واشنطن - اليمن اليوم
للوهلة الأولى، يبدو المرشح الجمهوري المحتمل دونالد ترامب الأوفر حظا للفوز بترشيح حزبه لانتخابات الرئاسة الأميركية في يوليو المقبل، فاستطلاعات الرأي تمنحه تقدما مريحا على منافسيه.
وسترفع محطة في نيويورك رصيده بلا شك إلى أكثر من 850 مندوبا، ليقترب أكثر من الرقم السحري 1237، الذي يؤهله لخوض انتخابات نوفمبر. لكن ما يقوله الواقع حتى الآن غير ما تقوله الأرقام.
حرب على كل الجبهات
مشكلة ترامب الأساسية ليست مع القاعدة الانتخابية التي تفضله على غيره، وتشكلها في الأغلب شرائح واسعة من الناخبين البيض المنتمين إلى الطبقة الوسطى المحافظة، المحدودين على صعيد المستوى التعليمي، والذين يشعرون أن ما تشهده أميركا من تغييرات في المجتمع والقيم الثقافية والدينية، تدفع بهم يوما بعد يوم إلى الهامش.
لكن المشكلة الحقيقية هي في جبهات الحرب التي فتحها ترامب على الخصوم والأصدقاء معا. فهو يريد بناء جدار على حدود المكسيك، لمنع تسلل من يقول إنهم مجرمون ومروجو مخدرات.
ويقترح أيضا منع دخول المسلمين للولايات المتحدة للحد من خطر التطرف . كما يدعو إلى مراجعة اتفاقية التجارة الحرة، والوقوف في وجه التمدد الاقتصادي للصين، ومعاقبة النساء في حال الإجهاض، وإعادة النظر في الحقوق التي منحتها عدة ولايات للمثليين.
وفوق هذا لم يتوان ترامب عن توجيه الشتائم للمرشح الجمهوري السابق ميت رومني الذي يعاديه، والتشكيك في تضحيات السيناتور جون ماكين، الذي قال إنه ليس بطل حرب، لمجرد أنه سجن في فيتنام.
وآخر فصول حروب ترامب كانت مع قيادة حزبه نفسها، التي اتهمها بالتحايل وتغيير قواعد اللعبة الانتخابية للوقوف في وجه ترشحه للرئاسة.
المرشح والأصدقاء
قبل يومين عقد الرجل اجتماعا في العاصمة واشنطن مع أنصاره من أعضاء الكونغرس لبحث الاستراتيجية التي يجب انتهاجها خلال الأسابيع المقبلة، وأعلن مساعده إيد بروكوفر، خلال الاجتماع، أن ترامب سيتمكن قبل نهاية يونيو من جمع العدد المطلوب من المندوبين لحسم قضية الترشح عن الحزب.
كما أبدى أصدقاؤه النواب ثقة في المرشح المثير للجدل. لكن عدد هؤلاء الذي قرروا دعم ترامب لا يزيد عن ستة من أعضاء مجلس النواب، وعضو واحد لا أكثر من مجلس الشيوخ.
وهذا ما يجعل المراقبين للشأن الداخلي الأميركي يتساءلون عن سبب إحجام القيادات الحزبية والشخصيات العامة المؤثرة عن إعلان ولائها للمرشح الثري، الذي فاز حتى الآن في 21 ولاية، وحصد نصف العدد الممكن من المندوبين، وتؤهله استطلاعات الرأي لأن يتقدم في نيويورك بنحو 30 نقطة من أقرب منافسيه.
ويفسر البعض سبب هذا الإحجام بكون ترامب مرشحا غير تقليدي، لا يلتزم بمعايير وأخلاقيات الخطاب السياسي، ولا يؤتمن عندما يصرح بشيء ونقيضه، ما يجعل ولاء الشخصيات السياسية له ضربا من المغامرة ورهانا غير محسوب العواقب. وذلك خلافا للناخبين الذين قد يغيرون رأيهم فيه من دون أن يلاحقهم حساب أو عقاب.
طريق ملغم
وفي مواجهة هذا الوضع الغامض الذي يحيط بمستقبل نجاح حملته الانتخابية، اختار ترامب أن يعتمد فقط على حدسه وخطابه الشعبوي الذي يصنع الحدث كل مرة، وعلى قاعدة مؤيديه التي قد توصله إلى مؤتمر يوليو، لكن حجمها الانتخابي لن يضمن له الوصول إلى البيت الأبيض.
ولا يزال الرجل مصرا أيضا على الاستثمار في نجوميته التي صنعتها برامجه التلفزيونية قبل بضع سنوات، وفي النجاحات التي حققها كرجل أعمال ذائع الصيت.
لكن هذه النقطة أيضا تثير الجدل، فترامب مصر على التأكيد أن ثروته تتجاوز 9 مليارات دولار أميركي، فيما تذهب كل المراجع الاقتصادية في الولايات المتحدة إلى تحديد حجمها بثلاثة مليارات على أكثر تقدير.
وفي هذه الأجواء المثيرة، تتزايد يوما بعد يوم قاعدة المناوئين للمرشح المشاكس، إلى درجة أن أي حدث انتخابي يقيمه ترامب تقابله مظاهرات واحتجاجات وحضور كثيف لقوات الأمن في الشارع المقابل.
ومن دلائل القلق الذي يثيره ترشح ترامب للانتخابات ما أقدم عليه موظفو فيسبوك، عندما طلبوا قبل أيام من مديرهم مارك زوكربيرغ ما إذا كان يجب أن يحاولوا الوقوف في وجه وصول ترامب إلى رئاسة أميركا.
نقلا عن أ.ب