لندن - كاتيا حداد
تعد المدرجات من بين أقدم أشكال العمارة الحضرية، بداية من أولمبيا وصولًا إلى روما، حيث كانت تقع في وسط المدن الغربية، قبل الكاتدرائيات العظيمة في العصور الوسطى، ومحطات السكك الحديدة الخاصة بالثورة الصناعية.
وذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن هذه المدرجات اليوم تزيد من الشكوك، حيث إن تكاليف بنائها يمكن أن تزيد عن مليار جنيه إسترليني، وقد كانت مكانا لعقد الأحداث الكبرى مثل الألعاب الأولمبية، أو كأس العالم لكرة القدم، ولا يمكن إهمالها أو عدم استخدامها.
ولا يجب أن يكون الإهمال حال المدرجات، حيث يوضح التاريخ أن المدرجات يمكن أن تقود إلى التنمية الحضرية، والتكيف مع ثقافة كل عصر، وحتى اليوم، يجد المهندسون المعماريون والمخططون طرقا جديدة لتكييف المدرجات أحادية الوظيفة التي أصبحت رمزا للحادثة خلال القرن العشرين.
ويمكن أن يسع مدرج آرل، 25 ألف متفرج، وهو أفضل مثال على كيف يمكن أن تكون المدرجات متعددة الاستخدامات، وقد بنى الرومان المدرج في عام 90 ميلاديًا، وتحول إلى قرية تحتوي على أكثر من 200 منزل، و الاهتمام المتزايد بالحفاظ على البيئة خلال القرن 19، تم تحويله إلى ميدان لسباق الثيران.
وتم بناء مدرج فيرونا المهيب، ليسع إلى 30 ألف متفرج، قبل 60 عامًا من مدرج آرل، وبـ40 عاما قبل الكولوسيوم، لقد عانى لقرون، ولكنه يعتبر اليوم واحدا من معابد الأوبرا المقدسة، بفضل الصوتيات المعلقة.
وكشفت الأبحاث التي أجرتها تاسوك كورودا، من جامعة كانتو غاوكين، مدرج بيازا ديل أنفيتاترو، يسع لـ10 آلاف متفرج، وهو مثال آخر على أنه مدرج رائع ينسجم مع نسيج المدينة الإيطالية.
واستخدم بيازا بطرق متنوعة، حيث بيوت، مكان لتخزين الملح، وسجن، وبدلا من تحويله إلى ساحة، أصبح سوقا، صممه المهندس لورنزو نوتولني، وتيقى أنقاض المدرج جزءا لا يتجزأ من المحلات التجارية والمساكن المحيطة بالميدان العام.
وتوجد أوجه شبه بين الملاعب الحديثة والمدرجات القديمة المخصصة للألعاب، ولكن بعض من هذه المرونة في الساحات فقدت في بداية القرن العشرين، حيث تم تطوير المدرجات باستخدام مواد جديدة من الفولاذ والخرسانة المسلحة، واستفادت من الأضواء الساطعة للمباريات الليلية.
وتقع العديد من المدرجات الحديثة في مناطق الضواحي، المصممة للاستخدام الرياضي فقط وتحيط بها مواقف كبيرة من الخرسانة، هذه العوامل تعني أنها يمكن أن تكون أقل وصولا إلى عامة الناس، وتتطلب المزيد من الطاقة للتشغيل والمساهمة في زيادة درجات حرارة المدن.
ولكن مهندسين معماريين مثل زها حديد، وتويو أتو، يرون أنها تساعد في تحسين المدينة، ومن بين الاستراتيجيات الحالية، اثنان يحظيان بنجاحات خاصة، حيث المدرج كونه مركزا حضريا، ومحطة للطاقة.
ويوجد اتجاه متزايد إلى أن يتم تجهيز المدرجات بالأماكن العامة والخدمات التي تخدم وظيفة تتعدى الرياضة، مثل الفنادق ومنافذ البيع بالتجزئة ومراكز المؤتمرات والمطاعم والحانات وملاعب الأطفال والمساحات الخضراء.
ويؤدي إنشاء مشاريع متعددة الاستخدامات مثل هذا إلى تعزيز الاكتناز والوظائف المتعددة، مما يزيد من كفاءة استخدام الأراضي ويساعد على تجديد المساحات الحضرية.
وظهرت ظاهرة المدرجات كونها محطات للطاقة عن فكرة أنه يمكن التغلب على مشكلات الطاقة من خلال دمج المباني المترابطة عن طريق شبكة ذكية، وهي شبكة لتزويد الكهرباء تستخدم تكنولوجيا الاتصالات الرقمية للكشف عن التغيرات المحلية في الاستخدام والرد عليها. وتعتبر المدرجات مثالية لهذه الأغراض، لأن أعمدة الإنارة لديها مساحة كبيرة لتركيب الألواح الضوئية، وترتفع بدرجة كافية، أكثر من 40 مترا، حيث الاستفادة من توربينات الرياح الصغيرة.
ويعد إستاد فرايبورغ ماغ أول إستاد من الجيل الجديد لهذه الاستادات يولد الطاقة، ومن بين الاستادات الأخرى، أمستردام أرينا، وكاوشيونغ الوطني التايواني.
ويضم إستاد كاوشيونغ، الذي افتتح في عام 2009، 8844 لوحة ضوئية تنتج 1.14 غيغاوات من الكهرباء سنويا، وهذا يقلل من الإنتاج السنوي لثاني أكسيد الكربون بمقدار 660 طن، ويوفر ما يصل إلى 80% من المساحة المحيطة عند عدم استخدامها، هذا دليل على أن المدرجات يمكن أن تخدم المدن، ولها تأثير إيجابي من حيث الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وقد يهمك أيضًأ :مصلحة الآثار الليبية تعلن اكتشاف مقبرة تعود إلى العصور الرومانية في ترهونة