الرياض _ اليمن اليوم
تعنى رؤية "السعودية "2030"، بتحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد يعتمد بشكل كبير على النفط، إلى اقتصاد يتسم بتنوع في مصادر الدخل الاقتصادي، ويعد التركيز على "دور المرأة السعودية" واحدًا من البرامج والإصلاحات الرئيسية التي تبنتها رؤية 2030، فيما تتضمن الرؤية أهدافا وسياسات تتناول الجهود المبذولة لتعزيز التحسينات الطموحة في وضع المرأة السعودية وتمكينها من المشاركة في التنمية الاقتصادية المنشودة.
المملكة العربية السعودية هي دولة نامية، وقد اعتمدت لفترة طويلة على القوى العاملة من الرجال، لتحقيق أهدافها التنموية على مدى الـ50 عاما الماضية، ومع بشائر رؤية 2030 التي تطرح نهجا جديدا لتمكين المرأة السعودية من المساهمة في التنمية الاقتصادية، ولا يخفى على الكثير أن اقتصاد المملكة العربية السعودية، يعتمد بشكل كبير على عوائد بيع النفط الخام، ونتج عن ذلك هيمنة قوية للقطاعات الحكومية على الأنشطة الرئيسية.
وتمتلك السعودية ما يقارب 18 في المائة من احتياطات النفط العالمية المثبتة، وأكبر مصدر للبترول في العالم، وحاليا يخضع الاقتصاد السعودي لعملية تحول واسعة النطاق التي من شأنها تعزيز النمو للاقتصاد السعودي، وتمثل المرأة السعودية ثروة من الإمكانات غير المُستغلة للاقتصاد، والكثير منهن لم ينضموا بعد إلى قوة العمل، على الرغم من كونهن متعلميات ومتحمسيات للغاية، ومن بين 13،5 مليون امرأة في البلد، هناك 9،1 مليون امرأة في سن العمل، مع ذلك، شارك 20،2 في المائة منهم فقط في القوى العاملة في عام 2015، مقارنة بنسبة 77،8 في المائة من الرجال، فالمملكة العربية السعودية لديها أكبر اختلال في التوازن بين الجنسين في المشاركة في قوة العمل بين دول مجموعة العشرين (تقرير سوق العمل السعودي 2016).
ويواجه الرجال والنساء أجورًا ومستويات مختلفة من المشاركة في القوى العاملة والعمالة، ويميلون إلى التركيز في مختلف الصناعات والمهن، وعلى الرغم من التحسن الأخير، فإن مشاركة المرأة في القوى العاملة في المملكة العربية السعودية تظل منخفضة للغاية، ورغم الزيادات في المشاركة فقد حدث تفاقم في البطالة بين الإناث حيث إن توافر الوظائف قد فشل في مواكبة ارتفاع معدل البطالة، وتبقى النساء السعوديات اللواتي يجدن عملا موجودات في مجالات قليلة جدا وفق تقرير نشرته "وكالة أخبار المرأة".
إن المملكة العربية السعودية على عتبة التحول الاقتصادي الذي سيفتح الإمكانات الكاملة لمزاياها التنافسية، ومع خطة رؤية 2030 عام 2016، تسارعت الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة في السعودية، وتركز هذه المبادرة الطموحة، على تنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية بما يتجاوز النفط والغاز، وتشجيع القطاع الخاص ومشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة، وخلق فرص عمل لشبابها الكبير، حيث إن ما يقرب من 70 في المائة من مواطنيها هم دون سن الثلاثين، وفقًا لرؤية 2030، في السعودية فرص اقتصادية هائلة غير مستغلة ومزيج غني من الموارد الطبيعية، لكن ثروتنا الحقيقية تكمن في شعبنا ومجتمعنا، وليس هناك شك في أن المرأة ستلعب دورًا محوريًا في المساعدة لفتح هذه الإمكانية الهائلة، لدى البلاد خريطة طريق واضحة لتحقيق أهدافها وخلق مستقبل مستدام للمملكة العربية السعودية، إن النظرة الاقتصادية الجديدة للمملكة العربية السعودية، والتي تنطوي على أن تصبح السعودية أقل اعتمادًا على عوائد النفط فـ"نحن لا نعتمد فقط على النفط لسد احتياجاتنا من الطاقة" وهذه الإشارة من رأس الدولة والإرادة السياسية، تبين الدعوة إلى تشجيع المرأة السعودية على أن تكون ضمن مكونات القوى العاملة ومساواتها بالرجل في الفرص الاقتصادية.
تمكين المرأة السعودية في سياق رؤية 2030
تعد رؤية السعودية 2030 ذات الوجه الاقتصادي، فرصة عظيمة لتمكين المرأة السعودية من خلال التعليم وبناء القدرات وتوفير البيئة الممكنة لها، إن النهج الجديد في رؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، وبرنامج التوازن المالي، حيث يتم التشديد على أهمية المشاركة الكاملة للمرأة السعودية في سوق العمل، ووفقا للإحصاءات الرسمية فإن عدد النساء العاملات في القطاع الخاص يعد رقما متدنيا جدا مقارنة مع المستويات العالمية للقوى النسوية العاملة في القطاع الخاص، أما البرنامج الوطني التحولي 2020، فيحتوي على 36 هدفًا استراتيجيًا تدعم التمكين والاستقلال والاعتماد على الذات لدى المرأة السعودية… "المرأة السعودية هي عنصر مهم في قوتنا، سنواصل تطوير المواهب واستثمار طاقاتهم لتمكينهم من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلهم والمساهمة في تطوير مجتمعنا واقتصادنا".
وذكر في نص رؤية 2030 "السعي إلى زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 في المائة إلى 30 في المائة في 2030، مما سيسهم في زيادة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي"، والعملل على تخفيض إجمالي البطالة من 12،7 في المائة إلى 7 في المائة، ومن المؤكد أن الإصلاحات الاقتصادية الجديدة في السعودية ستكون "قوة دافعة" وأساسية لتحقيق التحول الاقتصادي المأمول، وتسعى السعودية من خلال برنامج التحول الوطني إلى تعزيز دور القطاع الخاص، بما في ذلك الشراكات مع القطاع العام وتعظيم المحتوى المحلي مما سيساهم في خلق فرص وظيفية للرجال والنساء على حد سواء.
أهمية التعليم في تمكين المرأة السعودية
يلعب التعليم دورا مهما في التمكين للمرأة السعودية ويشمل ذلك كلا من: التمكين الفكري والاقتصادي على حدا سواء، إن تعليم المرأة السعودية يساهم في بناء الأسرة وتحقيق النمو الاقتصادي، وتقود خطة رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030، إلى دعم المرأة السعودية في مجالات تعليمية حديثة لمواكبة التطور التكنولوجي المتسارع، إضافة إلى اعترافها بإمكانيات المرأة السعودية لتعزيز القوى العاملة المحلية، وتهدف رؤية 2030 إلى تعزيز بيئة تعليمية للمرأة السعودية بحيث تتوافق مع متطلبات سوق العمل المتطور، حتى يتسنى للمرأة السعودية أن تكون شريكا في النجاح الاقتصادي للمملكة العربية السعودية، وتحصل الكثير من النساء السعوديات على درجات علمية متقدمة، سواء في التعليم الجامعي المحلي أو في دول الابتعاث في دول العالم المتقدمة.
دور السياسات في دعم التمكين الاقتصادي للمرأة
للسياسات دور كبير في تشجيع النساء على المشاركة في الأنشطة الاقتصادية والاندماج في سوق العمل، بمعنى أن تركز السياسات المعنية بتمكين المرأة على الاستثمار أولا في تعليم المرأة النوعي وخصوصا المعتمد على منهج (الستم) المعني بالتركيز على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، لدعم التطوير التكنولوجي والإبداع، وهناك عدد من أدوات السياسة والإجراءات والحوافز لتحسين وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الأسواق، بما في ذلك سيدات الأعمال، على سبيل المثال، مساعدة رائدات الأعمال في تحديد واستغلال أسواق جديدة سواء المحلية أو العالمية، وتهتم رؤية 2030 بالتركيز على تقوية المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال باعتبارها مكونًا مهمًا يعتمد عليه التوجه الاقتصادي الجديد المعتمد على التطوير والابتكار.
المرأة السعودية وحرية التنقل
صدر المرسوم الملكي التاريخي في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله، في سبتمبر (أيلول) 2017، بتمكين المرأة السعودية من قيادة السيارة، وفي 24 من شهر يونيو (حزيران) 2018، بدأت المرأة السعودية في ممارسة حقها في حرية التنقل وقيادة السيارة، إن السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة في حد ذاته ليس فقط تغييرا رمزيا وإنما يهدف إلى تقليص الفجوة بين الجنسين في الحصول على الفرص الاقتصادية المتساوية، وبالتالي زيادة أعداد القوى العاملة النسوية وزيادة الإنتاجية المرتبطة بالأعمال، كما أن 34 في المائة من النساء السعوديات اللاتي يرغبن في العمل عاطلات، وإن 86 في المائة من الذين يتلقون إعانات البطالة هن من النساء، إن قيادة المرأة للسيارة هي إزالة كافة الحواجز التي تمنع المرأة السعودية من أن تبرز ذاتها في النهضة الاقتصادية.
وستتمكن المرأة في السعودية من الوصول إلى عملها بنفسها، إضافة إلى توفير الأعباء المالية التي كانت تدفعها لاستقدام سائق خاص، وبحسب الإحصاءات فإن نحو 1،3 مليون سائق أجنبي عملوا كسائقين خاصين في عام 2017! وبالتالي استنزاف مالي هائل، من خلال التحويلات المالية التي تصل إلى أربع مليارات دولار تضيع على الاقتصاد السعودي في دعم الخدمات والصناعة.
المرأة السعودية قوة عاملة واعدة
حاليا، تشكل النساء في السعودية نحو 20 في المائة فقط من القوى العاملة، وتهدف رؤية السعودية 2030 إلى زيادة هذه النسبة من 22 في المائة إلى 30 في المائة وتتخذ الحكومة السعودية خطوات واضحة وجريئة لتحقيق هذا الهدف، سوف تسمح القوانين الجديدة في السعودية، للنساء بالبدء في أعمالهن الخاصة، والسماح للنساء بقيادة السيارة في وقت لاحق من هذا العام، وفي عام 2016 كان عدد النساء السعوديات اللاتي تخرجن من الجامعة نحو 105494 خريجة، مقابل 98210 خريجين! ومع ذلك فإن زيادة عدد الخريجات ترجم إلى زيادة في عدد العاطلات عن العمل،
وللقطاع الخاص دور مهم في خلق فرص العمل للمرأة السعودية وتعزيز مشاركتها الاقتصادية، وذلك من خلال استيعاب العدد الكبير والمتزايد من السعوديات في سوق العمل، بحيث تبرز ضرورة تحسين فرص تنظيم الأعمال وذلك من خلال إزالة الحواجز القائمة على أساس الجنس (ذكر أو أنثى)، ومن المأمول أن تلعب المرأة السعودية دورا هاما في إنعاش قطاع الأعمال والاستثمار وإدارة الأنشطة الاقتصادية المختلفة،
الأهداف الإنمائية المستدامة للأمم المتحدة وتمكين المرأة
تبنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومن بينها المملكة العربية السعودية، أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ومن بينها الهدف الخامس (تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات)، والذي يعنى بإنهاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة والفتاة، وهو ليس مجرد حق أساسي من حقوق الإنسان، بل إنه ضروري أيضا للتعجيل بالتنمية المستدامة، ولقد ثبت مرارًا وتكرارًا أن تمكين النساء والفتيات له تأثير مضاعف، ويساعد على زيادة النمو الاقتصادي والتنمية في جميع المجالات، وكخطوة هامة فإن خطة 2030، تقر بضرورة ضمان تمكين الفرص الاقتصادية للقوى العاملة النسوية، وما يترتب على ذلك من ضرورة القضاء على القوانين والسياسات والممارسات التمييزية على أساس الجنس (ذكر أو أنثى) وتشجيع التشريعات والسياسات والإجراءات المناسبة لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.