لندن - ماريا طبراني
تشير الأبحاث الحديثة والمثيرة إلى أن جراثيم التي توجد في الأمعاء يمكن أن تلعب دورًا مذهلًا في تحسين المزاج والصحة العقلية وأن تناول مكملات "البروبيوتيك" المكونة من البكتيريا الحية أو الخمائر يمكن أن تساعد ايضا، وأطلق على هذا الحقل الناشئ اسم "علم النفس الحيوي".
وتشير الإحصائيات إلى أن واحدًا من كل ستة منا يعاني حاليًا من حالة صحية عقلية مثل القلق أو الاكتئاب وفقا للجمعية الخيرية "MIND".
تأثير الأطعمة على المزاج
ويمكن أن تكون الأسباب التي تجعل الحالة في كثير من الأحيان معقدة والتي غالبًا ما تكون شاقة وموهنة، تحديًا كبيرًا وغالبًا ما تتضمن مجموعة من التدخلات بما في ذلك الأدوية والعلاجات مثل العلاج المعرفي السلوكي؛ ولكن هناك أمر واحد غالبًا ما يتم تجاهله وهو كيف يمكن أن يؤثر ما نأكله ونشربه بشكل كبير على مزاجنا وصحتنا العقلية.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، وفقًا للأبحاث "نحن جميعًا نقبل بأن ما نضعه في أجسادنا يمكن أن يشكل صحتنا الجسدية، لكن الغريب يبدو أننا أقل ادراكا بما يفعله لنا نفسيًا، ولكن الآن هناك مجموعة كبيرة من الأبحاث المثيرة التي تشير إلى أن المزيد من توازن البكتيريا المفيدة في أمعاءنا يمكن أن يساعد في تحسين المزاج، والقدرة على التعامل مع التوتر والقلق والاكتئاب.
جراثيم الأمعاء والدماغ
وتقول ميجان أرول أخصائي علم النفس في "Healthspan" والمؤلف المشارك لمتلازمة القولون العصبي "إن محور الدماغ-القناة الهضمية "BGA" هو نظام اتصال ثنائي الاتجاه بين جراثيم الأمعاء والدماغ وعندما نتحدث عن تفاعلات القناة الهضمية الدماغية ، غالبًا ما يشار إلي الجهاز العصبي المعوي في القناة الهضمية بالدماغ الصغير".
واضافت "إن المخ هو الأهم لموازنة الجهاز الهضمي والشهية والسيطرة على الوزن ولكن الأبحاث أظهرت أن تريليونات الكائنات الحية التي تعيش في أمعاءنا "الجراثيم" لها أيضًا دور رئيسي تلعبه في الحفاظ على الصحة، ما يعد تطور مثير حيث يمكننا التأثير بشكل فعال على بيئة الأمعاء التي تفتح ابوابا جديدة للعلاج".
وتقول الدكتور أرول ردًّا على التساؤلات بشأن إمكانية مساعدة الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد والقلق وربما الاكتئاب من خلال الاستثمار في الأطعمة والمكملات الحيوية، على الرغم من ازدياد الأبحاث، إلا أننا ما زلنا في المراحل المبكرة، وهناك العديد من الدراسات التي تجرى على الحيوانات ولكن لا يزال هناك عدد قليل من الدراسات البحثية البشرية. كما ان واحد من المرضى الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي والآخر مع أولئك الذين يعيشون مع متلازمة التعب المزمن أظهر أن تناول البروبيوتيك أدى إلى تحسين صحتهم النفسية".
وأظهرت تجربة أخرى من عام 2016 على 40 مريضا يعانون من اضطراب اكتئابي رئيسي أن الذين تناولوا مكملات البروبيوتيك على مدى ثمانية أسابيع أظهرت انخفاض كبير في أعراض الاكتئاب مقارنة مع ذويهم.
تأثير البيئة الخارجية
وأظهرت دراسات مختلفة بشأن البالغين الأصحاء الذين يتناولوا البروبايوتك تعزيز مزاجهم والمساعدة في جعلهم أكثر قدرة على التعامل مع التوتر والقلق؛ ولكن ما يعقد المشكلة هو أن جراثيم الأمعاء تتأثر ليس فقط بالحمية ولكن أيضًا ببيئتك الخارجية، وعمرك، ونوع الجنس، وأي أدوية تتناولها، وخيارات نمط الحياة "شرب الكحول، التدخين"، الإجهاد المتكرر، قلة النوم وما إلى ذلك".
كما تختلف بكتيريا الأمعاء اختلافًا كبيرًا من شخص لآخر، لذا فإن نوعًا واحدًا من الغذاء أو المكمل الحيوي الذي له تأثير مفيد على شخص ما قد لا يكون بنفس التأثير على آخر.
ومع ذلك، يبدو أن محاولة تحسين بكتيريا الأمعاء من خلال بعض الأطعمة أو المكملات الغذائية يجب أن يكون لها آثار مفيدة على صحتك بشكل عام.
الوجبات السريعة والاكتئاب
كما أظهرت الأبحاث أن الذين يعانون من الاكتئاب الذين يتناولون الكثير من الأغذية السريعة كان لديهم ميكروبيوم أقل تنوعا من أولئك الذين يأكلون نظام غذائي صحي وأكثر توازنا وكما يشير روب هوبسون ، رئيس قسم التغذية في Healthspan ، "نحن بحاجة إلى نظام غذائي متنوع لانتاج بكتيريا الأمعاء المتنوعة".
ويقول روب "إن النظام الغذائي التقليدي أو حمية البحر الأبيض المتوسط مع تركيزه على مجموعة واسعة من الفواكه والخضروات والمكسرات والبذور ومنتجات الألبان مثل الزبادي الطبيعي وبعض الأجبان مثل الفيتا والبقوليات والمأكولات البحرية وزيت الزيتون البكر الممتاز والزيتون هو نموذج للتغذية المثالية والتي تعمل على تنوع البكتريا بالامعاء".
كما أظهرت الدراسات أن اتباع هذه الحمية يزيد من بكتيريا الأمعاء المفيدة ويقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب.
ويُعتقد أن التأثيرات المجمعة لهذا النظام الغذائي المعتمد على النباتات بشكل كبير تحتوي على أحماض أوميجا 3 الدهنية المضادة للالتهابات (الموجودة في الأسماك والجوز والبذور) والفواكه والخضروات الغنية بالفيتامينات والمعادن والأحماض الدهنية المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة في زيت الزيتون تقدم بعض الحماية ضد الأمراض الاكتئابية.