واشنطن - يوسف مكي
كشف تقرير جديد عن فقدان متطرفي تنظيم "داعش"، قبضتهم على الأراضي وعائدات النفط والضرائب، ويُعتقد أن التنظيم هو أغنى جماعة إرهابية في العالم من خلال استغلال الموارد الطبيعية، ونهب القطع الأثرية عند تقدمهم بسرعة البرق في جميع أنحاء سورية والعراق عام 2014.
وتعرض المدنيون المحاصرون تحت الحكم الوحشي للتنظيم، لفرض الضرائب العقابية والمصادرة والغرامات، ويحصل التنظيم على ملايين الجنيهات كفدية في عمليات الخطف، ووجد بحث من قبل المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي (ICSR) في كينغز كوليدج في لندن، أن مصادر دخل "داعش"، بدأت تجف في ظل فقد مجموعة أراضي والغارات الجوية التي تستهدف الحقول النفطية.
ويصعب تحديد ثروة التنظيم الحقيقية، إلا أن العائدات السنوية بلغت نحو 1.9 بليون دولار عام 2014، وانخفضت إلى 870 مليون دولار العام الماضي، وأعلن بيتر نيومان مدير مركز ICSR أنه في حين لا تزال عملية استغلال الأراضي الشاسعة مربحة لـ"داعش"، إلا أن البيروقراطية تنطوي على نفقات، مضيفًا "الأمر يتطلب إصلاح الطرق، ودفع رواتب المعلمين، مع الحاجة إلى إدارة الخدمات الصحية، وبالتالي يحتاج التنظيم إلى دفع ثمن أشياء لم يكن يدفعها تنظيم القاعدة".
وخلص التقرير إلى عدم وجود أي دليل على شائعات التبرعات من داعمين وحكومات أجنبية، وأصبحت الضرائب مصدر الدخل الرئيسي لـ"داعش"، بعد أن تلاشت قدرة التنظيم على كسب المال من الآثار المنهوبة في المناطق الجديدة التي تسيطر عليها، ولا يزال النفط ثاني أكبر مصدر للمال للتنظيم إلا أن تجارة "داعش"، تراجعت سريعًا منذ بداية الحملة الجوية بواسطة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وهدفت عملية Tidal Wave II التي أطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2015 إلى تدمير نقل النفط، والبنية التحتية لقطع التمويل عن التنظيم، وشهدت العملية قصف آبار النفط والناقلات مرارًا، على الرغم من القلق بشأن العاملين المدنيين.
وأعلنت القيادة المركزية الأميركية، الخميس، عن غارات جوية دمرت ناقلات النفط ومحطات التكرير وفوهات الآبار في معاقل "داعش"، في سورية في مناطق أبو مال ودير الزور، واضطرت التنظيم إلى تخفيض الرواتب والامتيازات للمقاتلين فضلًا عن زيادة الضرائب والرسوم، لتعويض نقص السيولة وفقا لما أوضحته وثائق مسربة من خزانة "بيت مال المسلمين"، وانخفضت الأرباح المقدرة من عمليات السلب والنهب ومصادرة القطع الآثرية من المواقع التاريخية والمنازل المهجورة، عبر الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم.
وأظهرت دعوى فيدرالية رفعت في الولايات المتحدة، لاسترداد 4 تحف أثرية طرحت للبيع من قبل "داعش"، أنها تلقت على الأقل 20% من عائدات القطع المستخرجة من المواقع الأثرية التي تقع تحت سيطرة التنظيم، مع فرض ضريبة على الآثار التي تباع عبر أراضيها فضلًا عن خطف أحد الأطفال لإجبار التجار على الدفع، وضُربت خزائن داعش من خلال قرار الحكومة العراقية، لوقف صرف رواتب موظفي الحكومة الذين يعيشون في أراضيها في أغسطس/ أب 2015، إضافة إلى الجهود المبذولة للحد من التهريب عبر الحدود مع تركيا، والمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في العراق.
وشبه السيد نيومات استراتيجية تمويل داعش بالمخطط الهرمي، وتتطلب توسع مستمر إلا أن هذا التوسع يترنح حاليًا، مضيفًا "يعتمد نموذج الأعمال لديهم على التوسع باستمرار ونهب المناطق التي تصبح جزءًا من الخلافة المزعومة"، وتدرب بريطانيا وحلفاء آخرين آلاف من الجنود لمحاربة داعش على الأرض في العراق، وتدعم تحالف القوى الديمقراطية السورية ذات الأغلبية الكردية عبر الحدود، وأدت العمليات البرية التي تدعمها القوة الجوية الدولية إلى طرد داعش من معاقلها الرئيسية بما في ذلك الفلوجة وتكريت.
ويقاتل المسلحون حاليا للاحتفاظ بالموصل في ظل اقتراب الأعداء من عاصمتهم الفعلية في الرقة، وفقد التنظيم بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي 662% من الأراضي التي استولى عليها في 2014 في العراق و30% في سورية، وفقا لأرقام التحالف، ولم يبق أمامهم سوى عدد قليل من المدنيين والأعمال لفرض الضرائب عليها مع القليل من السيطرة على الموارد الطبيعية.
وحذّر تقرير مركز ICSR من أن الخسائر المادية للتنظيم لا تجعله بالضرورة أقل من حيث خطره دوليًا، وفي ظل التخطيط في سورية لهجوم باريس، الذي نفذته داعش إلا أن هجوم الشاحنة في نيس وغيره من الأعمال الإرهابية، نفذت من قبل أنصار للتنظيم دون أي تكلفة للقادة الجهاديين، وتفضل داعش استخدام مادة (TATP) في العبوات الناسفة حيث يمكن صنعها بأسعار زهيدة من خلال اتباع التعليمات الصادرة في دعاية المجموعة من المنتجات المتاحة قانونيًا، والموجودة في جميع أنحاء العالم.
وأشارت التفجيرات شبه اليومية في بغداد والفظائع التي حدثت في باكستان، فضلًا عن العديد من المؤامرات في أوروبا إلى استمرار قدرة "داعش" على سفط الدماء وتنفيذ المذابح، وأضاف التقرير "ربما لا يكون لانخفاض الإيرادات تأثير مباشر على قدرة الجماعة على تنفيذ الهجمات الإرهابية خارج أراضيها، إلا أن الأضرار المالية تضغط على التنظيم وعلى مشرع بناء الدولة، وتستمر الحاجة إلى جهود واسعة النطاق، لإلحاق الهزيمة بالتنظيم في نهاية المطاف".