طوكيو ـ علي صيام
توشك الفنانة الطليعية يايوي كوساما على إضافة دفقة من اللون إلى ضاحية صغيرة في طوكيو مع افتتاح متحف مخصص للفنانة التي تبلغ من العمر 88 عامًا لعرض عملها الذي امتد لستة عقود وتضمن عشرات الآلاف من الأعمال الفنية، واجتذب المتحف ذو الخمسة طوابق، الذي يقع بين المباني السكنية فى الضواحى الغربية للعاصمة اليابانية اهتمامًا كبيرًا قبل افتتاحه الاحد.
وأجبر الاحتفاء العالمي بعرض الأعمال التي يعتقد الكثيرون بأنها من عصر كوساما الذهبي مالكي المتحف على تحديد عدد الزوار، ليدخل 50 شخصًا فقط للمرة لمدة 90 دقيقة، مع إتاحة دخول أربعة أفواج يوميًا، يجب أن تكون تلك المدة كافية للتعمق في عالم كوساما من التعبير التجريدي، من قطعتها الجديدة اليقطين المنحوت التي وُضعت في معرض المتحف على السطح، إلى العشرات من اللوحات، و"غرفة اللا نهاية" المليئة باليقطين المتوهج، وعلى الأغلب كانت مجرد مسألة وقت قبل أن تضع كوساما، التي ظهرت أعمالها في متحف تاتي موديرن، و بومبيدو في باريس ومتحف هيرشورن وحديقة النحت في واشنطن، اسمها على مكان يخصها حقًا.
ويعتمد عمل كوساما على تحويل هواجسها إلى لوحات وأعمال مبهرة بصريًا منذ أواخر الخمسينات في القرن الماضي عندما كانت جزءًا من المشهد الفني في نيويورك الذي أوجد الفنان أندى وارهول و الفنانة التي لها أكبر تأثير على كوساما جورجيا أوكيفي، ولكن اجتذبت أعمالها إعجابًا عالميًا في العقدين الماضيين فحسب، وحصلت على لقب الفنان المفضل في العالم لعام 2014، وفي العام ذاته باعت واحدة من لوحاتها بمبلغ 5,3 جنيهات إسترليني.
وتوفر المساحات المفتوحة في المتحف، والجدران البيضاء، والخطوط المنحنية، خلفية بسيطة لعرض عشرات الألوان واللوحات بالأسود والأبيض التي تغطي جدران المعرضين الرئيسيين، وبعيدًا عن الدرج يوجد باب يؤدي إلى أحدث غرفها من غرف اللا نهاية"، حيث يومض اليقطين المنقط في الظلام، معطيًا الزوار شعورًا بأنهم يقفون في وسط حقل لا نهاية له.
وقالت مديرة المتحف أكيرا تاتحاتا "نريد أن يأتي الناس ليشاهدوا الفن العظيم، وأيضًا ليتعلموا أكثر عن شخصية كوساما"، وأخبرت الفنانة المراسلين أنها لا تنوي الإبطاء في عملها، وقالت: "منذ سن الخامسة أو العاشرة، اعتدت الرسم من الصباح إلى الليل، وأضافت"حتى الآن، لا يمر يوم من دون أن أرسم".
وقابلت كوساما المراسلين في استوديو خاص بها بالقرب من المتحف محاطة بأكوام من اللوحات الملونة ذات الألوان الزاهية، وترتدي شعرها القرمزي المألوف وفستان برتقالي وأسود، وقالت إن رؤاها لنقاط البولكا لا تزال قوية اليوم كما كانت عندما رأتها لأول مرة في طفولتها في بلدة ماتسوموتو في جبال الألب اليابانية، فتقول: "ما زلت أرى الهلاوس حتى الآن، النقاط تأتي وتحلق في كل مكان - على ثوبي، الأرضية، الأشياء التي أحملها، في جميع أنحاء المنزل، السقف، وأنا أرسمها".
وفي عام 1957، غادرت كوساما، التي كانت في أواخر العشرين من عمرها، اليابان إلى الولايات المتحدة بعد مراسلات مطولة مع أوكيفي، وهناك سمحت لهواجسها بالتكرار والمضاعفة، ونظمت أعمالًا فنية أظهرت في بعض الأحيان مجموعة من الناس العارية المغطاة بنقاط البولكا، بعد أن خاب أملها بالحياة في نيويورك، عادت إلى اليابان في عام 1973 للحصول على علاج نفسي، وبعد عامين، دخلت بنفسها مؤسسة للصحة العقلية، حيث تعيش حتى يومنا هذا.
والمعرض الافتتاحي للمتحف يتألف معظمه من الأعمال الأخيرة لكوساما مقسمة إلى قسمين: المجموعة الأولى هي "روحي الخالدة"، تتكون من مجموعة من لوحات أكريليك كبيرة - بما في ذلك العديد من اللوحات التي لم تظهر من قبل – مرسومة بألوان نابضة بالحياة وبدأتها كوساما في عام 2009؛ والمجموعة الثانيية هي "الحب إلى الأبد"، تضم 50 ستارة من الحرير ذات رسومات بأقلام الماركر تظهر انبهارها بالتكرار والتراكم، وقالت كوساما "بكل الطرق أسعى لإغراق الإنسانية بحبي، أريد مجتمع رائع مت دون حرب" وأضافت "أريد أن أعيش كل يوم مع الحماس للقتال من أجل البشرية".