرا إلى سورية، لن يعقدا اتفاقيات جديدة، كما قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الشرق الأوسط"، بل سيفعلان اتفاقيات قديمة كما هو مدرج على جدول أعمالهما ولقاءاتهما في دمشق.
ومن شأن عدم توقيع اتفاقيات جديدة، أن ينقذ الحكومة اللبنانية من وضعها أمام اختبار جديد، ذلك أنه من الناحية الدستورية لن تكون الزيارة رسمية إلا إذا كان الوزير حائزاً على موافقة مجلس الوزراء الذي يعطيه الغطاء السياسي، وهو ما لا ينطبق في هذه الحالة، فضلاً عن أن الحكومة لا تعتبر أي قرار أو اتفاق يوقعه أي وزير نافذاً، من غير إقراره في مجلس الوزراء، بحسب القانون اللبناني. وقالت المصادر إن الزيارات ستبحث قضايا مرتبطة بالتجارة بين البلدين، موضحة أن التطورات السورية المتمثلة في الحديث عن قرب إعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي مع الأردن، يستدعي تحركاً لبنانياً للحصول على تراخيص مسبقة للمصدرين اللبنانيين، وتستدعي ترتيبات لإعادة التصدير من لبنان. والتقى وزير الصناعة حسين الحاج حسن، أمس، رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس، الذي قال: إن المتغيرات السياسية تعطي مؤشرات للتكامل الاقتصادي، ومن خلال النقاش الإيجابي والتعاون والحوار نتغلب على التحديات الاقتصادية الكبيرة.
بدوره، اعتبر الوزير الحاج حسن، وهو ممثل "حزب الله" في الحكومة اللبنانية، أن المشاركة اللبنانية في المعرض تجدد تأكيد الموقف اللبناني الطبيعي المساند لسورية. وقال الحاج حسن أن وجودنا اليوم هنا في سورية مع ممثلين للقطاع الخاص، إضافة إلى المشاركة في معرض دمشق الدولي، هو من أجل إجراء محادثات مع الوزراء والمسؤولين السوريين لمعالجة المسائل الاقتصادية بين بلدينا ومن أجل تأمين التجارة المتكافئة. وأضاف: نأمل أن تفتح المعابر الحدودية قريبا بين سورية وكل من العراق والأردن، تمهيدا لتعزيز صادراتنا إلى سوريا ومنها إلى الدول العربية الأخرى.
ويرافق وزيري الزراعة والصناعة، وفد لبناني يضم 14 ممثلا لشركات تشارك في معرض دمشق الدولي الذي افتتح رسمياً أمس. وقالت المصادر لـ"الشرق الأوسط" إن هؤلاء ينقسمون بين فئة من الشركات التي تعرض بضائعها في معرض دمشق الدولي، والثانية تتألف من تجار وصناعيين يبحثون عما إذا كانت هناك فرصة للمشاركة في إعادة الإعمار في سورية.
وفيما تصاعدت الانتقادات السياسية لزيارة الوزيرين، انضم إليهما ممثل تيار «المردة» الذي يتزعمه النائب سليمان فرنجية في الحكومة، وزير النقل يوسف فنيانوس أمس، لحضور معرض دمشق الدولي، وذلك تلبية لدعوة رسمية من وزير الاقتصاد السوري. واعتبر فنيانوس أنه لم يفتعل أي ضجة بخصوص الزيارة لسورية لأنها طبيعية جدا بالنسبة إلي كوزير وبالنسبة إلى تيار المردة. ولفت فنيانوس إلى أنه أبلغ الرئيس الحريري بصفته وزيرا في الحكومة سفره إلى دمشق، معتبرا أن الرئيس الحريري لديه موقف وأنا لدي موقفي، وتفاهمنا على ذلك ولا أريد تحميل الوضع أكثر مما يحتمل.
وعما إذا كانت العلاقات اللبنانية - العربية ستتأثر من جراء هذه الزيارة، أكد فنيانوس أنه على مدى هذه السنوات الطويلة كانت العلاقات قائمة بين الأفرقاء، وإذا كانت بعض الدول العربية تعتبر أن هذه الزيارة تسيء إلى العلاقات فأنا أقول إن رئيس الحكومة غير موافق على هذه الزيارة، أما في حال اتخذت الحكومة مجتمعة قرارا سياسيا بالذهاب إلى سوريا فعندها تستطيع هذه الدول العربية التي لا تعترف بنظام الرئيس السوري بشار الأسد أخذ موقف من لبنان.
في غضون ذلك، توقفت كتلة "المستقبل" أمام تفرد بعض الوزراء في الحكومة اللبنانية بزيارة مسؤولين في النظام السوري بصفة شخصية. وقالت في بيان إن مثل هذه الزيارات وإن تكررت تعتبر زيارات شخصية ولا تتم بصفة رسمية، "لأن لبنان ليس باستطاعته التطبيع مع نظام ارتكب المجازر بحق شعبه وارتكب المؤامرات الإرهابية بحق لبنان". وأعلنت الكتلة أن الحكومة اللبنانية "لم توافق على زيارات رسمية للوزراء إلى النظام السوري وبالتالي فإن الزيارات التي تمت أو ستتم هي على المسؤولية الشخصية لأولئك الوزراء، ولا يمكن أن تكون لها صفة رسمية ملزمة للبنان، وهي بالفعل تستفز أكثرية اللبنانيين وتشكل تلاعبا وتهديدا لانتظام عمل المؤسسات الدستورية اللبنانية".