صنعاء - اليمن اليوم
منذ اندلاع الحرب في اليمن، تفاقمت المعاناة، وارتفعت وتيرة الانتهاكات التي يتكبدها المجتمع، لا سيما أن الأحداث تتجه إلى دخول الأزمة اليمنية طي النسيان، بعد أن أغلق العالم أذنيه عن سماع أنين الضحايا والمكلومين.النساء اليمنيات هن أكثر الفئات ضررًا ومعاناة، وعلى الرغم من ذلك تجاوزن حائط العزلة رغم تعقيدات الوضع الذي يعملن فيه، وواصلن بجهودهن كسر حاجز الصمت. برزت نماذج مشرقة لفتت انتباه العالم إلى قدرات النساء اليمنيات بحضورهن الفاعل الذي أفسح لهن المجال للمنافسة بقوة في محافل التكريم الدولية وفي الصفوف المتقدمة لقائدات التغيير وصانعات السلام.
انعكس ذلك النجاح بأثر إيجابي على خدمة قضايا المرأة، وأوسع من ذلك أثره في إطار النضال لخدمة السلام الاجتماعي عموما، بوصف النساء الأكثر قدرة على صناعة السلم، وعلى إحداث التوازنات التي تدفع باتجاه البناء والتنمية.
من إضاءات وِإشراقات ذلك النجاح، ومن آثاره الإيجابية لتحفيز النساء على التنافس والإبداع، نسلط الضوء على تجارب رائدة، ونماذج جديرة بالوقوف أمام كفاحها ونضالها. إنها قصص نجاح لشخصيات نسوية برزن على الصعيدين المحلي والدولي، ورفعن مكانة اليمن عاليًا في كل محفل مثّلن بلادهن فيه، وهي نماذج بسيطة من عشرات النماذج المميزة التي لا يتسع المجال لسرد قصصهن المشرفة، فضلًا عن أضعاف ذلك من الرائدات الجديرات باستحقاق الاحتفاء، ممن أعاقتهن الظروف عن الوصول إلى المستوى الذي يجب أن يصلن إليه.
يُعدّ مجال الدفاع عن الحقوق والحريات في اليمن أحد المجالات المحفوفة بالمخاطر والتحديات، ولا يقتصر ذلك على النساء وحدهن، بل يعمّ الرجال والنساء معًا، وإن كان أكثر تعقيدًا وتحديًا أمام المرأة التي قادتها قدماها إلى هذا الطريق استجابة لدافع ذاتي للانتصار لأنين الضحايا والمكلومين.
هدى الصراري نضال يتحدى العوائق
المحامية هدى الصراري، رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات، من النماذج التي حصدت جوائز دولية قيمة، جديرة بالوقوف على قصة نجاحها، وقراءة أثر ذلك النجاح مجتمعيًا.
حصلت الصراري على جائزة الاورورا والمعروفة أيضاً باسم “جائزة نوبل لحقوق الإنسان” في 2019 للتعبير عن الامتنان للمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم، وجائزة مارتن إينالز لعام 2020 التي تمنح أيضًا للمدافعين عن حقوق الانسان في سويسرا.
حينما خفتت أصوات كثيرة، كان صوت الصراري عاليًا صدّاحًا بالحقيقة، وقد أزعجت كثيرا من الطغاة وأعوانهم، منطلقة في ذلك من قيمها الوطنية ومبادئها الإنسانية، التي لا تتزعزع أمام أي عوائق أو إغراءات، لذلك عملت بكل حيادية في سبيل نصرة المظلومين والضحايا.
وتؤكد المحامية الصراري قائلة: “المرأة اليمنية تتميز بالإيجابية حتى في أحلك الظروف التي مرت بها البلاد، وقد نال عدد من النساء البارزات في المجال الإنساني والسياسي جوائز عالمية وكُرّمن في المحافل الدولية في مختلف المجالات، وقد كان لي الشرف أن أكون إحدى هؤلاء النساء في تمثيل بلدي في المحافل الدولية، ورفع اسمه عاليا”، وتعدّ الصراري هذا التكريم انتصارًا لحقوق الضحايا، وإيصالا لأصواتهم إلى العالم، وتجسيدًا لواقع المعاناة التي يعيشها أهاليهم.
ولدت المحامية هدى الصراري في محافظة عدن، واستكملت تعليمها في مدارس عدن، ثم التحقت بكلية الشريعة -جامعة صنعاء، وحصلت على الليسانس في الشريعة والقانون عام 2002. استمرت في تطوير مهاراتها في مجال عملها، وفي مجال قضايا المرأة، وخدمة قضايا المجتمع بشكل عام، وتشغل حاليًا وظيفة مدير عام إدارة المرأة والطفل بوزارة العدل.
أكسبها عملها الحقوقي التوعوي والميداني والمرافعة والمدافعة عن قضايا حقوق الإنسان صلابة وتعزيزًا، وجعلها تستمر ماضية في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، ومناصرة المظلومين والضحايا، وتتغلب على الصعوبات والمعوقات التي تحاول عرقلة مسيرتها في كشف الحقيقة.
تؤكّد الصراري أن القيمة المعنوية للجائزتين كانت هامة على مستواها الشخصي، وتأثيرها المجتمعي، فتقول: “كانت قيمة الجائزتين كبيرة، فقد أسهمتا في تعزيز الإصرار لديّ لمواصلة الدفاع عن حقوق الانسان، وكانتا أيضًا دافعًا في توسيع نطاق عملي، والتواصل مع الجهات الدولية وطرح حقيقة ملف حقوق الإنسان في اليمن أمام المنظمات والجهات الدولية المعنية بالملف الإنساني والحقوقي، ومن جهة أخرى كانت الجائزتان اعترافا دوليا بكل العمل الذي قمتُ بتوثيقه ورصده لإيصال صوت الضحايا إلى كل العالم وتسليط الضوء على الانتهاكات والجرائم التي تحدث في اليمن”.
تشير المحامية الصراري إلى المخاطر التي واجهتها في مجال عملها، فتقول: “تعرضتُ لكثير من التهديدات والتشويه وما زلت، ومن ذلك تهديدات في وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب تكذيبي وتخويني ووضعي في إطار سياسي معارض لكلّ من رُصدت انتهاكاتهم وجرائمهم، لكن بالإرادة والايمان والعمل المتواصل في الرصد والتوثيق وإيصال صوت الضحايا إلى المنظمات الدولية والتنسيق للقاء بهم والسماع منهم وطرح الانتهاكات بصورتها المجردة والموضوعية -استطعت أن أثبت الحقيقة، وساعدني في ذلك الإرادة الصلبة لأمهات الضحايا اللواتي كنت أستمد عزيمتي منهن”.
وتشرح الصراري: “حاولوا كثيرًا التطرّق لحياتي الشخصية ومهاجمتي من خلالها، وإشاعة الأخبار الكاذبة عني، واتهامي بمختلف التهم لثنيي عن مواصلة جهودي، يُضاف إلى ذلك أننا في مجتمع ذكوري تحكمه عادات وتقاليد بالية. كنت أواجه تحديات مع عائلتي خوفًا على سلامتي، خصوصا أن الاختلال الأمني وانتشار المليشيات المسلحة وغياب مؤسسات إنفاذ القانون في عدن كانت هي الواجهة الحاكمة للوضع وما زالت، فلا دولة تحميك، ولا قانون سيدفع عنك الظلم، ويزيد الطين بلة انصراف المؤسسات المدنية عن دورها واقتصارها في أعمال إنسانية واغاثية لانتشال الوضع الإنساني السيئ الذي كانت تعانيه مدينة عدن”.
وتتحدث عن العوائق التي واجهتها في مجال عملها قائلة: “كنتُ أعمل راصدة في اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان وكان مقرها عدن. حاولت من خلال عملي استمالة اللجنة للعمل في ملف الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري، لكن للأسف واجهت رفضا تاما، كما واجهت عوائق منعتني حتى من التقاء الضحايا وأهاليهم في مقرّ اللجنة للاستماع إلى شكواهم ورصد تظلماتهم والانتهاكات التي لحقت بهم، فكنت ألتقي بهم سرًا أو أذهب إلى منازلهم، وساعدني في ذلك أهالي وأسر الضحايا وأمهاتهم، وكذلك زملاء من المحاميين كنت أشكّل معهم فريقَ عمل في البداية”.
الجوائز الدولية ليست حصانة
تتابع الصراري: “في الحقيقة كنت أظن أن الجوائز العالمية ستكون حصانة تحمي المدافعين عن حقوق الإنسان في بلدانهم، لكن الأمر في اليمن مختلف تمامًا، فضعف الدولة ومؤسساتها القانونية يجعل المدافع عن حقوق الإنسان خصما أمام الأطراف المنتهكة، فبالرغم من الصدى الكبير للجائزتين، لم أتمكن من العودة إلى مدينتي عدن بسبب التهديدات التي تلاحقني، لكنني لم أتوقف يوما عن العمل والرصد والتوثيق ومتابعة منهجية للانتهاكات، لا في عدن وحدها بل في عموم اليمن، وقد سخّرت كل ما لديّ من إمكانات وفرص لإظهار الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها الأطراف التي ترتكبها بكل موضوعية وحياد”.
أما عن قضايا المرأة في اليمن، فيمثل هذا الملف بالنسبة للمحامية الصراري أولوية، خصوصًا في ظلّ الانتهاكات التي تعاني منها المرأة اليمنية. تقول: “أحاول جاهدة أن أعطي هذا الملف كل جهدي نتيجة للانتهاكات والجرائم التي تعرضت لها النساء بشكل مُمنهج، وأعمل من خلال منصبي مديرا عاما للمرأة والطفل في وزارة العدل على توفير الحماية القانونية للنساء ورصد الانتهاكات التي يتعرضن لها، بالإضافة إلى رصد وتوثيق الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة في مختلف مناطق اليمن والتي أتت على ذكرها في تقارير دولية كثيرة”.
وتضيف: “خلال رحلتي إلى سويسرا وألمانيا طرحتُ كثيرا من القضايا أمام مفوضية حقوق الإنسان والمنظمات الدولية والمقررين لطبيعة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في الحرب، أو من خلال الأنشطة واللقاءات التي أقوم بها في أحيانٍ كثيرة تتعلق بالنساء وحقّهن في الوصول إلى مواقع صنع القرار وتمثيلهن في جولات المفاوضات وصناعة السلام”.
تؤكّد الصراري أنها تستمدّ عزيمتها وإرادتها وتميزها من النماذج النسوية المميزة. وتقول: “أتمنى أن أكون أيضا بدوري عاملا محفزا لكثير من النساء في جيلي، ليكنّ متميزات ومبدعات، وعلى كل جيل أن يسلم الراية للجيل الذي يليه. هذا واجب وطني نحمله على عاتقنا، كذلك مناصرة قضايا النساء في اليمن والمطالبة بحقوقهن في المواثيق الدولية والدستور اليمني، فقد أثبتت المرأة اليمنية جدارتها في كل الميادين، ومن حقها المشاركة في صنع مستقبل اليمن، وأن يكون لها دور تعزّزه التشريعات القانونية للوقوف على قاعدة صلبة للمطالبة بحقوقها”.
وتختتم الصراري حديثها بالتأكيد على أن ما تقوم به من جهود ينطلق من إيمانها بمبادئ حقوق الإنسان وبالحماية التي يجب أن يتحصل عليها الإنسان من منطلق إنسانيته، فالناس جميعا ولدوا أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهي مطالب أخلاقية مكفولة لجميع الأفراد بموجب إنسانيتهم بحد ذاتها، وحقوق الإنسان حق أصيل لكل إنسان بوصفه إنسانًا.. معتبرة أن الإيمان بهذه القضية المشروعة يُسهم في تقوية عزيمة المدافعين عن حقوق الإنسان، ويكسبهم صلابة في تحدي العوائق وتجاوز الصعوبات مهما عظمت، وأن الانتصار الكبير الذي يسعون إليه هو تحقيق إنصاف المظلومين وإرساء أسس العدالة والكرامة والحرية والمساواة.
النساء ومحطات النضال
استطاعت النساء اليمنيات أن يثبتن نضجهن ووعيهن السياسي وقدراتهن القيادية، وكان حضورهن الكبير في مختلف مراحل النضال له بصمته وإسهاماته الفاعلة، ولم يقتصر ذلك على ما يتعلق بقضايا المرأة وحقوقها، بل شمل خدمة جميع القضايا الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
من تلك المحطات المهمة ثورة 11 فبراير 2011م التي برزت فيها أصوات النساء وأفعالهن الحضارية، وفرضن فيها ذواتهن، وغيّرن عادات وتقاليد مجتمعية باتجاه إرساء المشاركة الفاعلة للمرأة، بالطرق والوسائل المدنية، مثل المشاركة في المسيرات أو الفعاليات الجماهيرية، والتصدي لقمع أجهزة النظام وأدواته.
أصوات كثيرة تردد صدى هتافها بحماس في أرجاء الوطن، سواء أكُنّ ناشطات قديمات أم ناشئات، وبينهن شابات كثيرات، سطّرن تاريخًا نضاليًا في التغيير، ولا يتسع المجال لسرد أسماء كل الفاعلات من مختلف التيارات والأحزاب والمكونات ومن المستقلات، فلكل اسم قصته البارزة المشرفة في سجل النضال. وبين تلك النساء اللاتي برزن بقوة، نسلّط الضوء على واحدة من النماذج الرائدة التي حظيت بتكريم واحتفاء في محافل متعددة، وحصدت جوائز هامة، وكان لقصة نجاحها أثره الإيجابي لتحفيز النساء اليمنيات على النجاح والتميز.
بشرى المَقْطري من رائدات التغيير
الكاتبة الصحافية والروائية والمدافعة عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير بشرى المقطري يقترن اسمها بكثير من الإنجازات، وكثير من الإجلال والتقدير والحب المجتمعي؛ فحيثما يتجه بك المشهد في مسيرة هذه الناشطة إعلاميًا وسياسيًا وحقوقيًا تجد تميزًا وعطاء استثنائيًا، وهي جديرة بالوقوف على محطات سيرتها الزاخرة ومسيرتها النضالية.
ولدت بشرى في مديرية المَقاطِرة في محافظة تعز في أسرة صغيرة، وعاشت جميع مراحل الطفولة والمدرسة قبل أن تلتحق بالجامعة لتتخرج منها حاصله على ليسانس في التاريخ. اشتهرت الناشطة المقطري بدفاعها عن الحقوق والحريات ونضالها في التغيير ومناهضة الظلم والاستبداد، وكانت من أبرز الناشطات في الثورة اليمنية 11 فبراير 2011.
والمقطري عضو مجلس تنفيذي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وقد حازت على عدد من الجوائز المحلية والعالمية، ومنها جوائز في مسابقة الإبداع الثقافي للجامعات العربية في ملتقى بجامعة السويس عام
2000، وجائزة “فرانسواز جيرو” للدفاع عن الحقوق والحريات من باريس، وقد فازت بها في
يناير
2013 لكتابتها التي تحث على التسامح السياسي والتعاون المجتمعي، وجائزة “قادة من أجل الديمقراطية” من
واشنطن للمدافعين عن الديمقراطية والحريات و
حقوق المرأة في الشرق الأوسط، وقد فازت بها في
أبريل
2013، وحصلت أيضًا في 2017 على جائزة “حسين العودات للصحافة العربية” مناصفة مع ماهر مسعود، وهي جائزة تتبع مركز حرمون للدراسات المعاصرة، ومنحت جائزة “بالم” الألمانية لحرية الرأي في 2020، مناصفة مع الكاتب الصيني غوي مينهاي، وهي جائزة تمنحها سنويًا مؤسسة خاصة في مدينة شوندورف بنورنبرغ، وأعلن فوزها بالجائزة بتاريخ 16 مايو 2020، وفي الأسبوع الأول من شهر يونيو من العام نفسه.
صدرت الترجمة الألمانية لكتابها الأخير “ماذا تركت وراءك؟ أصوات من بلاد الحرب المنسية” الصادر في نسخته العربية عن دار رياض الريس عام 2018، وكان قد صدر لها قبل كتابها الأخير “رواية خلف الشمس”، المركز الثقافي بيروت عام 2012، وكتاب “جنوب اليمن في حكم اليسار” بالاشتراك مع المفكر اللبناني فواز طرابلسي، دار الريس، 2015.
في حديثها عن هذه الجوائز وقيمتها المعنوية، تقول بشرى: “تمثل هذه الجوائز أهمية كبيرة بقيمتها المعنوية، وتعزّز العمل في الدفاع عن الحقوق والحريات، وعلى الرغم من أن الكتاب اليمنيين بعيدون عن دائرة الضوء، كنت محظوظة بهذا التكريم، ومع ذلك يهمني أن أؤكد على أن هذه الجوائز ليست معيارًا في أهمية الكاتب وجودة أعماله وحضوره في السياق الوطني، وهو ما قد ذكرته في مقابلات صحفية كثيرة”.
مواقف الكاتب رأس ماله
تحكي المقطري في شأن الكتاب ومواقفه الوطنية قائلة: “بلادنا تمتاز بقدرات هائلة، وفي مجال الكتابة هناك كثير من المبدعين المخلصين لقيمهم الإنسانية والوطنية لم ينالوا حظهم في الحصول على جوائز، ولم تتح لهم الفرص في هذا الجانب، وهذا ليس نقصا في حقهم، أو رداءة فيما يقدمونه، فالأهم من الجوائز بالنسبة للكاتب مواقفه التي تعدّ رأس ماله”.
وتتابع: “تبعات الحرب القاسية، ومشاهد الدمار والموت، وحصار الإنسان من العيش في حياة طبيعية، دفعتني نحو المقاومة بالكتابة لتوثيق ضحايا الحرب، وقد حقّق هذا العمل أثرًا إيجابيًا على مستوى المجتمع، وإيصال أصوات الضحايا إلى العالم بطريقة سردية أدبية”.
قطع تذكرة للموت
لم تتمكن الناشطة بشرى المقطري من حضور حفل جائزة “يوهان فيليب بالم” لحرية الصحافة والتعبير- ألمانيا، بسبب جائحة كوفيد-19، وقد أقيم الحفل افتراضيا، لكنها تمكنت من إيصال رسالتها المعبرة من خلال خطابها الذي تداولته معظم وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. عبرت المقطري عن القيمة الفعلية للحصول على الجائزة، من خلال نقلها لواقع المعاناة التي تشهدها اليمن بتجرد وحياد وبمهنية وموضوعية. وجاء في سياق حديثها عن التحديات والصعوبات التي تواجهها وحجم معاناة الصحفيين أن الكتابة التي تستهدف كشف جرائم أطراف الحرب هي مثل “قطع تذكرة للموت”، وعندما يستمرّ كثير من الكتاب والصحفيين اليمنيين في كشف جرائم الحرب، تكون النجاة مسألة حظّ لا أكثر في ظلّ بيئة غير آمنة لليمنيين عمومًا وللكتاب والصحفيين خصوصا.
وتقول: “هناك طبقات أخرى يتحرّك على وفقها الكتاب والصحفيين الذين يعيشون في اليمن، منها الوضع الإنساني القاهر الذي يعاني منه اليمنيون؛ اذ إن كلمة “مجاعة” تظلّ كلمة لا معنى لها، ولا تعكس ما يعانيه اليمنيون”.
وتضيف: “مسؤولية الكاتب في بلدان الحروب أن يبقى شاهدًا على ما يحدث في واقعه، وأن يؤرخ للفظاعة والرعب والموت وسردية الحياة اليومية في ظل الحرب بكل قهرها وبشاعتها، ويحاول أن يكتب ما يراه لكي تصل أصوات المواطنين البسطاء الذين تجاهلتهم أطراف الصراع والقوى الدولية إلى العالم”. تدعو المقطري الصحفيين إلى رفع أصواتهم لوقف الحرب في اليمن، ففي كل دقيقة تمر يموت اليمنيون بالقتل والجوع والاغتيالات والانفلات الأمني والكراهية ودورات العنف المتعاقبة.
على صعيد آخر عُرفت المقطري بمناهضتها للتطرّف الديني في اليمن، وتعرّضت نتيجة لمنشوراتها لحملات التكفير والتشويه والعنف النفسي والتهديد بالقتل، كما تعرض منزلها لإطلاق النار أكثر من مرة. تؤكد أن هذه التحديات مثلت بالنسبة لها عوامل قوة لمواصلة مسيرتها النضالية والوقوف إلى جانب الضحايا والتعبير عن همومهم مهما كان الثمن.
وحول استثمار نجاحات النماذج المشرفة من النساء اليمنيات اللاتي رفعن اسم بلدهن عاليًا في المحافل الدولية، تشير الكاتبة والصحفية بشرى المقطري إلى ضرورة تحفيز كل المبادرات التي تعزّز التنافس والإبداع، خصوصًا لدى النساء اللواتي لا حظّ لهن في البروز في وسائل الإعلام، كما تؤكد ضرورة دعم وتحفيز نجاحات المرأة الريفية، وكل نضالٍ يُسهم في تعزيز وتنمية قيم الحرية والكرامة والعدالة ويدافع عن الحقوق المكفولة.
قد يهمك ايضا:
استمرار التصعيد الحوثي وارتكاب عشرات الانتهاكات ضد النساء اليمنيات
النساء اليمنيات في مرمى آلة العنف الحوثية على مدى أربعة أعوام من الانقلاب