واشنطن - اليمن اليوم
تعقد نهاية الأسبوع الجاري في ألمانيا قمة G20، وسط توترات شديدة تسود العالم، بسبب خيارات واشنطن السياسية المثيرة للجدل، وتهديد متظاهرين بـ"جحيم" يطوّق زعماء القمة.
نادراً ما تلقى اجتماع دولي بهذا المستوى، كماً من المواضيع الخلافية الساخنة، المطروحة على أجندة قمة مجموعة العشرين، بدءاً من الخلاف حول مكافحة التغير المناخي، والتبادل الحر، مرورا بالأزمة السورية الملتهبة منذ 6 سنوات، والتي ستكون " وجبة دسمة" على جدول أعمال اللقاء الأول بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على خلفية ظروف ضاغطة خلقتها صواريخ كوريا الشمالية وبرامجها النووية، والتوترات الصينية الأمريكية والاحتكاكات بين ألمانيا وتركيا.
ولخص مصدر مطّلع على سير التحضير للقمة، الوضع بالقول "من المؤكد أن قمة مجموعة العشرين المنتظرة لن تكون اعتيادية كسابقاتها" لأنه جرى خلط الأوراق تماماً مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة بأجندة سياسات تختلف جذريا إلى حدّ التناقض مع طموحات وأفكار سلفه باراك أوباما.
فالولايات المتحدة تسير عكس التيار في مواجهة الدول الكبرى الأخرى، مع انسحابها من اتفاق باريس حول المناخ، وتهديدها باتخاذ تدابير حمائية خاصة، وكذلك بتبنيها موقفاً حازما حيال الهجرة.
وأجرى ترامب مساء الاثنين مكالمة هاتفية مع ميركل وعدها خلالها بـ"جعل هذه القمة ناجحة"، بحسب ما أفاد البيت الأبيض.لكن الواقع أنه بمعزل عن مكافحة الإرهاب ،موضع الإجماع، فإن جميع الملفات الأخرى ستكون خلافية ومثار جدل ونقاش.وجعلت الرئاسة الألمانية من المناخ أولويتها، مع ترقب إقرار "خطة عمل" لتطبيق اتفاق باريس حول المناخ عملياً على مستوى مجموعة العشرين، غير أن هذا المشروع قد لا يتحقق الآن.
وأعلنت المستشارة "إننا نعرف مواقف الحكومة الأمريكية ولا أتوقع أن تزول" في هامبورغ.وقال محللو مكتب "أوكسفورد إيكونوميكس" للدراسات إن "الخطر هو أن تؤدي القمة إلى استقطاب بين الولايات المتحدة وباقي العالم حول مواضيع مثل المناخ".وفي ما يتعلق بالتجارة، لوّحت الولايات المتحدة باتخاذ تدابير جمركية بحق الصين على الفولاذ، وبحق ألمانيا على السيارات بصورة خاصة، منددة بصادرات هذين البلدين باعتبارها طائلة ولا تتناسب مع وارداتهما.
أما بالنسبة إلى المساعدة الإنمائية، فإن واشنطن تعتزم التركيز على التمويل الخاص على حساب التمويل العام.وبمعزل عن المواضيع التقليدية التي تلازم عموما اجتماعات مجموعة العشرين، فإن القمة التي اعتذر العاهل السعودي الملك سلمان عن المشاركة فيها، ستجري في ظل عدد كبير من الأزمات، ما بين النزاع في سوريا والتوتر في الخليج وبحر الصين وأزمة كوريا الشمالية.
ومع أن واشنطن تعلن أنها ترغب بإقامة علاقة "بناءة" أكثر مع موسكو، إلا أنها لم تقدم على اتخاذ أي خطوة تساهم في انتشال العلاقات بين البلدين من القاع، بسبب تشديد الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على موسكو لدورها المزعوم في الأزمة الأوكرانية والتوتر حول موضوع سوريا.
والأمر الأكثر إثارة، يتمثل في عقد هذا الاجتماع الثنائي الأول بين الرئيسين، على خلفية التحقيق الجاري في الولايات المتحدة حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، والصلات المزعومة بين حملة ترامب الانتخابية والأوساط المقربة منه وبين موسكو التي تنفي كل ما يقال بهذا الشأن.
كل هذه المواضيع الساخنة ستلقي بظلالها الشاحبة داخل قاعة الاجتماعات .أما خارج أسوار هذه المنطقة الأمنية، فيتوعد آلاف المتظاهرين زعماء G 20 بـ"ـالجحيم"، بحسب الشعار الذي اختاروه لاحتجاجاتهم.
ويتوقع المنظمون مشاركة ما يزيد عن مئة ألف متظاهر بصورة إجمالية خلال عدة أيام، فيما تقدر الشرطة الألمانية أن يشارك بين سبعة وثمانية آلاف محتج من اليسار المتطرف يحتمل أن يقوموا بأعمال عنف، بما في ذلك محتجون قادمون من خارج ألمانيا.
ومعروف عن هامبورغ بأنها تشكل مهدا وميدانا تاريخيا للحركات الاحتجاجية. وتتركز مخاوف الشرطة التي عبأت أكثر من عشرين ألف عنصر، على تظاهرة مقررة الخميس تحت شعار "أهلا بكم في الجحيم"، وهو شعار ينطوي على تهديد وتنديد بأفعال قادة مجموعة العشرين، بحسب ما أوضح أحد منظميها.
وبعيداً عن الضوضاء والصخب، سيواصل مستشارو رؤساء الدول العمل حتى ساعات متأخرة من الليل سعياً لوضع مسودة بيان ختامي ينقذ ماء الوجه.
وقد يكون هذا النص النهائي مقتضباً أو أجوف، خاصة وأن ميركل لفتت في معرض حديثها عن الخلافات المستعرة بين الزعماء، إلى بيانات مجموعة العشرين التي يتم "إقرارها بالإجماع" فقط.