واشنطن ـ يوسف مكي
تعدُّ مشكلة الرئيس الفنزويلي المؤقت خوان خوايدو وداعميه الأجانب، هي كيفية تحويل الدعم الخارجي له إلى قوة حقيقة داخل السلطة. وحتى الآن لا يبدو واضحا كيف ستحوِّل الإدارة الأميركية نواياها تجاه تغيير النظام في فنزويلا، بعد يوم من اتخاذ الرئيس دونالد ترامب ، خطوة جريئة للاعتراف بزعيم المعارضة الفنزويلية كرئيس للدولة.
وذكرت صحيفة الـ"غارديان" البريطانية، أنه بعد رفض الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، التخلي عن منصبه وإمساكه بالقيادة العليا العسكرية، حافظ البيت الأبيض على شعار "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، ولكن لم يكن واضحا أي خيار من هذه الخيارات سينجح في نقل السلطة الحقيقة إلى خوان خواديو، والجمعية الوطنية التي تقودها المعارضة.
ولا يبدو أن التدخل العسكري يخضع لاعتبارات جادة في الوقت الحالي، حيث أخبر مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية "راديو صوت أميركا"، أنهم لم يتلقوا أي تعليمات بشأن عمليات انتشار جديدة.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، إن "الأولوية الفورية هي تحويل العائدات من حكومة مادورو إلى خوايدو"، ولكنه اعترف بأنها "عملية معقدة للغاية". وأضاف بولتون:" نتطلع إلى الكثير من الأشياء المختلفة التي يجب علينا القيام بها، ولكن هذا يدخل في العملية."
اقرا ايضَا:
تجدد التظاهرات في كاراكاس ضد الرئيس نيكولاس مادورو
وأعطت ملاحظاته ثقلا لمقترحات الإدارة والتي لم تكن عملت بشكل كامل على ما يجب القيام به في اليوم الثاني من مناوراتها الطموحة لتغيير النظام الفنزويلي، حيث يمكن تجميد الأصول الفنزويلية في الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تدعم خوايدو، ونقلها رسميا إلى الحكومة المؤقتة للجمعية الوطنية، وبحسب ما ورد فإن خوايدو يخطط لتولي السيطرة على شركة "سيغو"، وهي شركة لتكرير النفط مقرها الولايات المتحدة تابعة لشركة النفط الحكومية الفنزويلية.
كما عين خوايدو سفيرا لدى منظمة الدول الأميركية في واشنطن، وهو محام وسياسي سابق، هو غوستافو تاري، وهناك خطط لتسمية سفراء آخرين للدول الصديقة للمعارضة.
وتعد مشكلة خوايدو وداعميه الأجانب، هي كيفية تحويل الأصول في الخارج إلى قوة حقيقية داخل فنزويلا، دون السيطرة على القوات المسلحة أو المصارف أو الموانئ.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن الولايات المتحدة مستعدة لإرسال 20 مليون دولار كمساعدات إنسانية، مضيفا أنه سيتم تسليمها في أقرب وقت ممكن، وقد تكون عملية صرف المساعدات وتسليمها معقدة بسبب إغلاق الحكومة الأميركية، والصعوبات العملية التي تحول دون توصيل الغذاء والدواء إلى منطقة توجد فيها قوات أمن معادية لخوايدو.
وقال إيفان بريسكو، مدير برنامج مجموعة الأزمات لأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي:"يمكنك بدء محاولة تحريك الأصول الأجنبية وتدفق الدخل من الولايات المتحدة إلى أيدي الحكومة المؤقتة في عهد خوان خوايدو، لكن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان ذلك ممكنا."
وقال بريسكو:" يمكنك إنشاء حسابات مصرفية أجنبية، ولكن إذا وصل الأمر إلى قائدي المعارضة دون أي سيطرة لهم على القوى الأمنية، فإن ذلك يزيد فقط من مخاطر الاضطهاد والسجن."
وفي نفس الوقت، فإن الحظر النفطي الكامل المفروض على حكومة مادور سيكون له تأثير ضار على الاقتصاد الأميركي، حيث كتب تشيت تيمبسون، رئيس مصنعي الوقود الأميركي والصناعات البيتروكيمائية، رسالة إلى ترامب، يحذره من أن العقوبات على قطاع الطاقة في فنزويلا ستلحق الضرر بالشركات الأميركية والعمال والمستهلكين، في حين تخفق في معالجة القضايا الحقيقية جدا في فنزويلا.
ويوجد خيار آخر وهو تصنيف فنزويلا كونها دولة راعية للتطرف، وهو أمر من شأنه زيادة العقوبات وحظر السفر، ولكن سيكون من الصعب تبرير الحقائق، ومن غير المحتمل أن يكون لها تأثير خطير على دائرة مادورو الداخلية، والذين يخضعون بالفعل إلى عقوبات أميركية واسعة النطاق.
وقال موسيس ريندون، المدير المساعد لبرنامج الأميركتيين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن الإدارة الأميركية كانت محقة في تقديم أقصى دعم للجمعية الوطنية في وقت الاحتجاجات الشعبية في الشوارع، وفي محاولة المعارضة الأخيرة لفرض العودة إلى الديمقراطية من خلال الوسائل السلمية.
وقال ريندون إن "نظام مادورو سيكون عرضة لفقد عائدات الولايات المتحدة من مبيعات النفط، حيث إن الولايات المتحدة هي واحدة من عدد قليل من العملاء الذين يدفعون بالعملة الصعبة". وأضاف:" سيكون مادورو في ظروف مالية صعبة، وروسيا ليس لديها نطاق لدعمه، كما أن الصين قلقة بشأن القروض السابقة التي لم يتم سدادها، هناك ضغط غير مسبوق على مادورو، ولم ير ضغوطا محلية ودولي متزامنة ضده على هذا النحو."
ولكن ريندون رأى أن "مثل هذا الضغط يمثل مناورة عالية المخاطر، فإذا لم تنجح هذه الإجراءات وإذا نجا مادورو، يمكننا أن نرى نظاما معزولا مثل كوريا الشمالية، ولكن يعتمد على النفط والاتجار بالمخدرات".
وتطورت المواجهة حول السفارة الأميركية في كاراكاس، وأعطى مادورو مهلة للدبلوماسيين وعائلاتهم حتى بعد ظهر يوم السبت لمغادرة البلاد، في حين طلب منهم بومبيو البقاء، محذرا من الإجراءات المناسبة لمحاسبة أي شخص يعرض بعثة الولايات المتحدة وموظفيها للخطر. ومن غير الواضح، ما إذا تنوي الإدارة كما هو معتاد ترك موظفي السفارة رهائن محتملة وسط مواجهة متقلبة.
وبعد إشارة ديوسدادو كابيلو، حليف مادورو، إلى أن إمدادات الكهرباء أو الغاز إلى منطقة السفارات يمكن أن تنقطع، تساءل مسؤولون أميركيون سابقون عما إذا كانت حياة الدبلوماسيين وأسرهم معرضة للخطر بسبب مقامرة الإدارة، إذ ليلة الخميس، أمرت وزارة الخارجية جميع الموظفين الحكوميين غير الأساسيين بالخروج من فنزويلا.
وحين سئل ترامب عن سلامة الدبلوماسيين الأميركيين، يوم الخميس، قال:" ننظر إلى فنزويلا. إن الوضع محزن جدا." مشيرا إلى تحول فنزويلا من دولة غنية جدا إلى فقيرة جدا.
وقالت إيفا غولنغر، محامية وكاتبة أميركية فنزويلية، ومستشارة سابقة لهوغو شافيز، الرئيس الفنزويلي الراحل، "كان لدى ترامب شخصيا اهتمام قليل بفنزويلا"، وأضافت أنه "تم إقناعه باتخاذ إجراءات استثنائية ضد مادورو من قبل الصقور في إداراته والكونغرس، وخاصة السيناتور الجمهوري والمرشح الرئاسي السابق، ماركو روبيو".
ولفتت إلى أن "ترامب ليس لديه خطط، ومثل أي شيء آخر قام به ، فعل ذلك مع فنزويلا بتهور، وبهذه الطريقة هو مثل مادورو".
قد يهمك أيضًأ:الرئيس الفنزويلي نيكولا مادورو يريد نسف الاستفتاء ضده
أنصار الرئيس نيكولاس مادورو يدعون إلى تظاهرات مضادة فى فنزويلا